السياسة الخارجية لترامب "قفزة كبيرة في المجهول".. اتسمت بالغموض والتناقض

  • 11/10/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تشبه السياسة الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قفزة كبيرة في المجهول؛ لأن التصريحات التي أدلى بها خلال حملته اتسمت بالغموض والفظاظة والتناقض. وكان الرئيس الخامس والأربعون لأول قوة عالمية قال في خطابه الوحيد حول السياسة الخارجية في أبريل/نيسان الماضي، "أريد أن أكون شخصاً لا يمكن التنبؤ بمواقفه". وقد وعد وزير الخارجية جون كيري بعملية انتقال هادئة مع الإدارة الجديدة. وقال: "سنساعدهم قدر الإمكان.. من دون أن نغفل أي شاردة وواردة من القضايا الكبيرة التي نواجهها". ويصنف خبراء دونالد ترامب الذي لا يعرف شيئاً في السياسة، في خانة التيار الانعزالي، أحد تياري السياسة الخارجية السائدين منذ القرن التاسع عشر. وكان يمكن أن تكون هيلاري كلينتون في المقابل رئيسة تعتمد مزيداً من التدخل على المسرح الدولي. وكان الباحث طوماس رايت من مركز بروكينغز يتخوّف قبل الانتخابات من أن "تتخلى الولايات المتحدة إبان رئاسة ترامب عن دورها القيادي على الصعيد الدولي". وأضاف في مقالة، نشرها الاثنين، موقع هذا المركز البحثي "إذا ما انهارت هذه السياسة، لا يعرف أحد أين سينتهي ذلك، وقد تتوافر عندئذ الظروف لحرب كبيرة". ويقول دونالد ترامب إنه لم يعد بوسع الولايات المتحدة أن تكون شرطي العالم، وعليها أن تقلص مساعداتها الدولية. وخلال الحملة التي استمرت 16 شهراً، وعد المرشح الجمهوري باعتماد سياسة مغايرة لسياسة باراك أوباما، منها المصالحة مع روسيا التي يتزعمها الرئيس فلاديمير بوتين، وإرسال عشرات الآلاف من الجنود إلى سوريا والعراق للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وإعلان حرب تجارية على الصين، وإعادة النظر في مبادئ حلف الأطلسي والاتفاقات الدولية حول المناخ والتبادل الحر والملف النووي الإيراني. مصالحة واشنطن وموسكو امتدح دونالد ترامب مراراً صفات فلاديمير بوتين "القيادية"، متهماً في نفس الوقت باراك أوباما بأنه يفتقر إليها. وكان بوتين الذي وصف أيضاً ترامب بأنه "رجل لامع ويتمتع بمواهب كثيرة" أول من هنّأه أمس الأربعاء، معرباً عن "أمله" بتحسين العلاقات الروسية-الأميركية التي بلغت أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. من جانبه، رأى الرئيس المقبل للولايات المتحدة مرات عدة أيضاً أن من "المفيد" إقامة "علاقة جيدة جداً" مع زعيم الكرملين. لكنه لم يقدم تفاصيل عن الطريقة التي سيعتمدها لمصالحة واشنطن وموسكو. هل تمهّد هذه المصالحة الأميركية-الروسية لتعاون في سوريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية؟ لم يسهب المرشح ترامب في هذا الموضوع، لكنه قال في أكتوبر/تشرين الأول 2015 إن الضربات الأولى التي قامت بها روسيا لدعم حليفها السوري "إيجابية". القضاء على "داعش" بالضربة القاضية بدّل المرشح ترامب استراتيجيته المتعلقة بتنظيم الدولة الإسلامية كثيراً، ففي سبتمبر/أيلول 2015، دعا إلى "الانتظار"، مشيراً الى أن الرئيس السوري بشار الأسد والجهاديين يقتتلون. لكنه تعهّد فجأة في مارس/آذار الماضي "بالقضاء بالضربة القاضية على تنظيم الدولة الإسلامية" من خلال إرسال "20 الى 30 ألف" جندي أميركي الى سوريا والعراق. وفي الشهر الماضي عاتب أيضاً شريكه في اللائحة مايك بنس الذي طالب بشن غارات على دمشق. أما فيما يتعلق بالهجوم على معاقل الجهاديين في الموصل بالعراق الذي تم التخطيط له طوال أشهر، فقال، السبت الماضي، خلال اجتماع في فلوريدا "لا نأبه بعنصر المفاجأة. ما هذه الحفنة من الفاشلين!". الصين "عدوة أميركا" وغالباً ما وصف دونالد ترامب خلال الحملة الصين بأنها "عدوة" أميركا واتهمها بأنها "تسرق" فرص عمل من بلاده، وبالتلاعب بعملتها، وهدّد بحرب تجارية ضد هذه القوة العالمية الثانية. وفي أثناء التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في يناير/كانون الثاني، طالب الصين بممارسة ضغوط على حليفها الشيوعي، وإلا "سنضطر إلى جعل المبادلات التجارية مع الصين بالغة الصعوبة". الأطلسي "فقد جدواه" وكان الرئيس الأميركي المنتخب الذي سيتسلم مقاليد الحكم في البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2017، تسبب بالذعر في الربيع الماضي على الجانب الآخر للمحيط الأطلسي بقوله إن الحلف الأطلسي "فقد جدواه"، ولفت إلى أن تدخل واشنطن الى جانب حلفائها الأوروبيين إذا ما تعرضوا لعدوان روسي، رهن بالمساهمات المالية الأوروبية في ميزانية الحلف. وأطلق النوعية نفسها من التهديدات بشأن التحالفات العسكرية التاريخية للولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية. الاحتباس الحراري "خدعة" ويرى ترامب أن الاحتباس الحراري ليس سوى "خدعة"، حتى أنه طرح "إلغاء" اتفاق باريس. ودفاعاً عن الحمائية، هاجم اتفاق التبادل الحر بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (ألينا، 1994) والشراكة عبر المحيط الهادئ (2015) بين واشنطن و11 بلداً في آسيا والمحيط الهادئ.

مشاركة :