أكد مستثمرون ومحللون ماليون أن التراجع الذي شهده مؤشر بورصة قطر في جلسة الخميس الماضي، رغم بدء التداول بالهامش، يرجع في الأساس إلى عدم توعية المستثمرين بشكل كافٍ بهذه الآلية الجديدة، مؤكدين أهمية عقد دورات تدريبية للتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على تلك الآلية. وقال هؤلاء لـ «العرب»: إن السوق بحاجة إلى آليات جديدة أخرى بالتوازي مع آلية التداول بالهامش، لفتح المجال أمام المستثمرين لحلول متعددة، مؤكدين أن إطلاق آلية واحدة في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد القطري، وظروف أسعار النفط العالمية، قد لا يؤثر بالشكل المطلوب في مسار بورصة قطر خلال الفترة المقبلة. وتراجعت البورصة في نهاية تعاملات الأسبوع، ومع أول جلسة للتداول بالهامش، بنحو %0.14، حيث أغلق مؤشرها العام عند النقطة 10357.33، لتبلغ الخسائر 14.87 نقطة، بضغط من 5 قطاعات، أبرزها العقارات والبنوك، وضعف في السيولة. وتراجعت السيولة %29 إلى 203.57 مليون ريال في جلسة الخميس، مقابل 286.7 مليون ريال بجلسة الأربعاء. كما شكك المحللون في إمكانية تمويل البنوك لشركات الوساطة لمنح التمويل اللازم للمستثمرين للتداول بالهامش، في هذا التوقيت، خاصة أن معظم المؤسسات المالية تنظر إلى مشاريع البنية التحتية وتلك المتعلقة بمونديال 2022، كأولوية قصوى حالياً. من جانبهم، أبدى مستثمرون تخوفهم من التداول بالهامش مع أول جلسة، رغم تسجيلهم في شركة الوساطة التي تم منحها الترخيص بالتداول بتلك الآلية، مؤكدين أن هامش المخاطرة كبير جداً، خاصة أنه على المدى القصير. قناعات بداية، يقول المستثمر محمد سالم الدرويش: إن المستثمرين غير مقتنعين بآلية التداول بالهامش، خاصة أنها تحمل مخاطر كبيرة لهم في حالة الخسارة، مشيراً إلى أنها مجازفة كبيرة في وقت تشهد فيه سوق المال المحلية عدم استقرار على المدى القصير. ويضيف الدرويش: أنه قام بتسجيل بياناته لدى شركة الوساطة التي تم منح الترخيص لها للتعامل بآلية التداول بالهامش، إلا أنه لم يتجرأ على التعامل بها في جلسة الخميس الماضي، خاصة أن السوق تراجع في تلك الجلسة، في ظل شح السيولة. ويشير إلى أن حصول العميل على حد ائتماني يساوي %66 من موجوداته في الحساب، من دون أي رسوم لمدة 7 أيام عمل، ربما يفتح الباب أمام مخاطرة كبيرة من قبل المستثمرين، ما يستدعي إعادة النظر في آلية التداول بالهامش، حتى لا يتحمل المستثمر المخاطرة بهذا الشكل. مخاوف وعما إذا كان تخوف المستثمرين من كون الآلية الجديدة تطابق الشريعة الإسلامية أم لا، يؤكد الدرويش أن شركات الوساطة لن تتربح أو تخسر من عمليات البيع والشراء، ولكن تأخذ حصتها المعروفة على عمليات التداول في البورصة، ما يعني أن الآلية تطابق الشريعة الإسلامية، وذلك على حد قول من أفتى سابقاً في هذا الموضوع، بحسب الدرويش. وتعليقاً على ذلك، يقول المحلل المالي معمر عواد: إن مؤشر البورصة خالف التوقعات في بداية أول جلسة للتداول بالهامش يوم الخميس الماضي، مشيراً إلى أن التوقعات كانت تشير إلى احتمال زيادة حجم السيولة مع إطلاق الآلية الجديدة. ويضيف عواد أن هذه الآلية، كصيغة ومفهوم ومبدأ، يبدو أنها غير واضحة وغير كاملة المعالم بالنسبة للمستثمر، لافتاً إلى أن توقيت العمل بها جاء متأخراً بنحو عامين تقريباً، كما أنه تم طرحها في نهاية العام، في وقت يعاني فيه المستثمر من حالة عدم يقين وتردد قبل السوق. ويؤكد عواد أن أدوات العمل بالآلية يشوبها بعض جوانب المخاطرة، وهذه الكلمة في حد ذاتها «المخاطرة» تجعل المستثمر متخوفاً، في وقت يعاني فيه سوق الأوراق المالية من عدم توافر العوامل المشجعة، ناهيك عن ضعف التداولات، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي خلال العام الجاري. جاهزية ويتابع: «تلك العوامل جعلت الجميع يتردد، وأصبح هناك حالة تهيؤ واستعداد نفسي، لأن يدخل السوق مرحلة تصحيح، وبالتالي لن يستمر فوق مستوى 10 آلاف نقطة، ما أثر نفسياً على جميع المستثمرين». ويشير عواد إلى أن إطلاق هذه الآلية كان يجب أن يترافق مع مجموعة أخرى من الأدوات المالية، تواكبها وتساعدها وتكون في إطار سريع، كالبيع على المكشوف وأدوات تحوط، بحيث تتم الاستفادة من هذه الآلية لتحقيق مكاسب، سواء خلال فترة هبوط المؤشر أو حتى صعود، مضيفاً أن «إطلاق التداول بالهامش بهذا الشكل لن يكون له أي تأثير على المؤشر». ويوضح أنه كان هناك عمليات اختبار مبدئي للتداول بالهامش منذ فترة، لم يكن لها أي تأثير على مسار البورصة، كذلك الحال في آلية «مزود السيولة» التي تم إطلاقها أيضاً، ولم يستفد أحد منها، مضيفاً: «في تقديري، آلية التداول بالهامش لن تخلق الشيء المراد منها، وبالتالي ستبقى الأمور محدودة». ويبين المحلل المالي معمر عواد أنه من أجل نجاح مثل هذه الآليات، يجب أن تتوافر عوامل السوق الصحيحة، بمعنى أن تتوافر أسهم متاحة للتداول، وليست أسهم مغلقة لشركات بعينها. ويقول في هذا الصدد: «سوق الدوحة للأوراق المالية، سوق مغلق، معظم أسهم الشركات إما مملوكة لشركات ومؤسسات أو مستثمرين، الأسهم المتاحة للتداول قليلة، وبالتالي قد يكون هناك خطورة في تطبيق هذه الآلية في الشركات التي يكون فيها تركزات مالية لكبار الملاك». آلية التمويل من جهة أخرى، تطرق عواد إلى كيفية تمويل شركات الوساطة للمستثمرين للعمل بآلية التداول بالهامش، مشيراً إلى أن التمويل سيكون عن طريق البنوك والمؤسسات المالية، متسائلاً، عما إذا كانت تلك المؤسسات جاهزة لتمويل التداول بالهامش في هذا التوقيت، معتبراً إياه تحدياً بالنسبة للبنوك خلال الفترة المقبلة. وحول ما إذا كان تخوف المستثمرين من آلية التداول بالهامش يرجع في الأساس إلى مدى تطابق الآلية مع الشريعة الإسلامية أم لا، يؤكد عواد أن الآلية الجديدة بشكل عام يشوبها الغموض، معتبراً أن عدم توضيح كافة الأمور المتعلقة بتلك الآلية، ومنها مدى تطابقها مع الشريعة الإسلامية، حَدَّ بشكل أو بآخر من الإقبال على التداول بها. التوقيت من جانبه، يقول السيد حسين خبير الأسواق المالية: إن التوقيت الذي تم طرح آلية التداول بالهامش فيه يشكل تحدياً كبيراً، خاصة أننا نشهد تحديات في المنطقة، تنعكس بلا شك على البورصة، متفقاً مع عواد في ضرورة إطلاق بعض الآليات الأخرى إلى جانب التداول بالهامش، مثل البيع على المكشوف، تسليف الأسهم، إنشاء بعض صناديق المؤشرات لزيادة الأدوات المالية. ويؤكد حسين أن آلية التداول بالهامش «جيدة جداً» ولكن كان ينبغي على الشركات التي تفعل هذه الآلية عمل بعض الدورات التدريبية لتوعية المستثمرين. ويضيف: «كما تمنحك أرباحاً على الإطار الزمني القصير، فإنها قد تعرضك أيضاً لبعض الخسائر، خاصة أن آلية التداول بالهامش من الممكن أن ينتفع بها المستثمر قصير المدى أكثر من المستثمر طويل المدى، لأنه يجب استرداد الأموال خلال 7 أيام حسب شروط أول شركة حاصلة على الترخيص. ويؤكد حسين على أهمية تنويع الآليات وإدراج آليات جديدة في السوق لتشغيل الاستثمار وضخ السيولة، لإعادة الثقة للسوق، وعكس مدى قوة السوق القطري، خاصة أنه ثاني أكبر سوق من حيث رأس المال في المنطقة. السيولة ويوضح أن السوق بحاجة إلى الآليات الجديدة لتحريك السيولة، لافتاً إلى أن معدلات السيولة تعتبر عند أدنى مستوياتها منذ بداية شهر أكتوبر الجاري، مقارنة بالربع الثاني والثالث. ويشير السيد حسين إلى أن منح الترخيص لشركة واحدة فقط للتداول بالهامش، ربما كان سبباً في عدم تفاعل المستثمرين مع الآلية الجديدة، مشدداً على أهمية الانتظار حتى استكمال باقي الإجراءات من الشركات الأخرى. ويقول في هذا الصدد: «تخوف المستثمرين عامل أساسي، ولكن يجب تقييم التفاعل مع التداول بالهامش عند استيفاء كافة الشركات متطلباتها، ومدى إقبال هذه الشركات على العمل بتلك الآلية». ويتفق حسين مع عواد في تخوف بعض شركات الوساطة من إمكانية تمويل المستثمرين الراغبين في التعامل بتلك الآلية؛ إذ قد لا تتمكن من الحصول على تمويلات من بعض البنوك، إلا أنه يؤكد أن معظم الشركات مستوفية للإجراءات ومستوفية لشروطها، وملاءتها المالية جيدة.;
مشاركة :