أنت تنويري؟ إذن أنت تنكره! "1" نتيجة لما وصلت إليه الحضارة الغربية من نجاحات علمية وتقنية، فقد رأى البعض أن يسلك نفس مسلك الغربيين ليصل إلى نفس النتيجة النهائية من تقدم ورقي، غير عابئ بالفروق الثقافية والتاريخية بين مجتمعه والمجتمعات الغربية، حتى وصل الأمر إلى مطالبتهم بمسخ ثقافة المجتمع كليّاً باعتبارها سبباً في الجهل والتخلف، ومن ثم نسخ الثقافة والحضارة الغربية لتعويض هذا الفراغ الثقافي. هؤلاء يطلقون على أنفسهم "تنويريين". "2" تريد أن تكون تنويريّاً؟ حسناً، إليك الوصفة السحرية: شكك في الثوابت الدينية، الثوابت الدينية عقبة جهل رئيسية في الوصول لنور الحضارة، ويا حبذا أن تكون ملحداً لكي تكتمل الحلقة، استخدم سلاح "السخرية" بشكل دائم، فهو سلاح فعال، ولا تخَف لن يصدك أحد من أتباع الدين، فقد وصلوا لمراحل ما بعد الحضيض. "اكسر أصنامك".. تستطيع أن تتخذه "هاشتاجاً" مميزاً تكتب تحت غطائه كل خرفك الفكري، البعض ستبهره فكرة تكسير الأصنام والتمرد على ما ستسميه لاحقاً بـ"التقاليد البالية"، شيء عظيم حقّاً أن تشعر بأنك حر وسط مجتمع من العبيد. لا "أصنام" لديك لتعبدها، حسناً فلتبدأ إذن. اسخر من الحجاب والمحجبات، ما هذه الخرقة البالية التي توضع على الرأس؟ إنها سبب رئيسي من أسباب التخلف الذي وصلنا إليه. دعك من النقاش الدائر حول فرضية الحجاب من عدمه، فتلك ليست أرضك التي تقف عليها، أنت هنا لـ"تكسر أصنامك" فلا مجال لذكر الدين. تذكر أنك دائماً ما تطالب بالحرية في كل شيء، ولا سيما حرية التصرف في جسدك بالتعري أو بممارسة الجنس دون رابط، قلت لك من قبل إنك ستصير "متمرداً قد الدنيا". طالب المجتمع المتخلف بحرية ارتداء المايوهات على الشواطئ دون خوف، ولكن تذكر أن هذه الحرية التي تصدح بها يخرج منها حرية ارتداء الحجاب المتخلف! "3" سبَّ واشتم كل من يطالب بنموذج وبرنامج عمر بن عبد العزيز في الإصلاح. إنهم عقبة فعلية للوصول إلى رفعة المجتمع، فما جدوى المطالبة بالمساواة بين الفقراء والأغنياء؟ وما جدوى النضال من أجل الدفاع عن حقوق العمال؟ هل تساوي بين من يملك المال لينشئ مصنعاً يزيد به الإنتاج بعامل متخلف جاهل؟ كيف تثقل كاهل صاحب المال - هذا الملاك الحضاري البريء - بمطالبات مثل "رفع المرتبات"، و"المشاركة في الأرباح"، و"التأمين الصحي والاجتماعي" لهؤلاء الحثالة؟ تقول المشاركة في الأرباح؟ وهل يقوم هو بإنشاء المصانع وتحمل تبعات المكسب والخسارة من أجل أن يشاركه عامل لا يمتلك أي موهبة سوى أنه قطعة جامدة تنفذ ما يطلب منها؟! طالِب دائماً بتشجيع الاستثمار، الجميع يطلب تشجيع الاستثمار، لكنك غيرهم، أنت تمتلك في رأسك كشافاً كهربيّاً يضيء للمجتمع طريقه إلى المجد، ولذلك فمطالبتك ستخلو من مطالب البعض بضرورة تطبيق قانون العمل الإسلامي، بل وربما أنت ترى إلغاء قانون العمل من الأصل. ستخلو مطالبك بضرورة وضع قيود على سحب القروض من البنوك. ما هذا الهراء؟ دعه يعمل دعه يمر. شجع الاستثمار، ودافع عن الدولة التي تقف في صف رجال الأعمال، ما الضرر في أن يحصل رجل الأعمال على الأراضي بثمن بخس، أو أن تصل إليه الخدمات بلا ثمن، أو حتى من أن يحصل على دعم في الطاقة والكهرباء؟ ملحوظة: تناسَ هنا أنك تطالب برفع الدعم عن الفقراء، فهذه نقرة، وتلك نقرة أخرى. "4" سبَّ الفقراء والمعدمين وساكني العشوائيات، ليس لديهم أي موهبة في الحياة، وتسبب غباؤهم في أن يظلوا معدمين فقراء عالة على غيرهم. هم كسالى لا يعملون ولا ينتجون ولا يقدمون شيئاً في خدمة الحضارة العالمية. تستطيع أن تغض الطرف عن أن بعض هؤلاء يعملون أكثر من "شغلانة" في اليوم الواحد، أو أن تقول إنهم لا يختارون "الشغلانة" الصحيحة، مع وصلة من السباب في انعدام الطموح لديهم. اربط كل هذا بوجود الدعم، ومن ثم طالب بإلغائه، فهذا الفقير الكسول المعدم سيظل هكذا في كسله طالما أنه يعالج في المستشفيات الحكومية دون مقابل. يقولون إن الدعم في الصحة قليل من الأصل؟ حسناً فهذا شيء جيد، وخطوة على طريق إلغائه تماماً. يقولون إن عدد القتلى في مستشفيات وزارة الصحة يتعدى قتلى الحروب في كل يوم نتيجة انعدام الرعاية الصحية؟ يا لها من أخبار سارة. هكذا يقول منهج التنوير. فما جدوى أن يعيش هؤلاء الفقراء عالة في هذه الحياة دون أي إنجاز يذكر في مسيرة الحضارة الإنسانية؟ وماذا سوف يذكر لهم بعد موتهم إن مات مائة منهم أو ألف أو حتى عشرات الآلاف؟ لن يشعر العالم بهم. إنهم يتخذون من فقرهم وسيلة لابتزاز غيرهم من الأغنياء الأذكياء الذين يعملون وينتجون. إذا آمنت بذلك فأبشر، قد يرى أصحابك هذا الكشاف الكهربائي في جبهتك حينما تسير معهم. الأمر موصول أيضاً بالتعليم، فمدارس تعليم الفقراء دون مقابل لا تخرج إلا مزيداً من الجهل والتخلف. تستطيع أن تستعين بإحصائيات الأمم المتحدة حول أوضاع التعليم في مصر (نموذجاً). الكل يعلم تلك المآسي، ولكنك أنت - صاحب الكشاف في جبهتك - غيرهم. أنت متميز، وتحرق نفسك في خدمة الآخرين، هم يطالبون الدولة بمزيد من الدعم والرعاية، ولكنك تكسر تلك الأصنام، وتطلب من الدولة أن ترفعها كلها. لا تعبأ بهذا الكلام العاطفي حول سخافات تسمى "الحق في التعليم"، أو "الحق في الرعاية الصحية". هذا كلام "محششين"، هل يصح لتنويري فظيع شنيع مريع مثلك أن يكون (محشش)؟ دعهم في هرائهم واستمر في نضالك حول مجتمع منتج متقدم يواكب الحضارة، حتى لو على حساب جماجم الفقراء! "5" ساند دولة البطش والديكتاتورية في كل شيء، فهذا هو السبيل الوحيد للقضاء على الإسلاميين والظلاميين وأصحاب الخطط الإصلاحية الذين يخرجون الناس من النور إلى الظلمات. عليك أن تشجع كل ما يقوم به بطش الدولة العسكرية والملكية مع معارضيها، فتشجع القتل الحادث في الشوارع والجامعات ومساكن الطلبة، وتهلل لقتل آلاف من البشر في عدة ساعات من النهار في فض اعتصام خصومك السياسيين وملء السجون بالمعارضين. اعلم أنك من القائلين بضرورة تطبيق دولة القانون، وحرية التعبير والرأي، لكن الأمر مختلف هنا. هؤلاء أغيار يحق عليهم أي شيء، دماؤهم ونساؤهم وأطفالهم حلال لرصاصات دولة القمع. يمكنك أيضاً - في معرض دفاعك عن القمع - أن تطلق عليه اسماً رناناً، فلتقل شيئاً مثل "القمع المحافظ"، و"الله يعز الحكومة" و"حماة الديار" ثم تستمر في الدفاع عن قتل هؤلاء الأغيار الإرهابيين دون محاكمة أو قانون. تقول قوانين ومحاكمات؟ أذكرك مرة أخرى بأن هذا كلام "محششين"، بينما أنت تنويري يحمل كشافاً للمجد في جبهته. السلطة العسكرية هي الطريق لدولة مدنية إسلامية.والملكية هي أساس العدل، هذا هو البديل لدولة الإسلاميين وأصحاب المشروع الإصلاحي. ستحدث أشياء لا يمكنك تبريرها، مثل أن يموت شباب في السجن ولم تثبت عليه أية تهمة، أو أن تسجن عائلات بأكملها في مهلكة آل سعود؛ ﻷن أحد أفراد هذه العائلة كان مجاهداً. لا تبتئس فهناك حل: "كأن تقول لماذا لا يثقف نفسه ويعرف ما له وما عليه؟"، تستطيع أن تبدأ كلامك على مواقع التواصل بهذا السؤال، ثم تتبجح بزيادة في أن تطلب من الدولة أن تأخذ من أهاليهم الأموال التي تم إنفاقها لعودة جثثهم بعد موتهم. فـ(المجاهدون) رغم أنهم دفنوا في بلد غريب وﻻ تزال عائلاتهم رهن الاعتقال التعسفي. هناك أيضاً سيدة في وضع الولادة وضعت الكلبشات في يدها وهي على سرير المرض. تهيج الدنيا على الدولة وبطشها الذي لم يرحم ضعفها، سر عكس التيار، وكن متمرداً واطلب من الدولة أن تأخذ الرضيع من حضانة أمه؛ لأنها أم غير مؤهلة لرعاية طفلها، هي المخطئة بلا شك! قدّس رجال دين متخصصين في النفاق، يتبعون الجهات الحكومية. "6" هل قمت بكل ما سبق؟ لا ينقصك الآن سوى سب الفتح الإسلامي الظلامي لشتى بقاع الأرض ووصمه بالاحتلال، بينما تصف الاحتلال الإنجليزي والفرنسي بالفتوحات الحضارية، وتغنَّى بجمال وحلاوة وروعة "الفتوحات الأوروبية" لبلادك. "7" هل قمت بذلك أيضاً؟.. تبقى خطوة واحدة لتحصل على ختم التنويري، قم بعمل "لايك" لكل صور البنات على فيسبوك.
مشاركة :