"جيو ستورم" فيلم يقاوم الكوارث الطبيعية بالخيال الرقمي بقلم: طاهر علوان

  • 11/6/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

جيو ستورم فيلم يقاوم الكوارث الطبيعية بالخيال الرقميتفاعلت سينما الخيال العلمي طويلا مع قصص وموضوعات الطبيعة في أشد تحولاتها خطورة، ومن ذلك العواصف والأعاصير والفيضانات وغيرها، حيث وجدت في تلك القصص جانبا تشويقيا عزز جانب الخيال من جهة ومنح تلك الأفلام مستوى ملحوظا من الواقعية لسبب بسيط، هو أن البشر باتوا اليوم من أشد ما يقلقهم هو تقلبات الطبيعة ونتائج وتداعيات ما يعرف بالاحتباس الحراري.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/11/06، العدد: 10804، ص(16)]طبيعة غاضبة اشتغلت سينما الخيال العلمي على ما يعرف بالقوة القاتلة غير المرئية التي تمثلها الحوادث الكبرى، خاصة الأعاصير في مقابل العجز التام للقدرة البشرية على التحكم بالأعاصير أو العواصف أو الفيضانات والسيطرة عليها. وفي فيلم “جيو ستورم” للمخرج دين ديفلن (إنتاج 2017) يتم الغوص عميقا في هذه الإشكالية التي تقلق المجتمع البشري، مما يدفع حكومات العالم إلى قمة عالمية يكون من نتائجها تأسيس مشروع للسيطرة على الكوارث من قبيل العواصف والأعاصير وغيرها، من خلال منظومة متطورة من الأقمار الصناعية وأنظمة الاستشعار عن بعد بما عرف بمشروع ” الطفل الهولندي”. وتتدخل الولايات المتحدة على أعلى المستويات في هذا المشروع الذي يقوده المهندس المعماري المرموق جاك لوسن (الممثل جيرار بوتلر)، والذي يقود فريقه بنجاح في الحيلولة دون إعصار كان سوف يضرب مدينة شنغهاي الصينية بما يثبت نجاعة ذلك النظام، وبسبب ذلك يجري إيقاف جاك. تريد سلطات الولايات المتحدة أن تتحكم في اتخاذ القرار، وكأنها ضمنيا هي التي تقرر من هو البلد الذي تجري حمايته من الكوارث ومن هو البلد الذي يترك لقدره، ولهذا يصدر قرار من أعلى المستويات بسحب مسؤولية المشروع من جاك وإسناده لشقيقه وشريكه ماكس (الممثل جيم ستروجيس) الذي واكب المشروع منذ بداياته. وتقع في ما بعد حوادث عدة تثبت أن المشروع خرج عن السيطرة كتعرض مدن في أفغانستان إلى التجمد المفاجئ، وهو ما تكشفه الأمم المتحدة لاحقا، ثم يقع حادث آخر بتعرض هونغ كونغ إلى عاصفة حرارية مدمرة، وكل ذلك وجاك يحاول استجلاء ما يجري وكأنه ظاهريا أمر عارض أو خارج عن السيطرة، ولكنه من جهة أخرى فيه هامش من نظرية المؤامرة. ولعل الذروة في تلك السيطرة المريبة على العوامل الجوية هو التخطيط لاغتيال الرئيس الأميركي نفسه في أثناء إلقائه لخطاب في ملعب كبير، بتسليط عاصفة مدارية على المكان تحرقه بالصواعق. وتتعدد خطوط السرد وتتشعب إلى درجة تقترب بالفيلم من الترهّل بسبب تشعّب الثيمة الافتراضية التي يطرحها المخرج، مع محاولة الإمساك بخط سردي أساسي تمثله شخصية جاك المحورية الذي يقسّم من هم حوله إلى فريقين ممن هم معه ومن يتآمرون ضده.الفيلم احتشد بعناصر بصرية وخدع متنوعة خففت إلى حد ما من إغراقه بالحوارات والسجالات بين الأطراف المتعددة في خطوط السرد المتعددة يجد المشاهد نفسه منجذبا إلى متعة السيطرة الافتراضية على قوى الطبيعة الخارقة، أما مرحلة توقّع الأعاصير وما إليها فتقع ضمن برمجيات فريق “الطفل الهولندي”، ناهيك عن تحول الأمر إلى سر من الأسرار الكبرى التي تتعلق بمصير البشر، لا سيما مع المشاهد الأخيرة من الفيلم، وهي مشاهد تحبس الأنفاس بخروج الأمر كله عن السيطرة. واقعيا هناك ما يتم تداوله مما هو مواز لهذا الواقع، وهو خروج الذكاء الصناعي على السيطرة، وكذلك الأمر في اختراق الأنظمة الرقمية المتحكمة بالمناخ على السيطرة في مغامرة لا تخلو من مرارة. واحتشد الفيلم بعناصر بصرية وخدع متنوعة خففت إلى حد ما من إغراقه بالحوارات والسجالات بين الأطراف المتعددة، وهو ما سعى إليه المخرج دين ديفلن لكي يخرج الفيلم من الرتابة مع تشعب خطوط السرد والتنوع المكاني والانتقالات بين أماكن الحدث والأعاصير المختلفة. من جهة أخرى سعى المخرج أن يقدم قصة سينمائية مختلفة إلى حد ما عن سلسلة من أفلام الكوارث التي ظلت سينما الخيال العلمي تتخذها موضوعا أساسيا لها، وهنا نتذكر أفلاما، مثل “الإعصار” (1996) و”قمة دانتي” (1997) و”التأثير العميق” (1998) و”أرماغادون” (1998) و”الحس الكامل” (2011) و”البحث عن صديق في نهاية العالم” (2012) و”المستحيل” (2012) و”العاصفة الكاملة” (2013) وغيرها. ولعل الإشكالية في هذا الفيلم مقارنة بتلك السلسة من الأفلام التي تلتقي عند قاسم مشترك واحد، وهو ثيمة العوامل الطبيعية والكوارث المترتبة على غضب الطبيعة، هو في كونه حشدا لما هو رقمي ومتخيلا في ما يتعلق بافتراض استخدام أنظمة رقمية للسيطرة على تلك الكوارث والحد منها. ومن الطريف أن الشركة العملاقة “وارنر بروذرز” التي أنتجت الفيلم أنتجته متزامنا مع كوارث الهزات الأرضية في المكسيك والأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة، وتجدد الحديث عن اتفاقية الاحتباس الحراري ومحاولة الرئيس الأميركي ترامب التنصل منها، وكأن الفيلم جاء بمثابة خطاب تحذيري ودعوة عاجلة لإيجاد أنظمة أكثر فاعلية وتطورا للسيطرة على الكوارث التي يتوقع أنها ستعصف بالأرض كنتيجة لمخلفات الاحتباس الحراري. وفي كل الأحوال قدّم الفيلم قصة متماسكة ومعالجة متميزة، على الرغم من تبعثر الثيمة الأساسية في وسط تشعب الأحداث، فضلا عن الحفاظ على تماسك الدراما الفيلمية.

مشاركة :