يهتم "نظام الكفيل" المعمول به منذ سنوات طويلة بتنظيم عمل العمالة الوافدة داخل "المملكة"، وهو نظام معمول به أيضاً في دول الخليج والعديد من دول العالم، ومع ذلك فإنَّ كثيرا من المواطنين والمقيمين يجهلون هذا النظام بشكل كامل، خاصة ما يتعلَّق بالحقوق والواجبات لطرفي العلاقة. ويدعو قِدم "نظام الكفيل" إلى إعادة مراجعته وتطويره بما يتوافق مع المستجدات الداخلية والدولية، أو أن يتم إلغاؤه وجعل الدولة هي الكفيل عوضاً عن ذلك، على أن يستقدم المواطن العمالة وفق شروط معينة وعقد محدد، كما أنَّه بالإمكان أيضاً إسناد أمر الكفالة إلى شركات متخصصة بدلاً عن الأفراد، على أن تكون مسؤولة عن حقوق العمالة أمام الجهات المعنية، إلى جانب المسؤولية عن تبعات ما قد يرتكبونه من مخالفات، وكذلك المطالبة بحقوقهم في حال تمَّ التعدِّي عليها من قبل صاحب العمل. عقد مركب وأوضح "محمد الشهري" -محام- أنَّ نظام الكفيل يُعنى بتنظيم إدخال الأشخاص غير المواطنين إلى "المملكة"، بحيث يكون الكفيل هو المسؤول الأول أمام الحكومة عن هذا المكفول، كما أنَّه هو المطالب والملزم في حالة حدوث أيّ أمر ضد مكفوله، مبيناً أنَّ المكفول يحصل على إقامة سارية المفعول مدفوعة الثمن لمدة إسناد الكفالة إلى «شركات متخصصة» يحملها مسؤولية حقوق العمالة وما يرتكبونه من مخالفات عام واحد على الأقل، على أن يعمل المكفول لدى كفيله، سواءً كان ذلك في شركة أو مؤسسة أو منزل. وأشار إلى أنَّ كفالة الاستقدام عبارة عن عقد مركب من عقدين، الأول هو عقد كفالة على النفس، أمَّا الآخر فهو عقد إجارة بين العامل وكفيله، مضيفاً أنَّه يهدف إلى تنظيم وفود العمالة إلى البلاد بحيث لا يدخل إليها إلاَّ أصحاب المهن والأعمال التي تحتاج إليها البلاد أو لا تتوافر في سوق العمل، وأن لا يعمل الوافد مستقلاً، وأن لا يعمل الأعمال الخاصة بالمواطنين، ومن ذلك ممارسة مهنة التجارة، فهذه هي المصلحة المراد تحقيقها بهذا النظام. شكاوى ومشاكل وأكد "الشهري" على أنَّ نظام الكفالة يحتاج إلى إضافة ما يمنع إساءة استعماله، خاصة إذا اختلف الكفيل والمكفول، مضيفاً أنَّ بعض الكفلاء إذا اختلف مع مكفوله يبقيه على كفالته ولا يتركه ينتقل إلى كفالة غيره؛ لأنَّ نظام الكفالة يتطلب موافقة الكفيل على نقل كفالته، مشيراً إلى أنَّه لن يوافق على ذلك في حال الاختلاف معه بطبيعة الحال، وقال :"يبدو أنَّ طلب موافقة الكفيل على نقل الكفالة حتى في حال الاختلاف، أيّ دون استثناء لهذه الحالة هو السبب في أكثر الشكاوى والمظالم الناتجة عن هذا النظام. نقل الكفالة ودعا "الشهري" إلى استثناء حال الاختلاف من نظام نقل الكفالة، خاصة إذا قضت الجهة المختصة بالنظر والحكم في الاختلاف بين الكفيل والمكفول بالحق للمكفول، لافتاً إلى أنَّ نقل الكفالة في هذه الحالة دون طلب موافقة الكفيل سيرفع الأذى الذي يقع على المكفولين نتيجة لذلك، مشدداً على أهمية إتاحة نقل الكفالة بعد سنوات محددة من العمل عند الكفيل حتى في حال عدم وجود اختلاف بين الكفيل والمكفول حينما يرغب المكفول في الانتقال لأسباب معينة. وأضاف أنَّ العلاقة بين الكفيل ومكفوله لابد أن تكون مبنية على الاحترام والإخلاص في العمل والأمانة والرفق بالعامل وعدم الخيانة من المكفول، مشدداً على ضرورة الإحسان إلى العامل، مستشهداً في هذا الشأن بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في شأن الخدم :"إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه ممَّا يلبس، ولا تُكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم". حق الوافد وبيّن "حسن الفيفي" -تاجر- أنَّ نظام الكفيل معمول به في العديد من الدول، مشيراً إلى أنَّه نظام تصدر على أساسه تأشيرات وإقامات الوافدين للعمل باسم الجهة التي سيعملون فيها، موضحاً أنَّ الكفيل في هذه الحالة هو الضامن والمسؤول عن تواجد هذا الوافد على أرض الدولة المعنية، إلى جانب مسؤوليته عن حقوقه والتزاماته، مؤكداً على أنَّ من عيوب هذا النظام أنَّه يُقيد حق الوافد في تغيير عمله إذا واجهته ظروف معينة، أو حينما يجد عرضاً أفضل، أيّ أنَّه يجعله أسيراً لجهة واحدة قد ترفض الموافقة له بذلك. سوق العمل ورأى "مزهر الفايز" أنَّ نظام الكفيل به عيوب كثيرة، داعياً الجهات المعنية إلى إلغائه وجعل الدولة هي الكفيل عوضاً عن ذلك، على أن يستقدم المواطن العمالة وفق شروط معينة وعقد محدد، لافتاً إلى أنَّ ذلك سيُمكن الدولة من استقدام العمالة حسب حاجة سوق العمل، وبالتالي تختفي العيوب الحالية لهذا النظام، لاسيما من بعض الكفلاء الذين يسيئون استخدام هذا النظام ضد العمالة، في ظل وجود العديد من الممارسات السلبية لبعض العمالة، ومن ذلك الهرب أو ارتكاب بعض الجرائم الجنائية التي يذهب الكفيل ضحية لتبعاتها. تطوير النظام ولفت "محمد الغامدي" -عقاري- إلى أنَّ نظام الكفيل معمول به في دول الخليج العربي والعديد من الدول العربية، متسائلاً عن جدوى انتقاد هذا النظام، خاصةً من قبل بعض المنظمات الخارجية ومن مواطني العديد من الدول العربية، مؤكداً على أنَّ هذا النظام يحقق ما فيه مصالح طرفي العلاقة وهما العامل وصاحب العمل، كما أنَّه يُنظِّم سوق العمل وأوضاع العمالة في "المملكة". وأشار إلى أنَّ بعض العمالة ووسائل إعلام خارجية يرددون بين الحين والآخر مقولة تشير إلى أنَّ حقوق العمالة أفضل في الدول الغربية منها في "المملكة"، بيد أنَّ الحقيقة تؤكد على أنَّ هذا الأمر عارٍ عن الصحة جملةً وتفصيلاً، لافتاً إلى أنَّ الأمر لو كان صحيحاً لحرصت تلك العمالة على العمل في تلك الدول بدلاً من توجهها إلى "المملكة"، داعياً إلى تطوير هذا النظام عبر إسناد الكفالة إلى شركات متخصصة بدلاً عن الأفراد، على أن تكون مسؤولة عن حقوق العمالة أمام السلطات المعنية، إلى جانب المسؤولية عن تبعات ما قد يرتكبونه من مخالفات، وكذلك المطالبة بحقوقهم في حال تمَّ التعدِّي عليها من قبل صاحب العمل. إلغاؤه ضرر وشدّد "الغامدي" على ضرورة بقاء هذا النظام، سواءً كان الكفيل فرداً أو مؤسسة أو حتى إحدى الجهات الحكومية، مشيراً إلى أنَّ إلغاءه سيُلحق الضرر بالوطن والمواطن، إلى جانب زيادة الكثافة السكانية في "المملكة" بشكل كبير، خاصة أنَّ "المملكة" تُعدُّ من الدول الجاذبة للعمل نتيجة المستوى الاقتصادي الجيد الذي تتمتع به مقارنة مع كثير من دول العالم الثالث، مبيناً أنَّ العديد من شباب الوطن سيتأثرون بشكل سلبي نتيجة تقلُّص فرص العمل المُتاحة لهم، إضافة إلى إلحاق الضرر باقتصادنا المحلي؛ بسبب خروج ملايين الريالات عبر أولئك العمالة على شكل تحويلات ضخمة إلى بلدانهم. حقوق العمالة وبيّن "سلمان الشهري" -معلم- أنَّ الهدف من نظام الكفيل هو أنَّه لابد أن يكون لدى صاحب العمل الذي يرغب في جلب عامل أجنبي إلى "المملكة" تصريح بذلك من جهة رسمية، وعلى ضوء هذا التصريح يستطيع استقدام هذه العمالة، مضيفاً أنَّ النظام الحالي يكفل العديد من الحقوق لصاحب الشركة أو المؤسسة أو حتى أصحاب الأعمال الصغيرة، ومنها أنَّ صاحب العمل من حقه أن يحتفظ بجواز سفر العامل ويُحدد مكان إقامته، كما أنَّ بإمكانه عدم السماح للعامل أن ينتقل إلى عمل آخر أو لصاحب عمل آخر إلا بعد موافقته. وأضاف أنَّ من بين تلك الحقوق أيضاً أنَّ العامل لا يستطيع أن يسافر أو يغادر البلد إلاَّ بإذن صاحب العمل، مشيراً إلى أنَّ هذه الأمور مجتمعة تحافظ على حقوق أصحاب الأعمال، في الوقت الذي لا تكفل فيه حقوق العمالة، موضحاً أنَّ حقوق المكفول تتمثل بالالتزام التام بما نص عليه العقد، وتسليمه راتبه في مواعيده الشهرية دون نقصان، وأن يُعامل بالإحسان إليه وفق ما حثَّ عليه ديننا الإسلامي الحنيف وما تفرضه قيمنا العربية والإسلامية من شيم تجاه الآخرين، وأن لا يُكلف ما لا يطيق أو يتم تكليفه بأعمال خارج نطاق ما تم استقدامه له.
مشاركة :