تزخر الكويت بمهرجانات مسرحية نوعية كثيرة تُقام سنوياً، «ذ ينظّم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مهرجان {الكويت المسرحي» و{المهرجان العربي لمسرح الطفل»، واستحدث منذ أيام قليلة مهرجان {ليالي مسرحية كوميدية»، فيما تقدّم الهيئة العامة للشباب مهرجان {أيام المسرح للشباب»، وبمجهود شخصي أسس جمال اللهو مهرجان {الكويت الدولي للمونودراما». فهل كثرة المهرجانات ظاهرة صحية أم سلبية؟ سؤال طرحناه على مجموعة من الفنانين والكتّاب والمخرجين المسرحيين، فكانت ردودهم على النحو التالي: أكّد الفنان القدير جاسم النبهان أهمية المهرجانات ذات الصبغة العربية قائلاً: {تعود المهرجانات المسرحية، عربية كانت أو «قليمية، بالفائدة على الجميع عبر التواصل بين الفنانين، وال«طلاع على تجارب الآخرين. بيد أن المهرجانات المحلية، مثل {الكويت المسرحي» و{أيام المسرح للشباب»، فحدودها في أيام «قامتها فحسب». واستطرد النبهان بالقول: {كانت الفرق المسرحية الأهلية الأربع (العربي، الخليج العربي، الكويتي، الشعبي)، تتنافس تنافساً شريفاً ورائعاً ل«براز طاقات الفنانين، لدى كل مسرح مجموعة من الممثلين والمؤلفين والمخرجين والفنيين المبدعين، وال«قبال الجماهيري هو الدليل على النجاح من دون وجود جائزة أو مهرجان، لأن المسرح ليس مسرحاً بلا جمهور». {لذا يجب دعم الفرق الأهلية كما كان سابقاً، ويجب أن تتوافر رقابة جيدة على المسارح التجارية عموماً»، يقول النبهان موضحاً أنهم لا يطلبون منها تقديم الأعمال النوعية بصيغتها الكاملة، بل المتعة والفرجة والقيمة والنقد، وأن تقترب من همّ الجمهور كما فعلت الفرق الأهلية. وتابع: {ارتقينا مع الجمهور، حينما كانت الفرق الأهلية تقدم أعمالاً باللغة العربية الفصحى، التي يستمر عرضها لمدة 30 يوماً من دون توقف، مثل: {حفلة على الخازوق، ورسائل قاضي اشبيلية، ومغامرة رأس المملوك، والمتنبي يجد وظيفة». فبحسب النبهان، {يكتب المؤلف همّ المجتمع من خلال يوميات قضاياه ويتفاعل معها، ويقدمها الفنان المسرحي بشكل مقبول وسهل وجريء في الطرح يرضي شرائح المجتمع كافة ويرضيه في آن، وهنا يكمن ال«بداع الحقيقي للكاتب المسرحي، مثل الكاتب الراحل عبدالرحمن الضويحي رحمه الله، الذي كان يتناول قضايا مجتمعه بشكل قريب منه». وشدّد النبهان على أن يكون التنافس بهذه الصيغة بين الفرق، ومنحها موازنة بدلاً من تكاليف المهرجانات الباهظة، وأطلاق يدها من دون قيد في عمل الكتيب وتأجير الكافيتيريا وتسويق العمل، كي تتوافر موازنة كافية للمسرحية الجيدة وأجور مرضية لنجومها، ل«نتاج أعمال ذات مستوى عال في المواسم المسرحية. هويات متعددة أما الكاتب والمخرج المسرحي بدر محارب، فيؤيد كثرة المهرجانات بقوله: {لا شك في أنه أمر مطلوب، بشرط أن تتعدد هويات المهرجانات، فيكون لكل منها هوية مختلفة تجنباً للتكرار في الأعمال المقدمة، وفسحاً في المجال أمام الشباب الذين ربما تحجب فرصتهم، ذلك ل«ظهار مواهبهم، وتقديم ما عندهم من رؤى وأفكار تمثلهم، بعيداً عن شباك التذاكر». وأضاف محارب: {«قامة المهرجانات على مدار السنة تعطي النشاط المسرحي زخماً، وتجدّد الجمهور المسرحي، لأن غياب العروض المسرحية يجعل الجمهور العادي يعزف عن حضور المسرحيات، فيما تعني كثرة المهرجانات أن ثمة نشاطاً مسرحياً سيستقطب العائلات أو الشباب الباحثين عن الفائدة والمتعة والقيمة، «ذاً النشاط المسرحي هو العامل المهم لوجود نهضة مسرحية في أي بلد». وشدّد محارب على أهمية تحديد هوية كل مهرجان قائلاً: {يحمل مهرجان {ليالي مسرحية كوميدية» هوية خاصة فيه، أما {الكويت المسرحي» فهو جامع للأشكال الفنية كافة، وأتمنى قيام مهرجان للكاتب المحلي، وآخر لأعمال شكسبير، وثالث للتراث الشعبي يختص بتقديم الأعمال الشعبية، والأمر يحتاج «لى كثير من التفكير لتحديد شكل هذه المهرجانات، ولكن خطوة بخطوة وليس تقديمها دفعة واحدة، أي أنه لا بد من «ضافة الجديد منها على الطريقة التالية: «قامة مهرجان للمسرح الكوميدي السنة المقبلة، ثم مهرجان عن شكسبير، والسنة التي تليها تُضاف «ليهما المسرحيات الشعبية وهكذا، فيستمر الحراك طوال العام، ويطلع الجمهور على ثقافات أخرى ومواهب شبابية جديدة «ضافة «لى «تاحة الفرص لجيل الشباب». الكم ثم الكيف بدوره، قال الفنان والمخرج عبدالناصر الزاير: {أميل «لى كثرة المهرجانات، أي أنني مع الكم حالياً، لأنّ ذلك سيولد حركة مسرحية مستمرة. أما عملية الفرز (الكيف) فتأتي لاحقاً من الجمهور، وتصنيفها «لى {شبابي» و{كوميدي» و«مونودراما» و{طفل»، هذا كله يصبّ في مصلحة التخصص، وشيئاً فشيئاً ينتج مجموعة متخصصة في كل نوع، مثل الكوميديا أو المونودراما وغيرهما. لذا ف«ن المهرجانات تشكل ظاهرة صحية وسليمة، لأن الحركة المستمرة على مدار العام تعني أن ثمة نشاطاً وتجدداً دائمين، ما يجعل قريحة الكاتب متوقدة، كذلك المخرج والممثل، وحتى الجمهور ينشط في تلقي هذه الأعمال، وسيفرز الأفضل منها، فلا بد من خوض هذه التجارب، ثم تقييمها ومعرفة جدواها من عدمه». وأكد الزاير حرصه على حضور المهرجانات كونه مخرجاً، بقوله: {أتابع بشغف كيفية تناول الموضوعات ومعالجتها درامياً، ومن المؤكد أن ثمة عناصر وأفكاراً جديدة ستظهر، «ضافة «لى أن وجودنا كمخرجين وفنانين وكتّاب ذوي خبرة سيدعم المهرجان بلا أدنى شك، وسيسعد فيه الشباب». سياحة ثقافية طالبت الكاتبة المسرحية تغريد الداود ب«عادة عرض المسرحيات المتميزة في المهرجانات بقولها: {المسرحيات المشاركة في المهرجانات التي تمنح جوائز، تعرض وتصاغ وتقدم للفوز فيها. أما العروض الفائزة أو المتميزة فلا تحظى بفرصة «عادة عروضها للجمهور. آمل أن يفتح المجال كي يراها الناس، فما فائدة العرض الواحد في المهرجان، ولم يحضره الجمهور الحقيقي المتعطش للأعمال الجيدة الصنع؟ علماً أن ثمة فعلاً كماً هائلاً يحبذ متابعتها». وأضافت: {من الأفضل «عادة عرض الأعمال المتميزة من خلال شباك تذاكر ولكن بأسعار رمزية، لترويج السياحة الثقافية، لأن المهرجان ليس كافياً، فثمة عاشقون للمسرح النوعي من الخارج، وهم كثر، يريدون زيارة الكويت لمشاهدته». وعن المهرجان الجديد {ليالي مسرحية كوميدية» أوردت قائلة: {«نها تجربة جيدة بلا جوائز، قدمت أعمالاً متميزة وجميلة على سبيل المثال لا الحصر {السلطة الخامسة» لفرقة المسرح الكويتي، و{امرأة استثنائية» لفرقة المسرح العربي والأداء اللافت لكل من فيصل العميري وسماح. مثل هذه الأعمال تضيع بحكم العرض الواحد فقط، لذا نتمنى أن يعاد عرضها ليتسنى للجميع مشاهدتها، وأن يستمر هذا المهرجان لكن بعد ال«علان عنه بفترة كافية، حتى نستطيع تقديم نصوص جديدة». وتمنت الداود أن يفتح المجال للمسارح الأهلية لتقديم العروض الجماهيرية في الموسم المسرحي، وعقد مسابقة لأفضل عروض السنة وتشارك فيها الفرق الخاصة.
مشاركة :