«التعاون الإسلامي» تطالب قطر بـ «التعقل» حول استثمارها في ميانمار

  • 3/9/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

انتقدت منظمة التعاون الإسلامي موقف حكومة قطر بمد جسور التعاون الاقتصادي مع حكومة دولة ميانمار التي تمارس عمليات إبادة واضطهاد ضد أقلية الروهينجا المسلمة على أراضيها، ففي خطوة غير متوقعة من "الدوحة" دخلت شركة الاتصالات القطرية أخيرا في تحالف مع شركة تلينور النرويجية ليكونا أول شركات أجنبية تدخل قطاع الاتصالات في ميانمار بعد فوزهما بترخيص لتطوير صناعة الاتصالات الناشئة هناك. وقالت لـ"الاقتصادية" مصادر في منظمة التعاون الإسلامي، إن قطر دولة عضو في المنظمة وهي بالنهاية دولة ذات سيادة، ولا يوجد آلية معينة لمنعها من ذلك، لأن ذلك قد يوجد نوعا من القلاقل والتشتت، ولكن المنظمة تنظر للأمر بكل حكمة، وستتناقش مع قطر في الأمر من ناحية حقوق الإنسان وحقوق مسلمي الروهينجا، ولا تملك المنظمة سوى استخدام الأسلوب السياسي والقنوات الدبلوماسية ووضع التمني قبل كل شيء. ونادت تلك المصادر دول مجلس التعاون الخليجي باتخاذ خطوات حيال ذلك. وكان تحالف تلينور النرويجية وشركة الاتصالات القطرية "أوريدو" قد تقدم على تسع شركات أخرى وصلت للمرتبة النهائية، بما فيها مجموعات أخرى، كان على رأسها الاتصالات الفرنسية، وسنغافورة للاتصالات، وشركة بهارتي تيل الهندية. وستعمل الشركتان جنباً إلى جنب مع اثنين من المشغلين اللذين يعملان حالياً في ميانمار. وقد اعتبرت شركة فرانس تليكوم، التي تقدمت في العطاء بالاشتراك مع شركة موريبيني اليابانية، على أنها المرشح الاحتياطي الذي يمكن أن يحل محل "تلينور" أو شركة الاتصالات القطرية إذا أخفقت أي منهما في الوفاء بمتطلبات معينة. ولم تقتصر خيبة الأمل على مسلمى العالم من مشاركة دولة مسلمة بضخ استثمارات في دولة تقتل وتضطهد المسلمين ولكن جاءت الانتقادات من مواطني ميانمار البوذيين المناهضين للمسلمين هناك، حيث جاءت تعليقاتهم عبر الوسائط الاجتماعية تعبر هي الأخرى عن خيبة الأمل من أن شركة قطرية فازت بأحد العطاءات، وهو ما يشير إلى وجود توتر عميق بين الغالبية البوذية والأقلية المسلمة في ميانمار منذ أن اندلعت أعمال العنف المناهضة للمسلمين التي أدت إلى مقتل أعداد كبيرة منهم العام الماضي، وهو ما يؤدي إلى الإضرار باستثمارات الشركة القطرية غير المرحب بها هناك. وفي تعليق على موقع الحكومة هناك على "فيسبوك"، حيث أعلِن عن الشركتين الفائزتين بالتراخيص، عبر المعلقون عن استيائهم من اختيار "شركة مملوكة لجهات إسلامية". وطالب آخرون بمقاطعة خدمات الشركة القطرية لصالح الشركة النرويجية. قال أحد المستخدمين على "فيسبوك": "أمامنا خياران، إذا كنا لا نحب "أوريدو"، نستطيع اختيار "تلينور". وذلك في معرض رده على تعليقات تنتقد اختيار الحكومة لشركة الاتصالات القطرية، وقال: "هذه سوق مفتوحة". يشار إلى أن الرخصتين الجديدتين، وهما صالحتان لمدة 15 عاماً، من المقرر استكمالهما في أيلول (سبتمبر). وسيتعين على الشركتين الوفاء بتغطية أهداف سكانية وجغرافية، على سبيل المثال، لضمان أن يتم تغطية المناطق الريفية الكبيرة في البلاد. وسيتعين على الشركتين كذلك المشاركة في البنية التحتية وعرض رسوم اشتراكات منخفضة في البداية. وقالت "تلينور": إن هناك خططاً لنشر خدمات الصوت والبيانات على الجوال في ميانمار ابتداء من السنة المقبلة، والوصول إلى تغطية على مستوى البلاد ضمن خمس سنوات، حيث تعتبر ميانمار من البلدان الطرفية في مجال الاتصالات، حيث إن فقط 5.4 مليون مواطن من أصل 60 مليون كان لديهم اشتراك في الهواتف الجوالة في السنة الماضية، وفقاً لتقديرات رسمية. وهذا يعد اختراقاً في خدمة الجوال بنسبة 9 في المائة، مقارنة بنسبة 70 بالمائة في كمبوديا، و87 بالمائة في لاوس، وأكثر من 100 بالمائة في تايلند، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات. قال محللون إن النطاق القليل لشركتي الاتصالات اللتين تديرهما الدولة في ميانمار، وهما "ياتارنابون" و"ميانما" للبريد والاتصالات، يعني أن الشركات الأجنبية ستكون قادرة على التنافس بسهولة. وتريد الحكومة العنصرية هناك زيادة النسبة المئوية لعدد السكان الذين يمتلكون الهواتف لتصل إلى ما بين 75 و 80 بالمائة بحلول عام 2016. ويرجو المشرعون إقرار قانون جديد للاتصالات في الأشهر المقبلة، وهو ما يمدد موعداً نهائياً ينتهي في حزيران (يونيو)، للنظر في الآراء والتعليقات الآتية من الصناعة. وذكرت مصادر مطلعة لـ"الاقتصادية" في منظمة التعاون الإسلامي, أن التعاون أو الدعم الاقتصادي بين أحد أعضاء المنظمة وبين حكومات الدول المختلفة يجب ألا يؤثر سلباً على دور المنظمة في حل مشاكل الأقليات داخل تلك الدول التي يُقدم لها الدعم. وحول العقود التي وقعتها قطر مع حكومة ميانمار، علقت المصادر بأن تلك العقود تعتبر عقودا ثنائية ولكل دولة عضو حق السيادة في اتفاقياتها الثنائية. وأضافت المصادر: أي انتقاد بشأن تلك العقود مع ميانمار يوجه لدولة قطر؛ إذ إنها دولة لها سيادتها ومصالحها الخاصة, والمنظمة تلفت نظرها لأن هذه الأمور المفروض لا تحدث في الوقت الراهن. وأشارت المصادر: "إن كانت قطر تفعل مثل هذه الأمور بالظاهر فهناك دول تقوم بها بالباطن"، والمنظمة لا تملك قول شيء حيال ذلك، حتى لا يعتبر تدخلا من المنظمة في الشأن الداخلي للدولة، وقد تكتفي المنظمة بإثارة التساؤلات ولكن لا تستطيع أن تتخذ إزاءها إجراء مباشر يثار في محفل أو غيره. لأنها أي المنظمة لا تتدخل في المصالح الدولية والإقليمية للدول, والمنظمة ليست منبراً يخلق نوعا من الفجوات والخلافات. واستدركت المصادر بأن هذا لا ينفي أنه يجب على قطر أن تكون أكثر تعقلاً في مثل تلك الأمور وأن تتريث. وقالت المصادر إن حكومة ميانمار كانت لها علاقات قوية مع دول أجنبية، وكانت الدول الغربية وأمريكا تهرول لعقد شركات اقتصادية لتنميتها، إلا أن ذلك تغير في الفترة الأخيرة بعد تدخل المنظمة للتحدث مع الاتحادات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وغيره، ونجحت المنظمة في تغيير التوجه المتسارع لدعم حكومة ميانمار. يشار إلى أن حكومة ميانمار العسكرية، التي حكمت البلاد منذ عام 1962 قبل تسليم السلطة إلى إدارة شبه مدنية في عام 2010، كانت تستريب في الانخراط الأجنبي في القطاعات الحساسة. وقد أصرت الحكومة في البداية على إدارة خدمات الهاتف بنفسها، رغم أنها كانت أحياناً تشتري معدات من الشركات الأجنبية وبدأت الشركات المحلية بتقديم بعض الخدمات. وكثير من الشركات الأجنبية ما تزال تقترب من ميانمار بحذر بسبب مخاوف حول الشفافية المحدودة من الحكومة، وإمكانية الفساد. فالغالبية العظمى من السكان هي فقيرة، حيث يبلغ متوسط الدخل السنوي 876 دولاراً، وهو الأدنى في المنطقة، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة عن عام 2010.

مشاركة :