الأقوال الفصيحة في وصف مجتمع النصيحة | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 3/1/2014
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

إنَّ المُتَابِع لكَلام كَثير مِن السّعوديِّين والسّعوديّات؛ سيَلحظ انتشَار ظَاهرة الوَعظ، وإسدَاء النَّصائِح، والتَّسرُّع في الأحكَام، وإصدَار الفَتَاوَى..! تَأمَّلوا مَعي هَذا المَشهد: كُنتُ ذَات مَرَّة عِند الحلَّاق، فدَخَل «زبُون» يَبدو أنَّه يَتعَامل مَع هَذا الحلَّاق؛ مُنذ زَمنٍ طَويل، ويَعرف العَاملين لَديه، فسَأَلَ: أين «حَسَن»؟ فقَالوا لَه: إنَّ «حَسَن» ذَهَبَ ليَستقبل قَريباً لَه؛ أتَى مِن الخَارِج، حِينَها وبشَكلٍ مُبَاشر، أصدر الزّبون حُكماً، وقَال: هَذا لَا يَجوز، لأنَّه وَقت الدّوَام... انتَهت القصّة..! مَشهدٌ آخَر: كُنَّا في مَجلس مِن المَجَالِس العامَّة، فسَأَل أحدُهم رَجُلاً كَان يَجلس بجوَاره: أين تَعمل؟ فأجَابَه: أعمَل في البَنك، فقَال السَّائل: الله يهديك، اسمَع كَلَامي، فأنَا لَكَ نَاصِحٌ أَمين، اترُك البَنك لأنَّه قَائِم عَلى الرِّبَا، والرِّبَا حَرَام... انتَهت القصّة..! وكُنتُ ذَات مَرَّة في مَجلسٍ آخَر، وكَان أحدُهم يَتحدَّث عَن طمُوحَاته وآمَاله، وأنَّه سيُواصل درَاسَاتهِ العُليا في مَجال الهَندسة، فقَفَزَ أحد الحضُور مِن أصحَابِ الكَلَام المَجّاني -بدون أن يُطلب مِنه- قَائلاً: أنصَحك بأنَّ لا تُواصل درَاستك، لأنَّ الشَّهَادَات العُليا لا قِيمة لَهَا، كَمَا أنَّ تَخصُّصك لا يَجلب لَكَ دَخلاً كَبيراً، لذَلك فكّر في درَاسة القَانون والمُحَامَاة، لأنَّها مِن التَّخصُّصات التي تَدر عَليك رِزقاً كَثيراً..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: لمَاذا نَحنُ مُجتمع مُولع بالوَعظ، وإسدَاء النّصائِح، ومُمَارسة الوصَاية عَلى الآخرين، وكَأنَّنا أَعْرَف بدُنيَاهم مِنهم..؟! حَقًّا، لقَد صَدَق الفيلسُوف حِين سَألوه قَائلين: مَا أسهَل عَمَل في الحيَاة؟ فقَال: أسهَل عَمَل أن تَنصح الآخرين؟ وحِين سَألوه: مَا أصعَب الأعمَال؟ قَال: أصعَب الأعمَال أنَّ تُطبّق نَصائِحك للنَّاس عَلى نَفسك..! أخيراً أقُول: في مُجتَمعنا يَبدو –والله أعلَم- أنَّ في دَاخِل كُلّ وَاحد مِنّا وَاعِظاً صَغيراً، أو نَاصحاً نَحريراً..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :