حلب – الوكالات: تتفاقم معاناة سكان أحياء حلب الشرقية تحت وطأة الغارات الكثيفة التي تنفذها طائرات روسية وسورية منذ أيام، جراء ندرة الخبز والمواد الغذائية الرئيسية، والنقص في المستلزمات الطبية الضرورية، في وقت نددت فيه دول غربية بما وصفته «جرائم حرب» ترتكب في المدينة. وقال حسن ياسين، وهو أب لأربعة اطفال يقيم في حي الفردوس «تحملنا القصف على مدار السنوات الماضية، ولم ننزح من حلب إلى مكان آخر. واليوم بالإضافة إلى القصف يقوم النظام بتجويعنا»، مضيفا بغضب «لا يوجد شيء في السوق، والوضع يزداد سوءا يوماً بعد يوم». وأوضح الرجل الاربعيني بانفعال وهو يختبئ مع أسرته خوفا من الغارات في محل في أسفل المبنى الذي يقطن في الطابق الثالث منه «لا خبز ولا طعام ولا مياه صالحة للشرب»، متابعا «بتنا نأكل وجبة واحدة في اليوم، لم اشعر وأطفالي بالشبع منذ اسبوعين». لليلة الرابعة على التوالي، استهدفت عشرات الغارات بعد منتصف ليل الاحد الاثنين الأحياء الشرقية في مدينة حلب المحاصرة من قوات النظام السوري منذ نحو شهرين. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان القصف اسفر الاثنين عن مقتل 12 مدنيا، ما يرفع حصيلة القتلى منذ اعلان الجيش السوري الخميس بدء هجوم على الاحياء الشرقية للمدينة بهدف استعادة السيطرة عليها إلى 140 قتيلا على الاقل معظمهم من المدنيين. وقال مراسل لفرانس برس في الاحياء الشرقية ان الغارات اشتدت فجرا، وخصوصا في حيي سيف الدولة والمشهد حيث تسببت باندلاع حرائق كبيرة. وتزداد معاناة نحو 250 ألف شخص يقيمون في الاحياء الشرقية مع شح إضافي في المواد الغذائية الرئيسية وارتفاع أسعار ما توافر منها. وتسببت الغارات بتوقف محطة ضخ مياه رئيسية عن العمل السبت، وفق ما أعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة «يونيسف». وقبل حملة القصف الاخيرة، كان عدد كبير من السكان يعتمد جزئيا على وجبات العدس والبرغل والارز التي تعدها جمعيات خيرية تتوزع على احياء عدة. لكن هذه الجمعيات أوقفت عملها جراء كثافة الغارات، وفق مراسل فرانس برس، وخصوصا بعد استهداف طابور من الناس أمام مخزن لشراء اللبن يوم الاحد في حي بستان القصر، ما تسبب بمقتل سبعة اشخاص على الاقل، وفق المرصد. ولم تدخل اي مساعدات انسانية إلى شرق حلب منذ نحو شهرين، في وقت لا تزال قافلة انسانية تابعة للامم المتحدة تنتظر عند الحدود التركية السورية فتح طريق لها إلى حلب الشرقية. وترتب الحملة الجوية الكثيفة ضغطا اضافيا على المشافي الرئيسية البالغ عددها ثلاثة. وذكر مصدر طبي أن المشافي العاملة «تعاني ضغطا هائلا جراء العدد الكبير من الجرحى والنقص الحاصل في اكياس الدم». وأضاف ان «اقسام العناية المشددة بات ممتلئة بالمصابين ويجري كل مشفى ثلاثين عملية جراحية في اليوم الواحد منذ بدء الغارات». ومع تعرض العشرات لاصابات خصوصا في الأطراف تزداد وطأة عدم وجود جراحين متخصصين في الشرايين والاوعية الدموية في شرق المدينة. ويقول المصدر الطبي «جراء هذا الواقع، يتم التعامل مع الاصابات الخطيرة بعمليات بتر فورا». وتتعرض دمشق وموسكو لانتقادات دولية قاسية في ضوء التصعيد الاخير، ندد بها الكرملين امس. وخلال اجتماع طارئ عقده مجلس الامن حول سوريا يوم الاحد بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، اتهمت سفيرة الولايات المتحدة سامنثا باور موسكو بأنها «تدعم نظاما قاتلا وتتمادى في الاستفادة» من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الامن. واعتبر السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر ان «جرائم حرب» ترتكب في حلب، ويجب «الا تبقى من دون عقاب». وندد السفير البريطاني ماتيو رايكروفت بـ«الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب، متطرقا إلى احتمال اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكانت محاولة مجلس الامن الاخيرة للجوء إلى هذه المحكمة تعرقلت بسبب فيتو روسي. وسأل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يوم الاحد «الى متى سيسمح جميع من لهم تأثير (في النزاع السوري) باستمرار هذه الوحشية؟». ورد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف امس الاثنين على هذه الاتهامات، قائلا ان «النبرة العامة وخطاب مندوبي بريطانيا والولايات المتحدة غير مقبولين ويضران بعلاقاتنا»، مضيفا ان الوضع في سوريا «معقد بشكل استثنائي» معربا عن الاسف لانه «لم يتم حتى الان الفصل بين ما تسمى المعارضة المعتدلة والارهابيين». في مناطق اخرى تم ادخال مساعدات يوم الاحد للمرة الاولى منذ ستة اشهر إلى اربع مناطق محاصرة هي مضايا والزبداني اللتين تحاصرهما القوات السورية في محافظة دمشق والفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما فصائل معارضة في محافظة ادلب (شمال غرب) بحسب الاتحاد الدولي للصليب الأحمر. في حمص (وسط) خرج امس 131 مقاتلا معارضا مع عائلاتهم من حي الوعر آخر معقل للفصائل المقاتلة في المدينة، وفق ما أعلن مصدر في المحافظة، وذلك للمرة الثالثة منذ بدء تطبيق اتفاق بين الحكومة والمعارضة المسلحة في ديسمبر الماضي.
مشاركة :