جلسات استماع علنية بتونس لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بين 1955 و 2013

  • 11/18/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تونس (أ ف ب) - بعد حوالي ست سنوات على الثورة التي أطلقت شرارة "الربيع العربي"، يسترجع التونسيون مساء الخميس صفحات ماض أليم مع بدء "هيئة الحقيقة والكرامة" جلسات الاستماع العلنية لضحايا انتهاكات حقوق الانسان التي حصلت في البلاد بين 1955 و2013، في خطوة تاريخية نحو "المصالحة الوطنية". وعلى مدى يومي الخميس والجمعة وانطلاقا من الساعة الثامنة والنصف مساء (19,30 ت غ) سيروي نحو عشرة رجال ونساء الانتهاكات التي تعرضوا لها، بالاساس في عهد الرئيس الراحل وصانع الاستقلال الحبيب بورقيبة (1987/1956) والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (2011/1987). وستنقل اذاعات وتلفزيونات مباشرة جلسات الاستماع العلنية. في 24 كانون الاول/ديسمبر 2013 صادق البرلمان على "قانون العدالة الانتقالية" الذي احدثت بموجبه هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة تفعيل هذا القانون. ووفق هذا القانون، تتمثل مهام الهيئة في "كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان" الحاصلة في تونس منذ الاول من تموز/يوليو 1955ـ أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، والى 31 كانون الاول/ديسمبر 2013 و"مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم". وهذه "الانتهاكات" هي "كل اعتداء جسيم او ممنهج على حق من حقوق الانسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها". وهي أيضا "كل اعتداء جسيم وممنهج على حق من حقوق الانسان تقوم به مجموعات منظمة" مثل "القتل العمد والاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري والاعدام دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة". وأمام هيئة الحقيقة والكرامة مدة اقصاها خمس سنوات لانجاز مهامها. -"مصالحة وطنية"- وقال خالد الكريشي المسؤول في هيئة الحقيقة والكرامة للصحافيين "من خلال جلسات الاستماع، سنشارك في كشف حقيقة الانتهاكات (..) لنطوي هذه الصفحة ونمر مباشرة الى المصالحة الوطنية". وأضاف ان من سيدلون بشهاداتهم في جلسات الاستماع العلنية "لا يمثلون أنفسهم فقط" بل "أجيالا كاملة من كل التيارات السياسية ومناضلي حقوق الانسان، والصحافيين، والنقابيين، والطلاب". وستعطى كل ضحية ما بين 30 و45 دقيقة لرواية شهادتها. وستغطي الشهادات فترات تاريخية ومناطق "مختلفة" بحسب رئيسة الهيئة سهام بن سدرين التي وصفت جلسات الاستماع بأنها "لحظة تاريخية سيتم تدريسها لابنائنا واحفادنا في الكتب". وكان مقررا اجراء جلسات الاستماع بقصر المؤتمرات في قلب العاصمة تونس لكن تم نقلها الى "نادي عليسة" بسيدي بوسعيد الضاحية الشمالية للعاصمة. وهذا النادي هو من ممتلكات عائلة بن علي التي صادرتها الدولة، وفيه كانت ليلى الطرابلسي زوجة بن علي المكروهة شعبيا، تنظم انشطة اجتماعية. وقالت صحافية فرانس برس ان السلطات نشرت تعزيزات أمنية حول مقر النادي. ومن المقرر تنظيم جلسات استماع علنية أخرى على الارجح يومي 17 كانون الاول/ديسمبر و14 كانون الثاني/يناير، بحسب خالد الكريشي. ويكتسي هذان التاريخان رمزية كبيرة في تونس، لأنهما يتزامنان مع ذكرى إحراق البائع المتجول محمد بوعزيزي نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) احتجاجا على مصادرة عربة الفاكهة التي كان يعتاش منها وتأجيجه ثورة في تونس، وهروب بن علي الى السعودية. وبحسب الكريشي، ستُخصص جلسة كانون الثاني/يناير، وللمرة الاولى لسماع مرتكبي جرائم فساد مالي قدموا ملفات "صلح" لهيئة الحقيقة والكرامة. -"منطقة ضحية"- تحظى هيئة الحقيقة والكرامة بصلاحيات واسعة وتستطيع من حيث المبدأ الاطلاع على كامل الارشيف الوطني. وقدمت نساء قرابة ربع من أصل نحو 62 ألف ملف تسلمته هيئة الحقيقة والكرامة. وتمثل الاعتداءات الجنسية جزءا كبيرا من ملفات النساء اللاتي لم يكن يجرؤن في البداية على كسر المحرمات. واستمعت هيئة الحقيقة والكرامة في جلسات مغلقة لحوالى 11 الف ضحية. ودرست الهيئة تجارب دول اخرى في العدالة الانتقالية. ولم ينجز هذا العمل الجبار من دون عقبات، لأن "منتقدي القضاء الانتقالي، اولئك الذين لم يرغبوا في حصول انقطاع العام 2011، ما زالوا حتى اليوم ينشطون"، كما قال انطونيو مانيانيلا مدير المكتب المحلي لمنظمة "محامون بلا حدود" في مؤتمر عقد اخيرا. وبالاضافة الى تعقيدات المهمة، تعرضت "هيئة الحقيقة والكرامة" الى انشقاقات داخلية تناولتها باسهاب وسائل الاعلام، وبدت بن سدرين المعارضة الشهيرة ايام بن علي والتي كانت ضحية التجاوزات، شخصية تثير جدلا. من جهة اخرى، اعتبر عدد كبير من التونسيين مبدأ القضاء الانتقالي مجرد مطلب للحصول على تعويض مالي من جانب الناشطين ولا سيما الاسلاميين. وتأثر عدد كبير من الضحايا بالتعليقات الساخرة مثل "حسنا، ما هو سعر كيلو النشاط؟"، كما ذكرت مسؤولة في هيئة الحقيقة والكرامة. وتصطدم مهمة الهيئة بشكوك قسم من السكان الذين لم تتحسن ظروف حياتهم بعد الثورة، خاصة في المناطق الداخلية التي عانت من التهميش طوال عقود. وقدمت عدة مناطق ملفات لهيئة الحقيقة والكرامة لتصنيفها "منطقة ضحية".

مشاركة :