2016/10/20 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فجر الإثنين الماضي عن بدء عمليات استعادة مدينة الموصل. وقال العبادي في كلمة نقلها التلفزيون العراقي الرسمي - وقد أحاط به كبار قادة القوات المسلحة - إن دخول الموصل سيقتصر على الجيش والشرطة. وأضاف «كانت هناك محاولة لتأخير عملية تحرير الموصل، لكننا وأدناها»، مشيراً إلى أن هذا العام سيكون عام الخلاص من تنظيم الدولة. ودعا العبادي أهالي الموصل إلى التعاون مع القوات العراقية والتعايش السلمي مع المكونات كافة بعد استعادة المدينة. من جانبه، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن عملية استعادة الموصل تشكل «لحظة حاسمة» في حملة العراق لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة، مضيفاً أن العراقيين شركاء في معركة تحرير الموصل وباقي مدن العراق من «كراهية ووحشية» هذا التنظيم. وأكد كارتر أن الولايات المتحدة وباقي دول التحالف مستعدة لدعم قوات الأمن العراقية ومقاتلي البشمركة في هذه المعركة التي وصفها بالصعبة. وكان المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى التحالف الدولي بريت ماكجورك رحب بإعلان بدء معركة الموصل، وقال ماكجورك في تغريدة على موقع تويتر «نحن فخورون بأن نقف معكم في هذه العملية التاريخية». ومع بداية المعركة سيطرت قوات البشمركة على قرى في شرق مدينة الموصل هي باصخرة، شيخ، بدنة الكبرى، بدنة الصغرى، شاقولي، خرابة سلطان، وأسقف ووصلت قوات البشمركة إلى مفرق الحمدانية الذي يبعد عن مدينة الموصل سبعة كيلومترات بعد ساعات فقط من انطلاق الهجوم الذي بدأته القوات العراقية بقصف مدفعي على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية بالتزامن مع قصف جوي لطائرات التحالف الدولي، بينما رحبت واشنطن بإعلان بدء المعركة التي وصفتها بالصعبة. وشنت طائرات التحالف سلسلة ضربات جوية على مواقع متفرقة للتنظيم داخل مدينة الموصل، كما «انضمت المدفعية الذكية الأمريكية للمعركة، وقصفت مواقع للتنظيم في ناحية بعشيقة (شرق الموصل)، فضلاً عن ضربات جوية أخرى لمناطق متفرقة بسهل نينوى». معركة الموصل لن تكون سهلة ويزيد من صعوبتها مشاركة قوات مختلفة ومتصارعة أحياناً في المعركة؛ فإلى جانب قوات الجيش العراقي النظامي هناك ميليشيات الحشد الشعبي التي تأتمر بأوامر إيران، وهناك البشمركة الكردية والقوات التركية التي تتمركز في بعشيقة بعد رفض أنقرة سحبها وإعلان الرئيس أردوغان أنها ستشارك في المعركة رغم رفض رئيس الوزراء العراقي ذلك، هذا إلى جانب القوات الأمريكية، وأكبر هاجس هو احتمال وقوع مجازر بحق سكان الموصل السنة على أيدي ميليشيات الحشد الشعبي التي تعمل بدوافع طائفية وانتقامية، وتخشى الأمم المتحدة من تدفق طوفان من اللاجئين من الموصل. معركة الموصل ستنهي على الأرجح أسطورة داعش الذي تبدو هزيمته حتمية لكنها قد تفتح الباب أمام تعقيدات كبيرة في الوضع العراقي الداخلى والوضع الإقليمي؛ فالأكراد وإيران وتركيا كل له حساباته ومصالحه، وليس واضحاً ما إذا كانت هزيمة داعش ستعني بالضرورة انتهاء العنف والتوترات السياسية والطائفية في المنطقة. فحكومة إقليم كردستان لها خلافات مع حكومة بغداد والأكراد استفادوا من الأوضاع في شمال العراق فوسعوا حدود إقليمهم ليشمل مناطق لا تعتبرها بغداد جزءاً من الإقليم الكردي، وتركيا عينها على تحركات حزب العمال الكردستانى في شمال العراق؛ ولذلك تصر أن تكون حاضرة في مسرح الأحداث، والإيرانيون لهم حساباتهم الخاصة ليس في العراق، بل في سوريا المجاورة، أضف إلى ذلك أن حدوث حمام دم في الموصل سيعمق الصراع الطائفى في العراق بما يهدد وحدة هذا البلد. وتخشى المنظمات الدولية من تكرار المجازر والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحشد الشعبي في الفلوجة ومناطق الأنبار وصلاح الدين، حيث ما زال آلاف الشبان والرجال من العرب السنة مفقودين إضافة للتدمير المتعمد للممتلكات، وتقول منظمات حقوق الإنسان إن تلك الانتهاكات ترقى لاعتبارها جرائم حرب. وتقول تقارير إعلامية إن هناك مخاوف من أن يعقب تحرير الموصل تطورات خطيرة على المحاور العراقية والتركية والسورية. فالموصل نقطة إستراتيجية لجميع الأطراف وإيران تعتبرها بوابتها إلى سوريا وتركيا قلقة جداً من فرز طائفي في المدينة التي تعد ثاني أكبر مدن العراق وهي لا تريد أن تستغل إيران تحرير الموصل لتوطيد أقدامها في منطقة ذات أهمية للأمن القومي التركي، كما أن الأردن قلق من تسلل ما يتبقى من عناصر داعش إلى أراضيه. وبرغم كل هذه الحسابات المعقدة فإن الجميع متفقون على أن تحرير الموصل سيكون انتصاراً كبيراً في الحرب ضد الإرهاب وضربة قاصمة لتنظيم «داعش» الإرهابي الذي يقض مضاجع الجميع، بل إن هزيمة التنظيم في الموصل ستكون بداية النهاية لهذا التنظيم المجرم.
مشاركة :