حدثني صديقي الأمريكي عن معركة اليونسكو التي خاضها العرب في باريس ونتج عنها أن اتخذت اليونسكو قراراً سياسياً باعتبار الحرم الشريف تراثاً فلسطينياً خالصاً ليس لليهود فيه حق تاريخي، وقلت له إن في هذا القرار ما يبطل الحجج الإسرائيلية حول حقوقها في ما تسميه هيكل سليمان وغير ذلك من المزاعم، وافقني صديقي وقال إنه لا يقلل من قيمة هذا الانتصار المعنوي ولكنه أبدى ملاحظتين، الأولى أن القرار سياسي صدر بالتصويت، وهو بذلك يعكس المواقف المسبقة للدول الأعضاء ولم يكن قراراً علمياً ناتجاً عن دراسات تاريخية توثيقية وبالتالي فإنه لا يختلف عن أي قرار آخر من القرارات التي تتخذها الأمم المتحدة وتضرب بها إسرائيل عرض الحائط، والملاحظة الثانية هي أن القرار في تقديره خطوة في الاتجاه الخطأ حيث إنه يعزز مخاوف الإنكار لدى الاسرائيليين ويكرس فيهم عقلية التمترس وفرض الأمر الواقع بالقوة، تلك العقلية التي ما فتئ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يغذيها ويتغذى منها. استطرد الصديق ليقول إن معركة العرب والفلسطينيين مع إسرائيل بالوسائل العسكرية قد حسمت لصالح إسرائيل، والمعركة قائمة الآن بالوسائل الدبلوماسية وهي لا تكفي لتحقيق النتائج المرجوة، والمطلوب هو خوض معركة العقول والقلوب في إسرائيل، وأضاف يقول :تخيل لو أن الجامعة العربية بدأت برنامجاً مكثفا للحوار بين مفكرين وأكاديميين وصناع رأي وطلاب ممن لا يحملون أية صفة رسمية وبين نظرائهم الإسرائيليين ولنتخيل جولة من الحوار مدتها ثلاثة أيام تعقد كل شهر في إحدى المدن العالمية ويتناوب على المشاركة فيها أشخاص ممن يجيدون فن التواصل ويسعون الى الوصول الى الرأي العام الإسرائيلي وسحب البساط من حجج الخوف والتمترس التي يستند عليها نتنياهو. ثم تخيل لو أن الجامعة العربية أطلقت مبادرة للدبلوماسية العامة والإعلام والتواصل تهدف إلى إيصال مبادرة السلام العربية إلى ما لا يقل عن مليون مواطن إسرائيلي خلال عام واحد، إن مبادرة السلام العربية هي الوسيلة الأكثر فعالية في تجريد نتنياهو من سلاح التخويف الذي يبتز به الرأي العام الإسرائيلي ويكسب به الانتخابات مرة تلو أخرى. مبادرتان جريئتان تستهدفان كسر حاجز الخوف عند الإسرائيليين وتغيير ديناميكية المعادلة السياسية في إسرائيل.. أطرحهما لكم للحوار المسئول بعيداً عن مغامرات التطبيع الانفرادية التي لا تتجاوز حدود الصور والفلاشات. afcar2005@yahoo.com
مشاركة :