إرث الحاجة.. مستمر - نجوى هاشم

  • 3/11/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة التي كانت على مدى العصور غنيمة للكوارث، وللقواسم المشتركة الثلاثة التي دمرتها وهي الفقر، والمرض، والجهل.. وهو هنا قد يكون الجهل بالحقوق أحياناً التي من حق المرأة الحصول عليها..! على مدى العصور حملت المرأة صورة تفوق الحجم من ذلك الإرث الذي ظل يدور بين النساء في مختلف العصور وهو "الفقر والحاجة" فالفقر أنثى، والحاجة أيضاً أنثى.. ففي حالة وفاة الزوج أو مغادرته تتحمل المرأة المهمة الجسيمة من تربية الأطفال وتوفير احتياجاتهم بالانخراط في أعمال قد لا تتوافق أحياناً مع إمكاناتها، وقد لا تدر عليها الكثير لكن عليها أن تحول الحياة القاسية إلى حياة أقل مرارة.. تدفع فاتورتها من عمرها المسكوب على ممرات الوجع والألم..! لم تستطع التحولات السياسية والاقتصادية والثروات التي تُغرق بعض دول العالم من القفز بحالة المرأة التي تعاني إلى حالة الاستقرار المادي، والصحي، والنفسي، رغم كل المحاولات الحكومية والفردية للمؤسسات المدنية، والسبب أن الرجل عادة هو من يفتح كتاب المغادرة فجأة ويتركها في مهب الريح تركض داخل العائلة وحيدة وما يتبع ذلك من ركض سنوات عمرها! الأحداث الأخيرة في الوطن العربي كلفت المرأة أحمالاً ثقيلة.. فمسار أي ثورات أو حروب أو صراعات على مدى التاريخ تدفعها النساء من خلال فقد الزوج أو الأبناء.. أو التهجير.. يضاف إليه غياب الطمأنينة النفسية وتحولهاالى معيلة فجأة دون استعداد..! في سورية والعراق بالتحديد كم عددالنساء المكلومات.. والموجوعات؟ كم عددالنساء المعيلات.. ؟ الفقيرات؟ الخائفات؟ كم عددالنساء في المخيمات اللاتي قتل أزواجهن أو لم يعودوا من الحرب؟ كم عدد المحرومات من أبسط حقوق التعليم؟ الذي يصبح في الحروب ترفا ويسبقه الأمن في الأهمية.. والطعام وهو ما تعاني منه النساءالمهجرات في الزعتري مثلاً.. الأهم هو لقمة العيش والمأوى والدفء للأطفال.. والدواء.. وليس الوقاية من المرض الذي يعصف بالنساء ويستعجل موتهن نتيجة الهموم وتراكم الألم..! تموت كثير من النساء في العالم من الهموم ومن تعب الحياة يخطفها الموت مبكراً وهي تقاتل ليحيا غيرها..! في بقية المجتمعات لاتزال بعض النساء تقاتل من أجل أبسط الحقوق، تبحث عن مسار إنساني تسير فيه يشعرها بالانتساب للبشر الذين تحصلوا على أبسط الحقوق.. ولعل أبرزها معاملة بعض الرجال للمرأة "كتابع" وليس كشريك.. وإحساس بعض الرجال بأن المرأة مهماتعلمت أو تقلدت مناصب عُليا تظل ناقصة عقل ودين.. ولذلك تترك بعض الأسر أخا لديها يتحكم في أخواته الكبار الموظفات اللاتي يصرفن عليه.. وهو لم يكمل تعليمه من منطلق أنه الرجل متجاوزين مفهوم"القوامة"..! من هموم المرأة أيضاً وهي ظاهرة في أغلب مجتمعات العالم"المرأة المعيلة "حيث تتكفل المرأة بالبيت والعمل داخله وخارجه والمصروف كاملا ًإما لموت الزوج أو هجره، أو لوجوده ولكن لايعمل لأسباب يطول شرحها.. وأحياناً يكون دخل المرأة متجاوزاً دخل الرجل بكثير.. وهذا الأمر أحياناً اعتيادي ولا يقلل من أهمية الزوج إن كان هناك احترام متبادل بينهما..! يعود يوم المرأة العالمي والفقيرات يتكاثرن وصمودهن يزداد.. يعود ولا تزال المرأة يتم التحرش بها في ظل غياب أنظمة صارمة تجرم ذلك سواء التحرش المادي أو المعنوي.. والرجل يعرف ثغرات القوانين.. وتهاون المجتمع.. وعجز المرأة..! يعود هذا اليوم والمرأة العربية تجاهد بجسارة على كل الأصعدة لقتل الخوف، والتغلب على الفقر، والحاجة المدمرة، وهي الأهم لدى النساء، يعود وهي لاتزال تحمل إرثها الثقيل من الهموم، والأوجاع، والآلام، وكأنه تاريخها.. وعليها أن تلتحف به لتكمل الطريق بعيداً عن أي تفاؤل يظهر في الأفق.. يمنحها إحساسا بالأمان من سطوة الرجل وغيابه..! يعود اليوم ولايزال بعض الرجال يعتقدون بأنها لن تستطيع أن تحمي حصونها من إغراءتهم مهما وصلت إليه من تقدم وتميز، وشهادات عليا.. هذا التفكير السطحي والساذج تقابله النساء بالركض المتواصل دون توقف.. أو مهادنة.. أو حتى بحث عن أبسط الحقوق لدى البسيطات من النساء..! تعمل المرأة البسيطة بجد رغم الحصار التلقائي للوجع والذي اعتادت أن ترتدي تفاصيله وتؤجل تلمسه حتى بعد أن يجتاز الصغار تلك الممرات الشائكة.. دون أن يكون لها الخيار بالتوقف.. أو تحديد الوقت لملامسة بؤسها النفسي.. أو تفنيد تلك العلاقة المعقدة مع الحقوق المرفهة والتي تصبح آخر الهموم..!

مشاركة :