إرث أن تكون الغائب - نجوى هاشم

  • 1/17/2016
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

في نهاية كل عام يستلهم الناس خُطى العام الجديد قبل أن يهطل عليهم.. ليرسموا عليها أحلامهم الجديدة القديمة والتي ظلت مؤجلة.. تُرحّل كل عام للعام الذي يليه.. بحجج متعددة.. تنصهر أغلبها في بوتقة.. أنّ هناك عمرا قادما وأياما ممتدة.. ومن الممكن فعل الكثير داخلها.. وما لا يتحقق هذا العام سوف يتحقق العام القادم أو الذي يليه.. ينساب هذا الإحساس المماطل مع عدم وعي بأنّ الزمن يتسرب كلما مرّ عام وكلما عبرت لحظات.. وأنّ الأيام تنفق مثلها مثل المال ولا تختلف عنه .. وادخارها يعني استغلالها وعدم تركها تتسرب..!! تؤجل من عام لعام لكن ماالذي لا يريد الإنسان تأجيله؟ خلاف الأحلام وخلاف الأماني... ماالذي يمكنك أن لا تؤجله.. وتتمنى أن يكون أفضل أو يتحسن.. تأتي الصحة لجميع البشر على قائمة أماني كل عام وكلما تقدم العمر بالإنسان شعر أنّ صحته هي الثروة الأهم وهي الأغلى وهي التي من خلالها يستطيع تحقيق كل طموحاته.. فبدون الصحة لا يمكنك أن تفعل الكثير.. وليس باستطاعتك تحقيق ماتصبو إليه.. لأن الصحة عماد الحياة الصحيحة وهي المانح الأول لمفردات التفكير السليم.. ومع كل هذه الاعتبارات لأهمية الصحة نجد أنفسنا نماطل في الحفاظ عليها أو الاهتمام بها.. فالرياضة والتي هي أساس الصحة لا نمارسها بانتظام أو نؤجل البدء فيها للانشغال بأشياء أخرى نعتقد أنها أكثر أهمية منها.. أعرف البعض يحمّل العام الجديد الرغبة في الحفاظ على صحته وتحسين لياقته.. إما بالانضمام لنادٍ أو ممارسة رياضة المشي ويعلن أنه بمجرد الانتهاء من انشغالاته سيبدأ في الرياضة.. رغم أنه يستطيع سرقة وقت من هذه الانشغالات وممارستها.. ويتجاهل أنّ هذا الوقت المسروق سيخفف من أشياء كثيرة يتعرض لها.. سنوات تمرّ ويتذكر ويتألم عندما يسقط تلك الأمنيات التي لم تتحقق.. وهي أبسط من أن لا يستطيع القيام بها... سيؤلمه التسويف والتردد والتأخير.. وعدم القدرة على اتخاذ قرار..!! بعد الصحة تأتي أحلام التخلص من الضغوط أياً كانت أسرية أو عملية أو ضغوطا مفاجئة تحيط بك من كل جهة وتغلق مسامات الحياة العادية.. وقد تأتي دون أن تستدعيها أو تطلبها أو تبحث عنها لأنها مرتبطة بالتغيرات المجتمعية وتعقّد الحياة وصعوبتها.. وهي مرتبطة دائماً مع الواقع السريع والمتغير والحقيقي والذي لا يمكن أن يكون بدون مصاعب..! الصحة والرياضة وزوال الضغوط تبدو للعقلاء أبرز الأماني كل عام.. وهي لا تختلف من شعوب إلى أخرى.. فأغلب الدول تقوم بعمل استطلاعات للرأي نهاية كل عام تقرأ من خلاله مايريده شعبها من العام الجديد.. وقد توقفت هذا العام أمام الشعب الألماني والذي يعتبر من أغنى الشعوب في العالم وأكثرها قدرة على العمل والإتقان والخروج نن دائرة حربين عالميتين إلى دائرة التفوق والصناعة والعمل.. حيث أعرب غالبية الألمان عن أمنيتهم في العام الجديد بأن يقضوا وقتاً أطول مع عائلاتهم وتجنب الضغط.. حيث قال من الألمان إنهم يريدون فعل المزيد من أجل عيش حياة خالية من الضغوط.. كما أعرب من الذين شملهم المسح عن رغبتهم في قضاء وقت أطول مع العائلة والأصدقاء.. وتمنى من الألمان زيادة نشاطهم الحركي.. ومن الذين شملهم المسح تمنوا اتباع نظام غذائي صحي.. وجاءت في المراتب الأخيرة أمنيات خفض الوزن والإقلاع عن التدخين.. أُجرى الاستطلاع في نوفمبر وأجراه معهد" فورسا" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من شركة التأمين الصحي الألمانية "دي إيه كيه"..! المسح على الألمان كان يمكن أن يكون عربياً أو سعودياً لأنّ نتيجته تنطبق على أغلب الشعوب.. ورغم رفاهية الشعب الألماني إلا أن أكثر نسبة في المسح صوتت لحياة خالية من الضغوط.. وهي أمنية تنطبق على البشر في كل الشعوب.. فلا حياة هانئة مصحوبة بضغوط.. ولا حياة مريحة تقترب منها الضغوط وتخنقها.. فهذه الأمنية أمنية عامة.. تليها أمنية الرياضة أو النشاط الحركي واتباع نظام غذائي.. وفي مجمل كل الاستطلاع تأتي الصحة بتفاصيلها والضغوط كفاعل أساسي لحياة سليمة وسوية وخالية من الأوجاع... ربما يقول أحدهم إننا من الممكن أن لا نهتم بالصحة لكن لا يوجد لدينا ضغوط.. كالدول الأخرى الذين يعانون من ضغوط العمل الطويل وتحقيق الإنجاز والركض من أجل الأفضل وهو ما يخلق الضغوط ويهدد الصحة.. رغم أن الآخرين يستوعبون معنى إجازة نهاية الأسبوع وبستمتعون بها مع العائلة والرياضة والخروج.. عكس مانقوم به عندما تتحول إلى ساعات طويلة من النوم والانشغال بأجهزة التواصل الاجتماعي..! ستظل أمانينا وأحلامنا كالظلال التي نحلم بأن نفيء إليها ورغم قربها إلا أننا نحاول الابتعاد دون مبرر في غياب التخطيط والعزيمة عن هذا الظل الممتد والذي قد نراه عالماً افتراضياً اخترعته المخيلة إلا انه عالم حقيقي لو حاولنا الدخول إليه سوف نستوعب معنى الحياة ومعنى أن يكون لك مكان في الحياة بحثت عنه ووجدته بشجاعة.. والتي لن ترثها إلا إذا جاهدت من أجلها وعرفت أهميتها..!!

مشاركة :