«رأينا 30 موهبة على الخشبة، ولو لم يفعل العرض الافتتاحي سوى ذلك، لجاز لنا أن نقول كفى.. ووفى».. عبارة اختزل بها الفنان الإماراتي حافظ أمان، رؤيته في ما يتعلق بعرض افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، التي افتتحت، أول من أمس، وتنظمها هيئة دبي للثقافة والفنون، وتستضيفها ندوة الثقافة والعلوم على مدار 10 ايام. عرض اليوم «لير.. ملك الشحاتين» تأليف وإخراج: حسن يوسف. كواليس وعروض بدأت عروض مسرح المواهب، التي تقام على هامش العروض الرئيسة للمهرجان، ببعض المسرحيات القصيرة باللغة الإنجليزية، وهي العروض التي وجدت جمهوراً متابعاً لها في الهواء الطلق، حيث أقيمت في الساحة الخارجية للندوة. يذكر أن هذه العروض تقام بشكل يومي، وتشمل أيضاً عروضاً يقدمها نادي الثقة للمعاقين . في المقابل، جاءت ليلة المهرجان الأولى، كعادة الليالي الافتتاحية للمهرجانات، فبعد الكلمة الرسمية لهيئة دبي للثقافة والفنون، التي تلاها المستشار الثقافي لـ(الهيئة)، ظاعن شاهين، سادت الأحاديث الجانبية بين الفنانين ضيوف الحدث. أمان أضاف أيضاً: «رأينا إنذاراً شديد اللهجة، فالمسرح الإماراتي الشاب يتغير، وينفتح على تغريب وحداثة، واستفادة من مدارس غربية غير تقليدية». تلك هي القضية الجوهرية بالفعل في عرض «صوت الشباب»، الذي أسندت «الهيئة» إخراجه إلى مروان عبدالله صالح، فاستعان بنص رفيق دربه طلال محمود، فلم نكن أمام عرض مسرحي على النحو الذي تعارف عليه جمهور المسرح المحلي، بل اتجه العمل للمزج بقوة بين أدوات المسرح، وفنون الاستعراض، وسعى المخرج إلى استدعاء أدوات حداثية من مسرح «البردواي»، ولم يتردد في نشر موسيقى «البوب» دون أن يغيب قضية ألح عليها منذ بداية العرض لشباب يبحث عن فرصة لعرض مواهبه المسرحية. حكاية مهرجان دبي لمسرح الشباب عبر مسيرته التي تستعد لاتمام سنتها العاشرة، لم تكن وحدها هي الحاضرة، كما كانت تشير الإشارات الأولية إلى العمل قبل العرض، بل ثمة حكاية جوهرية أخرى، وهي إخلاص الجيل الحالي، مع انفتاحه، لمن علموه وساندوه، ومازالوا، في خطواته الأولى، فعبر مشهدية سينمائية، هذه المرة، توالت صور مسرحيين ومثقفين إماراتيين، عُرفوا بدعمهم للمواهب الشابة. صوت الفنان أحمد الجسمي، كان بمثابة أيقونة حاضرة، تستدعي مقولات، هي بمثابة جوهر دساتير المسرح، بعضها مستلهم من مقولات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبعضها يمثل «المسرح» نفسه، الذي يقول عنه بصيغة الأنا مخاطباً جيل الشباب: «أتنفس حين تتنفسون.. وأحيا حين تحيون». استدعاءات مشاهد أو رؤى من بعض المسرحيات المحلية الشهيرة، أو حتى استدعاء أسمائها، في حوارات بعض الشخوص، والإشارة إلى بعض الأعمال التي استضافتها منصة «الشباب»، في ظل محتوى درامي لمجموعة شبابية تهوى المسرح، وتبحث عن فرصة، كان دلالة وتأكيداً أن حاضر إبداع الشباب، ليس منفصلاً عن تراثهم المسرحي، وبعض ما حققه المهرجان، كانت تتم الإشارة إليه، بكنايات مسرحية هامسة، «فقد نضجنا ولم يعدّ يزعجنا استبعادنا وفوز سوانا بجوائز المهرجان»، «نضجنا...وفتح الوعي أعيننا بالانفتاح على تجارب بعضنا بعضاً والآخرين». وعلى الصعيد الفني، حرص مروان عبدالله، على إيلاء عناية خاصة كعادته بالسينوغرافيا، فكنا منذ الوهلة الأولى أمام مشهد متنوع شديد الثراء، موغل في الاحتفاء بالإضاءة، والإكسسوارات، فضلاً عن الاشتغال على المجاميع، التي تحركت في فضاء متسع، وخشبة على أكثر من مستوى، تحركات توحي بأن هؤلاء الشباب، الذين يخطو الكثير منهم خطواته الأولى، كما وصفوا أنفسهم بحق «قادمون».
مشاركة :