"سومنوس" فيلم خيال علمي بشخصيات غير مكتملة البناء بقلم: طاهر علوان

  • 10/31/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

سومنوس فيلم خيال علمي بشخصيات غير مكتملة البناء سعى المخرج كريس ريدنغ في فيلم سومنوس للمضي بالخيال إلى أقصاه، محاولا تقديم قصة خيال علمي على درجة من النضج والفاعلية من خلال فريق ينطلق بمركبته الفضائية في أعماق الكون، لكن هل استجاب الفيلم للخواص التي تميز أفلام الخيال العلمي؟ العربطاهر علوان [نُشرفي2016/10/31، العدد: 10441، ص(16)] قصة بسيطة عن انهيار الكوكب الأرضي في فيلم “سومنوس” للمخرج كريس ريدنغ (إنتاج 2016) يتجه فريق بشري والبعض من الكائنات الروبوتية عبر مركبة فضائية إلى مسارات غامضة في الفضاء الكوني، يقود الرحلة الكابتن إيمرسون (الممثل ماركوس مكماهون) ويساعده المهندس فينغ (الممثل كولوم أوستن)، وهما منشغلان برسم مسارات المهمة. وفي المقابل يُمضي مساعدهما روبرت (الممثل روحيت جوكاني) بعض الوقت مع الجهاز الروبوتي المسيّر للرحلة والكاشف التكنولوجي عن المعلومات الأساسية المطلوبة عنها، من خلال ميريل (صوت الممثلة ميريل جريفيثس)، ويتطور الأمر إلى أن هذه الشخصية الروبوتية ولأسباب مجهولة تستهدف الطاقم، فتقضي على إحدى العاملات في الفريق ثم تجهز على روبرت بعد أن تستدرجه ليلقى حتفه. لا تتعدى الحوارات اليومية حدود هؤلاء الثلاثة مع الكائن الروبوتي، إلى درجة أننا نشعر برتابة الحوارات وبالاسترخاء التام للشخصيات، وهي تثرثر في شتى القضايا، وفي حين كنا نتوقع تصعيدا وانتظارا لمواجهات حاسمة قادمة، يتجه بنا المسار الفيلمي نحو انطلاق المركبة الفضائية إلى مجرة “سومنوس”، حيث سنعلم أن المجتمعات البشرية قد تم محوها عن بكرة أبيها، ولم يبق منها إلاّ تلك المرأة شبه المجنونة التي يرافقها وحش برّي، ومن هم على شاكلتها. نزول الكابتن بزيّه الفضائي وسط الغابة ولقائه بتلك المرأة وما دار بينهما من حوار تضاف إلى الثغرات التي اعترت الفيلم، كلها خذلت المخرج عن الارتقاء بالأحداث. وإذا عدنا إلى بداية الفيلم فسنكون مع مشهد في إنكلترا يعود إلى خمسينات القرن الماضي، شخصان يقفان في محطة القطار يتحدثان بأي كلام ليمضي كل واحد منهما بعد ذلك في اتجاه، ثم ما يلبث مأمور المحطة أن ينهض من مكانه راكضا ساعيا لإيقاف القطار وهو ينادي باسم الدكتور، ولا نفهم ما الهدف من هذا المشهد المصوّر بالأبيض والأسود؟ وما علاقته بالأحداث اللاحقة؟ يبدو أن تقديم الشخصيات وتطويرها هما إحدى إشكاليات هذا الفيلم، فالشخصيات تبدو غير مكتملة البناء والتكوين، الكابتن يظهر في البعض من المشاهد في شبه حلم بمصاحبة امرأة ما نجهلها أيضا، وبهذا فقدت الشخصيات جاذبيتها التي تشجع المشاهد على المتابعة. على صعيد البناء المكاني ولكون الفيلم محدود الميزانية كما هو واضح، كانت الأحداث والحوارات تنحصر في حدود المساحة الضيقة للمركبة الفضائية ثم لاحقا في الغابة، هنا لم يستثمر المكان ولا تنوع جغرافيته في منح الأحداث المزيد من الجاذبية والأهمية، وبقي المكان مجرد خلفية غير مؤثرة في البناء الفيلمي. البناء المكاني للفيلم انحصر في حدود المساحة الضيقة للمركبة الفضائية والغابة، مما أفقده التنوع في المشاهد على صعيد السرد السينمائي اتخذت أحداث الفيلم مسارا خطيا أحادي الطرح، إذ لم تكن هنالك تقاطعات في السرد بناءً على تحولات الشخصيات أو على أساس الحبكات الثانوية، وهو ما فاقم إشكالية السرد ودفع المخرج إلى المزيد من التساهل مع الزمن الفيلمي وأزمنة المشاهد التي بدت في بعض الأحيان ليست ذات فعل مؤثر نحو تصعيد الأحداث. من جهة أخرى حاول المخرج وفريق عمله التقشف أكثر في استخدام المؤثرات البصرية والجرافيك والخدع السينمائية، ربما ظنا منهم أن ذلك يمنح الفيلم المزيد من المصداقية والجمالية، ولكنه في الحقيقة كان بإمكانه استخدام تلك الأدوات لغرض سد الثغرات التي اعترت البناء الفيلمي، إلى درجة أنك تشعر بالحاجة إلى تلك المؤثرات في الكثير من المشاهد. فمثلا لم يستثمر المخرج أدوات كافية عند انتقال المركبة إلى مجرة “سومنوس”، ولا عند انتقال الكابتن إلى الفضاء الأرضي، وكل المشاهد تمت من خلال انتقالات مفاجئة خالية من عوامل الجذب والاختلاف والتأثير. وفي هذا الباب أشّر موقع “فيلم جورنال” السينمائي المختص على أن مخرج الفيلم استعار العديد من المشاهد من أفلام شهيرة مثل “أوديسا الفضاء” أو حاكى أسلوب المخرج ريدلي سكوت، ولكنها استعارات لم تشفع للفيلم لكي يجيب على الكثير من التساؤلات التي تتعلق ببنائه الدرامي ونموّه السردي. في المقابل قدّم الفيلم قصة بسيطة أراد من خلالها التأكيد على حقيقة أن لا جدوى من السير على نمطية أفلام الخيال العلمي القائمة بالدرجة الأولى على الخدع والإبهار البصري، مع إضعاف الحس الإنساني إلى درجة تبدو فيها الشخصيات وكأنها تتصرف مثل الآلة أو الأجهزة الروبوتية، كما أنه لم يتوسع في ما درجت عليه قصص الخيال العلمي، في ما يتعلق بانهيار الكوكب الأرضي والعالم الديستوبي من قبيل البنايات المنهارة والخرائب وما إلى ذلك، واتجه عوضا عنها إلى الطبيعة التي بدت بمنأى عن الخراب. :: اقرأ أيضاً سلافوي جيجك ينتقد الابتزاز الأوروبي للاجئين الهاربين من الموت مصطفى بيومي: المثقف العربي يقف في صف الأدب النخبوي عبدالملك مرتاض يكتب عن بنية اللغة في الشعر النبطي هل يصبح فن الشارع فنا مشروعا

مشاركة :