أعارني صديق كريم نسخة نادرة من ديوان الشاعر العربي العظيم محمد مهدي الجواهري، فقلت له مداعباً إنني قد سمعت من بعض الناس من يقول أن الاحتفاظ بعارية الكتب أمر مباح لا حرج فيه، فتراجع صديقي عن الإعارة وأعلن أنه يهديني الديوان فله مني كل الشكر والامتنان. تجولت في الديوان وهو حافل بأشعار جزلة تستنهض الأمة وتعبر عن همومها وآلامها وتطلعاتها، فهو يتحدث عن نضال مصر ويمجد شباب سوريا وينشد عن لبنان ويعبر عن مأساة الفلسطينيين، وتساءلت لو أن الجواهري قد كان بيننا اليوم وشاهد ما يتعرض له العراق الصامد من مآسٍ وتمزق، بل وما تمر به الأمة العربية من هوان وضعف فماذا كان تراه يقول؟ خاطب الجواهري مصر في قصيدة بعنوان " إلى الشعب المصري " قال في مطلعها: يا مصر تستبق الدهور وتعثر والنيل يزخر والمسلة تزهر وبنوكِ والتاريخ في قصبيهما يتسابقان فيصهرون ويصهر والأرض ينقذ من عماية أهلها نور يرف على ثراك وينشر إلى أن يقول في أبيات أهدي مع التحية إلى عاشق مصر أخي الدكتور عبدالعزيز الصويغ: يا مصر لم تبخس جمالك ريشة مرت عليه ولم يخنه مصور لله جوك أي مبعث فتنة حتى الطبيعة عنده تتمصر الليل عندك غير ماعرف الدجى في أرض غيرك والصباح المسفر وكأنما من صنع جوك وحده قمر على كبد السماء منور وفي قصيدة أخرى يحيي نضال الشباب السوري قائلاً: نبئت في الغوطة الغناء عاصفة تكاد تجتث ما فيها وتقتلع مرت على بردى فالتاث مورده وبالغياض فلا حسن ولا مرع فقلت لا ضير إن كانت عجاجتها عن غضبة البلد المسلوب تنقشع وهل سوى متع زالت ستخلفها مخلدات حسانا خردا متع ومن ألطف القصص التي تعبر عن التقدير للشعر والشاعر أنه ألقى قصيدة بعنوان " ناغيت لبنان " حيا فيها الرئيس اللبناني بشارة الخوري عند زيارته للعراق، وفي نهاية القصيدة قام الأمير عبدالإله، الوصي على عرش العراق آنذاك، بنزع وسام الرافدين من صدر رئيس التشريفات وحلى به صدر الشاعر، فما كان من الرئيس اللبناني إلا أن نزع وسام الأرز من على صدر وزير الدفاع اللبناني وخلعه على الشاعر تعبيراً من القائدين عن الإعجاب الفائق والتقدير الفوري، وفي تلك القصيدة يقول الجواهري: ناغيت لبنان بشعري جيلا وظفرته لجبينه إكليلا ورددت بالنغم الجميل لأرزه ظلاً أفاء به علي ظليلا أوما ترى شعري كأن خلاله نسي النسيم جناحه المبلولا وحسان لبنان منحت قصائدي فسحبنهن كدلهن ذيولا أهديتهن عيونهن نوافذا كعيونهن إذا رمين قتيلا فرددنهن من الأسى وجراحه كسرا فرحت ألمهن فلولا ورجعت أدراجي أجر غنيمة من بنت بيروت جوى وغليلا وأختم جولتنا مع الجواهري بقصيدة غزلية بعنوان "جربيني" نظمها في ريعان شبابه قال فيها : ابسمي لي تبسم حياتي وإن كانت مليئة بالشجون أنصفيني تكفري عن ذنوب الناس طرا فإنهم ظلموني اعطفي ساعة على شاعر حر رقيق يعيش عيش السجين أخذتني الهموم إلا قليلا أدركيني ومن يديها خذيني إلى أن يقول: اسمحي لي بقبلة تملكيني ودعي لي الخيار في التعيين قربيني من اللذاذة ألمسها أريني بداعة التكوين أنزليني إلى الحضيض إذا ما شئت أو فوق ربوة فضعيني وإذا ما يدي استطالت فمن شعرك لطفا بخصلة قيديني كل ما في الوجود من عقبات عن وصولي إليك لا يثنيني afcar2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :