مر على المجتمع السعودي حقبات وتطورات مختلفة منذ ان تم تأسيس المملكة قبل ٨٦ عاما، لكن السمة الغالبة وبحمد الله وفضله هي النمو والتطور والرخاء المعيشي، فإذا حدث انخفاض مفاجئ في الدخل القومي فمن الطبيعي أن يؤثر هذا الوضع على الانماط الاقتصادية والاستثمارية والاستهلاكية والادخارية، ومن الواجب أن تتعدل معه كثير من هذه الثقافات الاستهلاكية والادخارية والاقتصادية بالذات، وهذه الفترة التي تشهد انخفاضا في الدخل نتيجة تدني أسعار البترول من جهة وزيادة الالتزامات التنموية من جهة أخرى، والتي في أي دورة اقتصادية تتطلب إعادة النظر في كثير من العادات الاستهلاكية، في الواقع يعتبر الفرد السعودي على طرفي نقيض بين ثقافة الاستهلاك من جهة والادخار من جهة اخرى، فعلى سبيل المثال يعتبر الفرد السعودي الثالث عالميا في استهلاك المياه وأعلى إهدارا للطاقة واستهلاك الفرد السعودي للكهرباء ٩ اضعاف مواطني ٤ دول عربية وضعف متوسط استهلاك الفرد عالميا من الكهرباء، ويحتل المرتبة ١٢ عالميا في متوسط الاستهلاك ويرتفع في شهر رمضان على سبيل المثال إلى ٣٠٪، هذه بعض الامثلة في مجال الاستهلاك لكن من جانب الادخار نجد العكس أن ٨٥٪ من الأسر السعودية لا تعرف الادخار، ونسبة الادخار والاستثمار للأفراد في المملكة أقل من ١٠٪ وهي نسبة متدنية عالميا، هذه المقارنة البسيطة تقودنا إلى حقيقة واضحة في الاستهلاك المفرط للمنتج وللخدمة مقابل محدودية ثقافة الادخار والاستثمار، ويتسع الفارق بشكل أكبر في الظروف الاقتصادية، والتي من الضروري الآن إعادة النظر في كثير من الأنماط الاستهلاكية وتغليب نظرة التوفير والاقتصاد في كثير من الأمور، على اعتبار أن موضوع الادخار والاستثمار سيكون أصعب وفيه تحديات كثيرة مع هذه الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي من الضروري تعويض هذا الأمر بثقافة استهلاكية متوازنة ومتحفظة تعطي للفرد فرصة لمواجهة هذه التغيرات في الدخل، وتطبيق المثل الاقتصادي الشهير الذي يقول (مد لحافك على قد رجليك). وهي إجراءات ضرورية لابد من القيام بها للحفاظ على وضع متوازن في هذه الظروف الاقتصادية، ونحمد الله أن اقتصادنا قادر على تجاوز أي تحد وسبق ان تجاوزنا أزمات وتحديات أصعب في حقبات زمنية سابقة.
مشاركة :