المنتحرون الصغار ينهون حياتهم هربا من "جحيم" الكبار بقلم: يمينة حمدي

  • 11/8/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

المنتحرون الصغار ينهون حياتهم هربا من جحيم الكبار تزايد حالات الانتحار في صفوف الأطفال يمثل علامة واضحة على أن الوسط الأسري أو الاجتماعي مريض، وقد أصاب الأطفال بالاكتئاب النفسي إلى الحد الذي دفعهم إلى الانتحار. العربيمينة حمدي [نُشرفي2016/11/08، العدد: 10449، ص(21)] صرخة ألم في نفوس الطفولة العليلة دعا خبراء في علم النفس الأزواج إلى تجنب الشجار والخصومات على مرأى ومسمع من أبنائهم الصغار، وحل مشكلاتهم في ما بينهم في غرف مغلقة وبصوت خافت، حتى لا ينتهي الأمر بأبنائهم إلى نفس الحال، فيمارسون السلوك ذاته مع شركائهم وأمام أبنائهم، أو تدفعهم كثرة الضغوط النفسية إلى وضع حد لحياتهم هربا من مشاكل آبائهم. وأوضحوا أن الآباء لا يورثون أبناءهم الجينات والثروات فحسب، بل والنجاح والفشل وكذلك الصحة والمرض، فنوعية العلاقة بين الأزواج يمكن أن ترسم ملامح مستقبل أبنائهم بالكامل، وجودتها تعني بالضرورة جودة حياة أبنائهم العاطفية والمهنية، أما إذا اتسمت بالتوتر والصراع، فإن مصير أبنائهم لن يكون محمودا في أغلب الحالات. وبينت دراسة فرنسية حديثة أن كثرة المشاحنات والصراعات بين الآباء تؤثر سلبا على الأطفال وتجعل سلوكياتهم غير سوية. ورجح الباحثون المشرفون عليها أن الأطفال الذين ينشأون في محيط عائلي مليء بالمشاكل بين الآباء، ينتابهم الشعور بعدم الأمان العاطفي، وقد يظهر ذلك جليا في سلوكياتهم في مرحلة المراهقة تحديدا على شكل نوبات من الاكتئاب والقلق، يمكن أن تؤثر على سلوكياتهم في المستقبل. وأكد الباحث مارك كامينغز رئيس جامعة نوتردام الفرنسية أن شعور المراهق بانعدام الأمن العاطفي، هو نتيجة حتمية للصراع بين الوالدين في مرحلة الطفولة، ومثل هذا الأمر قد يجعل فترة مراهقته تمتد إلى وقت أطول نسبيا بالمقارنة مع باقي الأطفال الذين لم يتعرضوا لمثل تلك الضغوط الأسرية. وربط الباحث بين الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأطفال في مراحل مبكرة من العمر ومعدلات الإصابة بالأمراض العضوية والنفسية، والرضا عن الحياة في مراحل لاحقة من العمر. باحثون: الآباء لا يورثون أبناءهم الجينات والثروات فحسب، بل النجاح والفشل، وكذلك الصحة والمرض وحذر من تربية الأطفال داخل أجواء مليئة بالمشاكل، والتي من شأنها أن تجعل منهم أشخاصا فاشلين في حياتهم، أكثر من غيرهم ممن يتربون في أوساط أسرية يسودها الحب والتفاهم بين الأبوين. ورجح الخبراء أن الضغوط النفسية في سن الطفولة قد تعيق الأطفال عن النجاح وتحقيق الأهداف، فيما يكون الأمر مختلفا بالنسبة إلى الأطفال الذين كانت طفولتهم خالية من الضغوط. وتشير أبحاث في علم النفس الحديث إلى أن صفات في الشخصية مثل الانضباط الداخلي ووضوح الأهداف الاجتماعية، تتطور أكثر عند الأطفال الذين يتربون في بيئة أسرية صحية، أما الذين ينشأون في أجواء أسرية مضطربة، فتزيد لديهم فرص التعرض لمشكلات في الصحة النفسية بمقدار 3 مرات مقارنة بغيرهم. ولعل هذا ما يفسر ظاهرة تفكير الأطفال في الانتحار أو الإقدام عليه، التي أصبحت سائدة في العديد من المجتمعات. وكشفت الأرقام الرسمية البريطانية أن خمسة وسبعين بالمئة من الأطفال دون العاشرة من العمر قد لجأوا إلى إيذاء أنفسهم جسديا فأصيبوا بجروح خطيرة أو كادوا أحيانا يقتلون أنفسهم. وبينت دراسة أميركية أجريت في 17 ولاية، امتدت من عام 2003 إلى 2012، قارن فيها الباحثون بين 87 حالة انتحار لأطفال تراوحت أعمارهم بين 5 و11 عاما و606 من حالات الانتحار لأطفال تراوحت أعمارهم بين 12 و14 عاما. وجاء في تقرير الباحثين، الذي نشر مؤخرا في دورية بيدياتريكس، أن نحو ثلث من شملتهم الدراسة في كل مجموعة شخصت إصابتهم بمشاكل مرتبطة بالصحة النفسية. أما على مستوى العالم العربي فقد شهدت البلاد التونسية في عام 2014 ثماني عشرة حالة انتحار في صفوف الأطفال وفق الإحصائيات الصادرة عن المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. وقد تكون هذه الحوادث مقصودة، أي أن الأطفال يسعون لإيذاء أنفسهم بسبب الضغوط النفسية التي تخلفها المشاكل العائلية. 75 بالمئة من الأطفال البريطانيين دون سن العاشرة لجأوا لإيذاء أنفسهم جسديا وتكشف أغلب حالات الانتحار بين الأطفال عن أن الوسط الأسري أو الاجتماعي عليل، وقد أصاب الأطفال بالاكتئاب النفسي إلى الحد الذي دفعهم إلى قتل أنفسهم. وأشارت دائرة الإحصاء العامة في بريطانيا إلى أن أكثر الأطفال قلقا من الناحية العاطفية هم الذين نشأوا في عائلات تعاني من المشاكل، وأن هؤلاء الأطفال سيقدمون على الأرجح على إيذاء أنفسهم مقارنة بغيرهم. ويمثل هذا دليلا على أن الأطفال والشباب بشكل عام يحتاجون إلى من يلجؤون إليه عند الشدائد قبل أن يعبروا الخط الأحمر وينزلوا عقابا قاسيا بأنفسهم. وقال بيتر ويلسون، مدير جمعية “يانج مايندز” (العقول الشابة) البريطانية الخيرية، إنه من الضروري بالنسبة إلى الآباء أن يتفهموا عمق تأثير المشاكل العائلية على أطفالهم. وأضاف “إننا دائما نتصور أن الأطفال قادرون على تحمل المصاعب، لكنهم يتحملون لأنهم لا يمتلكون خيارا سوى التحمل، غير أن هؤلاء الأطفال الذين يقدمون على الانتحار أو إيذاء أنفسهم إنما يقولون للآخرين إن من الصعب عليهم أن يواصلوا الحياة مع الصعوبات التي يواجهونها”. ومن جانبه أكد ديفيد ميجوريبانكس، من مؤسسة “ريلات” الخيرية في بريطانيا، أن المشاحنات المستمرة بين الزوجين قد تنتج عنها تأثيرات “قوية” على الأطفال. وأوضح أن الأطفال الذين يعيشون في أجواء عائلية مشحونة بالتوتر يكون تحصيلهم العلمي في المدارس سيئا وقد يقعون في براثن الجريمة. وقال “ذلك لا يرجع فقط إلى انفصال الزوجين، بل يحدث بسبب الصراع الذي يحيط بهم”. وأضاف “إن الصراعات في العلاقات السوية يكون له ضرر مثل ضرر الانفصال”. وأكد أن الأطفال الذين ينشأون مع أبوين في علاقات شديدة الصراعات هم أكثر فئة ستعاني من مشكلات صحية عقلية وجسمانية، ناهيك عن الأداء الضعيف في المدارس وينتهي الأمر بسلوك إجرامي معاد للمجتمع. ومن جانبها تعتقد الباحثة جان أرتينغستول، أن الناس حاليا يقضون كثيرا من الوقت في التواصل عبر الرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي ونسوا التحدث مع بعضهم. وشددت على أن المشكلة الرئيسية تكمن في انعدام الثقة بين الأزواج، والتي تنشأ من تجسس الأزواج على شركائهم عبر حسابات التواصل الاجتماعي. ونصحت الزوجين بالجلوس لمدة عشر دقائق للحديث سويا عن يومهما وتحمل المسؤولية المشتركة عن حالة العلاقة بدلا من اتهام بعضهما البعض. :: اقرأ أيضاً أكل الأسرة أثناء مشاهدة التلفزيون يزيد من تناول طعام غير صحي الفستان الجلد لإطلالة شتوية مفعمة بالأنوثة

مشاركة :