الروائي يفاوض التاريخ والمؤرخ يبحث فيه بقلم: عبدالله مكسور

  • 11/1/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الكتابة عن الثيمات التاريخية تأخذ طابعا أقرب إلى التحقيقات الاستقصائية، يكون الأبطال فيها عبارة عن باحثين عن الحقيقة المتحركة في زمانهم والثابتة في زمان تدوين الأدب الذي يأتي عادة متأخرا، فالحقيقة المتحركة الثابتة لا تكون هاجسا عند الأديب بقدر ما تسكنه رغبات في إماطة اللثام عن مناطق لم يصل إليها المؤرخ الذي يسعى إلى تدوين الحدث بوصفه مجردا عن كل ما يحيط به، بينما الأديب ينطلق في اشتغاله على الموضوع التاريخي بداية من الزمان والمكان والشخصيات التي لم تخلق الحدث، بل كانت أحد نتائجه. الرواية التاريخية كتابة الرواية التاريخية بوصفها جنسا أدبيا ضمن الرواية العالمية اليوم، تلعب دورا في إعادة بناء المعرفة، لأن أدواتها تحتمل المزاوجة بين الواقعي والمتخيّل، لذلك لا نرى الكتب التاريخية تحتفي مثلا بالكتيبة المصرية “السودانية” التي شاركت في الحملة الفرنسية على المكسيك لتثبيت حكم ماكسيمليان، بل هي في الكثير من المصادر التاريخية غير موجودة، ولعل هذا ما جعل منها موضوعا للتقصي عند محمد المنسي. تقديم التاريخ ضمن رواية أدبية يتطلب أدوات خاصة وتقنيات عديدة، تبدأ من المعروف لتدخل في غير المعروف، فإذا قدّمت الرواية الأدبية التاريخية سردا للأحداث بالشخصيات المعلنة في التدوين التاريخي تفقد قيمتها الأدبية، لأنها تكون في صورتها استنساخا للحدث الأصلي وإعادة تدوير له، بينما يتركز دور الرواية التاريخية في تغييب الحدث التاريخي وإظهار جوانب منه في لعبة السرد من خلال الاهتمام بالشخصيات الثانوية، في مسارات تلجأ غالبا إلى الافتراض ودمج العوالم العديدة المفتوحة على الزمان والمكان في بنية واحدة تتعدد فيها المقولات. الرواية الأدبية التاريخية مستقلة بأدواتها عن علم التاريخ، وبالتالي فإن العلاقة بينهما قائمة بذاتها؛ مستقلة بوظيفتها عن العلاقة بين الروائي والمؤرخ الذي يقدّم التاريخ بناء على البحث العلمي، بينما يقوم الأول بمفاوضة التاريخ لاستنباط الحكايا الدفينة فيه والكشف عنها. :: اقرأ أيضاً المدن كائنات حية تمرض وتتعافى وتموت قصائد صوفية مرهفة ومعذبة وآمال مؤجلة لقاء نقدي في المغرب عن أدب المناجم حملة فريزر تركيبة غنية بالكوميديا بأداء باهت

مشاركة :