في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، استعرض الوزير أنس الصالح التقرير الصادر عن اللجنة الدائمة لتحسين بيئة الأعمال والخطوات التي قامت بها لتطبيق التوجهات الحكومية في تحسين المناخ الاستثماري والتنسيق بين القطاع العام والخاص لخلق فرص مواتية تشجع على تقوية الاقتصاد الكويتي. وجاء في الخبر الذي نشر عن فحوى الاجتماع: «أن هناك 70 في المئة من البرامج تسير في المسار المخطط لها، وأن هناك 6 من أصل 41 برنامجاً انتهت من الخطوات المحدد لها». وإلى هنا والكلام وسياق الخبر جميل جدا، وكما يقول المثل المصري «زي السمن على العسل». بعد ذلك وبيوم واحد فقط، نشرت إحدى الصحف خبرا عن تقرير بعنوان «تكافؤ الفرص للجميع»، وهو تقرير يصدر عن البنك الدولي ويمثل الطبعة الرابعة عشرة ضمن سلسة من التقارير التي تقيس المعطيات التي تعزز النشاط التجاري وأبرز معوقاتها وتشمل الدراسة التي يتضمنها التقرير 190 دولة. وبعد بحث سريع وبكل اختصار، فإن التقرير يقيس تحسن بيئة الأعمال في الدول التي يشملها التقرير ضمن معايير أساسية، وهي: بدء النشاط التجاري، استخراج تراخيص البناء، سهولة الحصول على الكهرباء، تسجيل الملكية، الحصول على الائتمان، حماية الأقليات من المستثمرين، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، إنفاذ العقود وأخيرا تسوية حالات الإعسار (التعثر). وبنظرة سريعة لنتائج الكويت في التقرير الذي شمل 190 دولة، فقد احتلت المرتبة 173 في مؤشر بدء النشاط التجاري، والمرتبة 157 في مؤشر التجارة عبر الحدود، والمرتبة 144 في استخراج تراخيص البناء، والمرتبة 118 في الحصول على الائتمان، والمرتبة 115 في الحصول على الكهرباء، والمرتبة 108 في تسوية حالات الإعسار والمرتبة 81 في حماية صغار المستثمرين، ولتكون بذلك احتلت المرتبة الأخيرة خليجيا في مدى تحسن بيئة الأعمال (مع مرتبة الشرف)! المفارقة العجيبة في الموضوع، أن التقرير الدولي الذي يدور فحواه عن مدى تحسن بيئة الأعمال في الدول التي يشملها التقرير، كان قد صدر في نفس يوم انعقاد اجتماع مجلس الوزراء والذي تمت فيه مناقشة تقرير اللجنة الدائمة لتحسين بيئة الأعمال في الكويت! ويبدو أن سوء طالع مجلس الوزراء أو جهل اللجنة بموعد صدور التقرير الدولي، كشف بما لا يدعو مجالا للشك وبيّن للعامة، أن الجهود المبذولة من قبل اللجنة وتقريرها المقدم لمجلس الوزراء، لا يتفق مع مخرجات التقرير التي أشارت بكل وضوح إلى وضع الكويت السيئ جداً مقارنة بالدول الأخرى! ولأنني لا أجد هناك حاجة في الإسهاب أكثر لتحليل الموضوع، فإنني أتساءل فقط، هل فعلا الحكومة جادة في ذلك أم أن كل ما يحدث هو مجرد ضحك على الذقون؟ سؤال يستحق التفكير! Email: boadeeb@yahoo.com