بعد أنباء عن أن زيارة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، إلى العاصمة العراقية بغداد الأسبوع الفائت كانت لبحث حقيبة وزارة الخارجية، ولتقريب وجهات النظر بين الإقليم والحكومة العراقية، نشرت وكالة الأنباء «رويترز» معلومات وصفتها بـ«الحصرية» عن اتفاق نفطي رعته واشنطن بين أربيل وبغداد، ونتج عنه بقاء القوات الكردية «البيشمركة» للقتال في الموصل ضد تنظيم داعش، بعد أن أبدت رغبتها في ذلك، وكان ذلك جزءا من دعم أميركي للحفاظ على خطة معركة الموصل من الانهيار. وقال المتحدث الإعلامي باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي، الدكتور سعد الحديثي، لـ«الشرق الأوسط، إنه تم الاتفاق خلال زيارة رئيس إقليم كردستان إلى بغداد لحل المشكلات والإشكاليات العالقة بين بغداد وأربيل في مسارين، الأول الذي يتعلق بمعركة الموصل، حيث تم الاتفاق بشكل نهائي على الآليات والأدوار، والمسار الثاني الأمور الأخرى بما فيها النفط، وحل الإشكال القائم بين الحكومتين، وهناك إطار عام سيحل خلال الأيام المقبلة بحضور خبراء من الجانبين ومنها النقل والتسليم وحصة الإقليم من الموازنة. وحسب الوكالة، فإن المبعوث الأميركي إلى العراق بريك مكجورك كان يتنقل بكثرة الأسابيع الفائتة بين بغداد وأربيل، بداية من أبريل (نيسان) من العام الجاري، حتى نتج عن هذه الرحلات المكوكية اتفاق على تقسيم إيرادات النفط بين الإقليم والعراق وأضافت المصادر الدبلوماسية، في حديثها لـ«رويترز»: «الاتفاق الخاص بتقسيم إيرادات النفط المبرم في أغسطس (آب) له أهمية حيوية لحمل الحكومة المركزية وحكومة الإقليم على تنسيق التخطيط من أجل الهجوم هذا الشهر على معقل التنظيم في الموصل التي تحاصرها قوات البيشمركة الكردية من ثلاث جهات». وقال مصدر رفيع مقرب من بارزاني: «لولا مكجورك لما تم هذه الاتفاق». وظل الخلاف على الإيرادات النفطية لبعض الحقول شمال العراق قائمًا لفترات طويلة. وفي أوائل عام 2014 خفضت بغداد الأموال المخصصة لإقليم كردستان الذي بدأ آنذاك تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي. وتقول مصادر في أربيل، إن حكومة بارزاني أبلغت مكجورك وبغداد أنها خسرت إيرادات قيمتها نحو مليار دولار منذ مارس (آذار)، لأن حقل كركوك يعيد ضخ نحو 150 ألف برميل يوميا في باطن الأرض بدلا من تصديرها مع بقية إنتاج إقليم كردستان البالغ نحو 450 ألف برميل يوميا إلى الأسواق العالمية عن طريق تركيا. ودفع ذلك كل الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق نهائي أعلن في أعقاب اجتماع عقد في 29 أغسطس في بغداد بين العبادي ومكجورك والبرزاني. وأدى ذلك إلى تحاشي انقسام أكبر في إقليم كردستان نفسه، حيث كانت السلطات التي تحكم كركوك من مدينة السليمانية تطلب شحن النفط إلى إيران بدلا من تركيا، وهو ما رفضته حكومتا أربيل وبغداد وكذلك واشنطن. وقال دبلوماسي غربي رفيع، إن انفراج الموقف ساهم في بدء حوار منفصل حول ترتيبات القوات لمعركة الموصل والحدود الداخلية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. وبعد الاتفاق، تدل المؤشرات أن الجيش العراقي سيبدأ التوجه نحو الموصل بنهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أمر لم يكون متصورا قبل بضعة أشهر. وزار البرزاني بغداد الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات في مؤشر على تحسن العلاقات. المبعوث الأميركي الذي قاد الصفقة، له باع طويل في التعامل مع الأطراف العراقية، فقد ساعد بوصفه مستشارا لواشنطن في صياغة دستور مؤقت والإشراف على انتقال الحكم إلى حكومة عراقية مؤقتة. ونادى مكجورك بزيادة أعداد القوات الأميركية، وهي السياسة التي ينسب إليها الفضل جزئيا في وقف العنف الطائفي الذي بلغ ذروته في العراق في عامي 2006 و2007. وعندما اجتاح «داعش» ثلث الأراضي العراقية منتصف 2014 لعب دورا في الدفع برئيس الوزراء العبادي إلى السلطة لمعالجة هذا الخطر. وفي السنة الأخيرة جاب مكجورك، الذي تعذر الاتصال به للحصول على تعليق منه، مختلف أنحاء العالم لتنفيذ سياسة إدارة أوباما الرامية لإنزال الهزيمة بالمتطرفين، بما في ذلك الحفاظ على وحدة العراق الذي يقول بعض المراقبين إنه أكثر انقساما من أي وقت مضى. لكن متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد ردت حول الاتفاق النفطي الأخير بقولها: «نحن ننسب للحكومة العراقية الفضل كله في هذا الاتفاق».
مشاركة :