ضارة ونافعة

  • 10/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كثر الحديث في الأيام الفائتة عن التشريع الذي أقره الكونجرس ومجلس النواب والتلاسن بينهما وبين الإدارة الأمريكية، والخلاف الذي وصل لإلغاء «فيتو» الرئيس لأول مرة في ولايتيه. الواقع أن ردود الفعل الأمريكية مبنية على حسابات يهتم بها كل من المتعاملين مع القضية. الحكومة الأمريكية مطالبة بالتعامل مع مختلف دول العالم، وهي بكل وكالاتها أعلم بما يحدث في الغرف المغلقة، وما يتم من تجاوزات للقانون الدولي من قبلها، وما تأخذه عليها دول العالم، بل المعلومات التي لا تصل لوسائل الإعلام، تعرفها بالتأكيد الجهات الاستخبارية. لهذا كان الرئيس وهو أعلى سلطة تنفيذية ووزير الدفاع ورئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية أول من طالب الكونجرس بعدم تمرير التشريع، بل حذروهم من ذلك. أكثر من يعلم خطر هذا التشريع هي الجهات الأمنية الأمريكية بحكم ما تملكه من المعلومات وهذا بيت القصيد الحقيقي. التشريع سيوقع الولايات المتحدة في مآزق كبرى إن هي سمحت للمواطنين بمحاكمة الدول الأخرى، فالقانون الدولي يعمل على مبدأ التعامل بالمثل وهذا يضع أمريكا تحت طائلة محاكمات في دول أخرى كما جاء في بيان «الخارجية» السعودية. يعلم بعض المشرعين بخطر تمرير التشريع الذي مرروه، فلماذا فعلوا إذا؟ يلاحظ أن أغلب الأعضاء ما عدا واحدا صوتوا لتمرير التشريع، في حركة تدل على اهتمامهم بالحصول على الأصوات الانتخابية عندما تأتي فترة الترشح لولايات جديدة، وهنا سيستخدم مخالفوهم هذا الموقف لاستغلاله للتأكيد على أنهم لا يهتمون بمصلحة المواطن الأمريكي. قد تكون هناك أسباب أخرى لدى البعض، لكنني أزعم أن الأغلبية وقعوا تحت ضغط إشكالية الحصول على الأصوات في المستقبل، يضاف إلى هذا أن هناك الكثير من التكهنات حول تغير أسلوب التعامل بين الدول والولايات المتحدة خصوصا فيما يتعلق بموجودات هذه الدول في الولايات المتحدة سواء من استثمارات وسندات وغيرها من وسائل الضغط التي اعتقد البعض أنها ستجمد لصالح القضايا. ينم التراجع الذي جاء في اللحظة الأخيرة عن وضوح الصورة التي حاول الرئيس إيصالها، وحصول الأعضاء على ما يريدون من تملق للناخب، وبهذا يكون الحل قد حقق لكل من الفريقين ما يريد، لكن الفريق الثالث وهو الدول المتأثرة من الفكرة لا بد أن تعيد النظر في تعاملاتها مع من كشفتهم له هذه الأزمة. و«رب ضارة ونافعة».

مشاركة :