التشكل الخليجي الخامس - مقالات

  • 10/12/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أرجو من السادة المتخصصين في التاريخ الخليجي أن يسمحوا لي اليوم أن أطرق باب تخصصهم وأدخل في ضيافتهم لأجلس على كرسي صغير بجانب كراسيهم الكبيرة لأثرثر قليلاً، حيث أرجو أن تعتبروا الأمر برمته مجرد خواطر أكثر من كونها محاولة للتأريخ وما أن ينتهي المقال حتى سأخرج فوراً. لعل التجمع البشري الحديث في الخليج العربي مرَّ بعلامات فارقة اسمح لي أن أسميها (التشكلات الكبرى)، والتي أثرت فينا وأثرنا فيها وتفاعلنا مع الحالة ونقيضها داخلها حتى نستطيع أن نقول إن كل تشكل أدى للذي بعده حاملاً معه تناقضاته، والتي بدأت بالتشكل المفتوح وانتهت بالدولة القطرية (بضم القاف) أبوس إيدكم. ونستطيع أن نحدد التشكل الأول باسم الهجرات الداخلية وبداية التجمع، ونحدد التشكل الثاني بترسيم الحدود وظهور النفط وتغير شكل الاقتصاد، والتشكل الثالث الذي شكل الخليج كان علاقتنا بالإنكليز والانفتاح وتغيير البنى التحتية للحضارة وآثارها على الوعي الخليجي، والتشكل الرابع كان الغزو العراقي للكويت وآثاره على المنطقة حتى أحداث البحرين ودخولنا التشكل الخامس. وبما أن التاريخ مازال يُكتب إلى الآن وخصوصاً لنا نحن في دول الخليج فيبدو أننا على مشارف الدخول على التشكل الخامس، والذي يعيد تشكيل الخليج مرة أخرى على مستويات عدة ابتداءً من السياسي وانتهاءً بالتنموي. فعلى المستوى السياسي بدأت الهُوية السياسية التي تشكلت عبر مئات السنين تحف حوافها وتبرز ملامحها، وترتدي ثوباً جديداً يلفت الانتباه في عالم مليء بالأزياء السياسية، منطلقة بذلك من الدولة القُطرية (بضم القاف) أبوس إيدكم، مع إعادة ترتيب البيت الخليجي وجعله أكثر تماسكاً في عالم سائل، وفي هذا التشكل السياسي تحتاج السعودية أن يكون البيت الخليجي فعلاً متماسكاً خصوصاً في ظل قانون مثل (جاستا) الضاغط، والاتفاق النووي ودخول إيران الملعب وعدم وجود ضمانات للقوة التركية ومن سيتتابع عليها كقيادة، وانسحاب مصر من الدور الريادي في ظل ظروفها الداخلية. وفي هذا التشكل الخامس يبدو أن دول الخليج تهتم بإقامة علاقات سلمية وتنموية مع الجميع كعادتها، ولكنها وفي نفس الوقت أصبحت على استعداد أن ترسل جنودها للجبهة دون وكالة من أحد إذا لزم الأمر، دفاعاً عن قضايا تخصها وحدها. وعلى المستوى الاجتماعي تنامى الخطاب الشبابي في المنطقة مزاحماً الخطاب الطائفي والقبلي، ودخول المنطقة في علاقات اقتصادية تجعل منها حاضنة للاستثمار، وليست مصدرة له، وإعادة طرح مفاهيم الاستهلاك، الإنتاج، الهُوية، الرؤية، والعدو المشترك. وكما كان التشكل الثالث والذي صاحبه العمران المفاجئ يتطلب عمالة أجنبية وخبرات خارجية مخلصة، فإن التشكل الخامس سيحتاج إلى وعي داخلي بأهمية الدور المثقل على الشباب الخليجي كي يكون لهم الدور في الريادة والقيادة، تزامناً مع خط انتهاء مفهوم الدولة الريعية ودخولنا إلى مربع دولة استغلال الموارد بأفضل الإمكانيات وأقل التكاليف في أقصر وقت. وستعتاد الشعوب أن تتحمل مع حكوماتها ضريبة التشكل الثالث والذي أخذ شكل توزيع الثروة فيه أشكالاً متعددة ولكنها غالباً كانت تُرضي غالب الأطراف، وسيلتفت الخليج لتنويع مصادر الدخل جاعلاً من النفط أداة للضغط، وليس أساساً للدخل القومي، وستتم إعادة النظر في ملف الفساد على اعتبار أنه شكل لم يعد مناسباً لتوزيع الثروة وأن أضراره ذات تكاليف عالية. وكعادتها الكويت.. ستكون لها قدم السبق والانطلاق في هذا التشكل. السادة المتخصصون في تاريخ ومستقبل الخليج العربي.. هل الذي كتبته في هذا المقال هو محاولة تُنبئ بالتشكل الخامس أم هو ما أتمناه للتشكل الخامس للخليج؟ أو ربما أنه ليس تشكلاً أصلاً.. وإنما هو مرحلة عابرة.. لتعود ريما لعادتها القديمة. بعيداً عن الإجابة وبعيداً عن الـ(ربما)، ما نحتاجه الآن هو أن يخرج علينا المتخصصون ليقولوا لنا ما الذي يحدث بالتحديد!! **** قصة قصيرة: كانوا يعتبرون (عبدالله) من عرق أدنى لأنه احترف العمل اليدوي.. واعتقد (عبدالله) أنه جدير بالازدراء للسبب نفسه!! كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :