يتدافع المئات من العملاء أمام البنوك في العاصمة الليبية طرابلس، الذين ينتظرون منذ أسابيع وربما شهور لسحب الأموال في دلالة واضحة على النقص الحاد في السيولة. هذا المشهد، الذي صار مألوفا، يشكل علامة صارخة على انزلاق ليبيا إلى انهيار اقتصادي رغم ثروتها النفطية، وعدم قدرة الحكومة على إحراز تقدم صوب إنهاء أعوام من الاضطرابات السياسية والصراعات المسلحة. ويظهر النقص الحاد في السيولة مدى الصعوبات التي تواجهها الحكومة للسيطرة على المالية العامة للبلاد حتى بعدما أذكى تعافي إنتاج النفط توقعات بانحسار الضغوط الاقتصادية. ويرى البعض في اجتماع يعقد في لندن يوم الاثنين المقبل تحت رعاية بريطانيا والولايات المتحدة فرصة أخيرة لتحفيز على إنقاذ اقتصاد ليبيا من مزيد من الهبوط. وتسبب تفاقم أزمة السيولة المالية والصعود السريع لمعدل التضخم في تبديد الآمال في قدرة حكومة الوفاق على إحلال الاستقرار. ويقف بعض الليبيين الآن في طوابير طوال الليل للحصول على الأجور والمكافآت. وقال مصرف الوحدة، أحد أكبر البنوك في ليبيا، اليوم الأحد، إن خزائنه خاوية حتى إشعار آخر. ويقول البنك الدولي إن إيرادات ليبيا من النفط هبطت إلى مستويات قياسية في وقت سابق من العام، وتعاني البلاد من عجز ضخم تغطيه من الاحتياطيات الأجنبية التي انخفضت إلى 43 مليار دولار في نهاية 2016 من أكثر من 100 مليار دولار منذ 3 سنوات. وخلقت القيود الصارمة المتعلقة بالحصول على العملة الصعبة سوقا غير رسمية مزدهرة للصرف، حيث هبط الدينار مؤخرا إلى مستوى منخفض جديد بلغ نحو 5.25 دينار مقابل الدولار. وأدت الضغوط المالية إلى نقص في المنتجات الغذائية المدعمة، وهو ما دفع أسعار الغذاء للصعود 31 % في النصف الأول من 2016 بحسب تقديرات البنك الدولي. ويقول خبراء اقتصاديون إن أزمة السيولة في ليبيا لن تحل بدون تحسن الوضع الأمني والثقة في النظام المصرفي. وأضافوا أن وصول أوراق النقد الجديدة المرسلة من بريطانيا إلى طرابلس ومن روسيا إلى الشرق ستساعد قليلا على تحسن الوضع.
مشاركة :