زهرة في الأرض اليباب - فيصل خالد الخديدي

  • 11/4/2016
  • 00:00
  • 161
  • 0
  • 0
news-picture

يحرص الفنان عادة في مشاريعه الفنية على أن تكون مترابطة ومتصلة في سلسلة فكرية فنية أو تقنية تمثله وتشكل هويته وشخصيته الفنية تجمعها فلسفة ورؤية تشبع هاجسه وتحقق شيئا من تطلعاته لمشروعه الذي تبناه، وهذا ما حاولت جاهدة تحقيقه التشكيلية زهرة الغامدي من خلال مشاريعها الفنية، والتي جعلت الأرض محوراً لها في مشاريعها الثلاثة: (القرية الهامدة) (نسيج حي) (جمر ورماد)، فبدأت مشاريعها الثلاثة بالقرية الهامدة والتي تستعيد فيها الذاكرة الجمعية لمكان من الأرض وتعيشه من خلال الحياة في بقايا أنقاض قرية هامدة لفتت النظر لمبانيها وعمارتها في جنوب السعودية، وكيف كانت العلاقة التبادلية بين عمارة القرية الهامدة والمباني الحديثة، كما أشارت في البيان المصاحب للعمل، واستمرت علاقة الفنانة بالأرض من خلال تلمسها لنبض وحب وعاطفة الأرض، فاقتطفت حبات من ذرات الأرض ونسجتها في نسيج حي معلق على هيئة شرائح تسيل منها حبات الأرض على الحائط وأرضية القاعة لتبث للمشاهد مباشرة أمام عينه المجردة هذه الحبات من رمل الأرض، وما تحمله من عاطفة وذاكرة كما أوحت لذلك في بيان العمل، أما العمل الأخير والذي قدمته الفنانة قبل أسابيع تحت مسمى جمر ورماد فربما ابتعدت بالمسمى عن موضوع وفكرة العمل وفلسفته، لكن العمل اقترب كثيراً من الأرض والإنسان في تعبيرها عن الأرض المحروقة بطرق شتى، أو ما يمكن استشعاره من بيان العمل عن ضماد الأرض الذي يعطي أكثر عمقاً للعمل وأقوى رسالة، فاختيار السواد ولفافات الضماد في تنفيذ العمل أعطت بعداً فكرياً وشاعرياً يشي بكثير من القضايا الإنسانية المخبوءة في العمل، والتي تئن بشكل ضمني يكفي كثيراً عن التصريح به في البيان أو الشرح للعمل، قدم عمل جمر ورماد نموذجاً حي للرسائل الفكرية الفنية والتي لم تفقد متعتها البصرية وجودة إخراجها وجرأتها، فهو أكثر من عمل تركيبي، وإن كان بيانه يحتاج قليلاً من التركيز والتقنين ليظهر على مستوى متعة الطرح البصري وعمق رسالته وفلسفته التي وصلت للمتلقي بشكل يبرز وجدانية طرح الفنانة ومستوى ثقافتها ووعيها لما تطرح.

مشاركة :