أيها الجمال جددنا فاروق يوسف أتذكر من أبي حيان التوحيدي دعاءه “لقد بلينا فجددنا”، وهو الدعاء الذي نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالقبح هجم علينا من كل الجهات في الوقت الذي صار فيه الجمال متاحا بالنسبة للآخرين في كل لحظة عيش، صار القبح بكائناته ووحوشه يتربص بنا في كل منعطف من منعطفات حياتنا، مشى بنمله بين أهدابنا وعلى سطور دفاترنا وتحت أسرة أحلامنا، ننظر في المرايا فلا نرى إلاّ أشباحا مشوهة لا تذكر بما كنا عليه يوم كان الأمل يمشي بأقدامنا في شوارع تخيلنا أنها تقود إلى العالم. كنا جميلين أو هكذا خُيل لنا، فما الذي حدث لكي يخوننا جمالنا؟ ما لا نعترف به أن محاولتنا في أن نكون جميلين قد فشلت، فالجمال صناعة وليس هبة، لقد حاولنا يوما ما أن نكون جميلين، غير أننا لم نخلص إلى جمال محاولتنا. لقد هدرنا وقتا طويلا ونحن نحاول إقناع أنفسنا بأن العالم يحاربنا بسبب أصالة هويتنا، وكنا في ذلك نكذب على أنفسنا، فالعالم لم يكن معنيا بهويتنا التي كانت مهشمة أصلا. لم نعرف أن العالم، وهو تعبير تجريدي، كان أكبر من أن نواجهه بالأوهام، كان في إمكاننا أن نبقي على شيء من جمالنا لو أننا اجتهدنا في البحث عن الطرق التي تقود إلى العالم، ما فعلناه كان الأسوأ دائما، لم نتعرف على العالم ولم نسمح للعالم بأن يتعرف علينا. كان انغلاقنا على جمالنا البائد هو مَن جلب القبح إلينا، فصرنا تلك الكائنات المشوهة التي لم تتجدد بسبب إصرارها الأبله على فرض وهم جمالها على الآخرين. لو كنا جميلين حقا لاعترف العالم بجمالنا، ولما كنا في حاجة إلى كل هذا العنف والقتل والخراب الذي نتعثر به ونحن نحاول الاستفهام عما جرى لنا، من غير أن نلتفت إلى ذلك الخطأ الذي دمر حياتنا، لقد ركزنا على عدم اعتراف العالم بنا من غير أن نعترف بأننا قد بُلينا. كاتب من العراق سراب/12 شارك هذا الموضوع: Tweet RSSطباعةالبريد الإلكتروني معجب بهذه: إعجاب تحميل...
مشاركة :