صرخات اللاجئين الصغار على شاشة «الشارقة السينمائي»

  • 10/25/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أمل سرور أنا لاجئ وطني استبيح وداسه غدر العدى، أنا نازح وطفولتي درجت على أرض البطولة والندى، صرخات شعبي لن تضيع ولن تموت مع الصدى، ستظل لسعاً كالسياط على ظهور من اعتدى، وطني هناك ولن أظل بغيره متشرداً، سأعيده وأعيده وطناً عزيزاً سيداً. صرخة لاجئ مدوية حملها قلم الشاعر هارون الرشيد، ونقلتها الأحبال الفيروزية ليفتح لها مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل قلبه قبل أبوابه، يسمع أصواتهم وهم يحكون مأساتهم، يتحدث بألسنتهم؛ ليؤكد مرة جديدة أن الإبداع لا يأتي في أغلب الأحيان إلا من قلب المعاناة. 11 فيلماً يشارك بها أطفال سوريون لاجئون في مخيمات اللاجئين في لبنان، في مهرجان الفن السابع الخاص بالطفل، في إمارة الثقافة والحلم، ليسمعوا العالم لحنهم الخاص. من آلامهم وأوجاعهم اقتربنا، لنشاهد وننقل ما رسمته وصورته أيديهم البريئة، ومع مدربهم ضياء ملاعب تحدثنا لنتعرف إلى تفاصيل تجربة غاب أصحابها بأجسادهم عن حضور المهرجان، لكن أرواحهم كانت حاضرة في الأجواء. ليست المرة الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، التي يدعم فيها مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل قضايا اللاجئين السوريين من الأطفال تحديداً، فمنذ أسابيع شاركت مؤسسة فن التي ترأسها الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي، رئيسة المهرجان، برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في دعم توزيع الوجبات المدرسية لمصلحة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بالأردن. وهناك عرضت أفلام من دورة المهرجان الماضية على شاشات في الحي التاسع والحي العاشر من المخيم. ولا ننسى أن أفلام دورة المهرجان الماضية ركزت بقوة على قضايا الطفل اللاجئ، من خلال عرض مجموعة كبيرة من الأفلام التي أبرزت مشاهد الهجرة الجماعية الأخيرة للآلاف من المشردين من الأطفال السوريين وأفراد أسرهم إلى الدول الأوروبية، وأبرزت المخاطر الكثيرة التي يتعرضون لها في تلك النوعية من الرحلات في عرض البحر، بحثاً عن حياة أفضل. الجديد والمختلف والمتميز الذي تقدمه الدورة الرابعة من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، هو عرض 11 فيلماً صنعها أطفال لاجئون، محاولة لمساعدة هؤلاء الأطفال الذين كانوا وراء هذه الأفلام، وتزويدهم بآراء النقاد والمهنيين الخبراء في هذا المجال. بحثت عنهم كثيراً بين أروقة وورش المهرجان، لكنهم غابوا عن الحضور، هكذا جاءتني إجابة ضياء ملاعب المدرب اللبناني الحقوقي، الذي أشرف على تدريبهم في الورش التي عُقدت لهم، وأسفرت عن 11 فيلماً استطاعت أن تنتزع فرصة المشاركة والمنافسة على جوائز المهرجان. يقول ملاعب مفسراً عدم حضور السينمائيين الصغار: التنقل في مثل هذه الظروف التي يمرون بها أمر في غاية الصعوبة، فكرة الانتقال من بلد إلى آخر وهم لا يملكون هويات تسهل لهم عبور الحدود أمر ليس سهلاً على الإطلاق. ولأنهم أطفال لم يكن ممكناً أن يسافروا دون ذويهم، لذا كان الحل هو أن تسافر أعمالهم ومشروعاتهم الصغيرة للمشاركة، ليكونوا موجودين فنياً على أرض الشارقة. تركت ضياء قليلاً أثناء تصفحي أوراق أفلام الصغار، الذين حملوا لقب لاجئ بين ليلة وضحاها. بين الخيمة والزريبة عنوان يشد حواسك ويجعلك تتأهب لاستنشاق رائحة الألم، محمد رامي علي، 12 عاماً، اختار هذا العنوان ليعبر عن رحلته التي قام بها حاملاً كاميرته الصغيرة، ليدخل إلى أصعب الأماكن التي يعيش فيها اللاجئون في لبنان، تحت وطأة الفقر المدقع. لم ينس محمد أن يعلن عن حلمه في أن يصبح طياراً يجوب أنحاء العالم. راما شربجي، البالغة من العمر 16 عاماً، والتي تعيش في لبنان منذ عام مضى تصفه بأنه الأسوأ في حياتها، ترصد قصة أحمد من خلال فيلمها الذي حمل نفس الاسم، لتنقل لنا صوراً مختلفة من المآسي والأوجاع التي تعرض لها، من الحرب والتشريد والهجرة والضياع. أحلام راما لا حدود لها، فهي لا تطمح إلى العودة لوطنها عن قريب فحسب، بل أن تمتلك شركة خاصة لإنتاج الأفلام الوثائقية عن الأطفال اللاجئين في مختلف دول العالم. الزيز عنوان الفيلم الذي وصفه مخرجه يوسف الشمالي، بأن 3 دقائق كافية تماماً لتصوير مشهد من قلب مخيماتنا التي أصبحت منتشرة في مختلف الدول، لأنقل عبره كم المعاناة والألم اللذين نتعرض لهما جراء الحرب التي هجرتنا من أوطاننا، مضيفاً: فيلم الزيز أطمح في أن يعبر عما أردت قوله. يوسف لا يحلم بشيء سوى أن يعود إلى سوريا، وأن يعيش لحظة دخوله مرة ثانية إلى حلب المنكوبة. على الموضة فيلم فاجأت به مخرجته بشرى دياني، البالغة من العمر 18 سنة الجميع، عندما خرجت عن المألوف والمنتظر من تجسيد الألم والمعاناة، لتقدم عرضاً خفيفاً يرصد اهتمام الشباب اللاجئين بأحدث صيحات الموضة. فرغم الفقر والظروف الضاغطة التي يعيشون تحت وطأتها، إلا أنهم بشر يعيشون حياتهم، ويحلمون، ويسمعون الموسيقى. بشرى تطمح إلى أن تدرس الأدب الإنجليزي، لتكون كاتبة ومخرجة ومنتجة لأفلام سينمائية، تشارك بها في مختلف المهرجانات العالمية، بل إن لديها يقيناً بأنها ستحصل على أوسكار أحسن فيلم يوماً ما. فرق عمل الأطفال اللاجئين ساروا على نفس الطريق، من خلال فيلم أحد هذه الفرق بعنوان نتعاون كي ننجح، حيث جسدوا المعاناة والألم، ولكنهم قدموا رسالتهم التي تدعو إلى التكاتف والتعاون من أجل استمرار معيشتهم في المخيمات. وهو الفيلم الذي شاركت في إنتاجه مؤسسة فن بالشراكة مع مصرف الشارقة الإسلامي. أفضل منصة لاكتشاف المواهب في حديث لالخليج قال الفنان الإماراتي أحمد الجسمي إن الطفل في حاجة إلى المهرجانات والفعاليات التي تخاطب عقله، من أجل زيادة وعيه في عصر اجتاحته العولمة والتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لذا يجب أن نجدد في وسائل مخاطبته لكيلا ينجح في استقطابه آخرون، ولذا فإن وجود مهرجان سينمائي مخصص للأطفال أمر يبعث على الأمل والتفاؤل. وثمَّن الجسمي توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والدعم الكبير من قبل قرينة سموه سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بجعل الشارقة منارة ثقافية، قائلاً: فعلتها عاصمة الثقافة الإسلامية والسياحة والصحافة العربية، عندما وضعت على قائمة أولوياتها قضايا اللاجئين، والمثال الحي أمامنا الدورة الرابعة للمهرجان، التي تضمنت أفلاماً من صنع أطفال اللاجئين السوريين، ليكون خير منصة يطلقون من خلالها إبداعاتهم، ويكتشفون مواهبهم، رغم ما يتعرضون له. واختتم حديثه مؤكداً أن السينما ستظل الفن السابع الذي يحمل رسائل هادفة لأطفالنا ولجميع أفراد المجتمع. أكثر إحساساً بالحياة قد تكون المحن التي يمر بها الإنسان هي التي تخلق منه مبدعاً، فيكون صاحب أفكار خلاقة تسهم في صياغة تفاصيل الحياة البسيطة، عبر العديد من الوسائل أبرزها الفن. بتلك الكلمات بدأ ضياء ملاعب حديثه معنا قائلاً: إن الأطفال في المخيمات لديهم مشاعر وأحاسيس قوية وردود فعل مليئة بالحياة، هي نتاج كل ما مروا به. أضاف: يعتقد الكثيرون أن ظروف اللجوء في المخيم لا تؤهل لانطلاق الإبداع والخيال، وهذا اعتقاد خاطئ تماماً، لأن المعاناة تزيد الإحساس بالمشاعر المختلفة، التي بدورها تنمي القدرات الخلاقة خصوصاً لدى الأطفال، وهذا ما توصلت إليه بعد أن قمت بتدريب الأطفال اللاجئين في المخيمات بلبنان، ورصدت ما يدور بداخلهم عن قرب، وساعدت على إخراج ما في داخلهم من مشاعر، قد يكون من الصعب عليهم الحديث عنها مباشرة. وأكد ضياء أنه لمس من خلال عمله مع الأطفال طاقة كبيرة وقوية للعمل الفني، فهم يشعرون بالفرح والسعادة حين يقومون بالرسم، ومن ثم تصوير تلك الرسومات لتحويلها إلى أفلام حركية، مشيراً إلى أنهم وجدوا في ذلك وسيلة لإيصال رسالتهم للعالم، والتعبير عن احتياجاتهم التي حُرموا منها بسبب الحرب.

مشاركة :