«الشعر ديوان العرب» وحافظ حياتهم ومعاشهم وأخبارهم وحوادث أيامهم وتاريخهم.. لم تَعُد هذه العبارة التقريرية صالحة للاستعمال، بعد أن دشنت البشرية عصر الموجة الحضارية الثالثة المتمثلة في الاتصال الإلكتروني.. وهو ما يدعونا إلى إعادة إنتاج مفهوم تلك العبارة التاريخية لتصبح «الإنترنت ديوان البشرية» وسجل حياة الناس بمختلف أعراقهم وهوياتهم وثقافاتهم وتفاصيلهم.. بل بمختلف امتدادات حواسهم الكتابية والمرئية والسمعية.. وذلك عبر سمتي البيئة الاتصالية الإلكترونية الأهم؛ السرعة والتفاعلية.. ديوان البشرية الاتصالي الرقمي الجديد يتشكل عبر أبنية اصطلح على وسمها بـ «المحتوى» بمساريه؛ إنتاجاً وصناعة.. وبينهما وحولهما مضى العقل النقدي الرصدي، متتبعاً أنساق ومسارات ومقايسات حضور وحظوظ هذا المحتوى فيما بين الأمم والشعوب والجهات.. كاشفاً عن فجوة إنتاج وصناعة على امتداد قطرنا العربي حيال قضية «المحتوى» الذي يُعَد أُسّ الاشتغال في بيئة الاتصال الإلكتروني الرقمي.. التي عرفت بإطلاق وصفها العام أجناساً وأنساقاً وتطبيقات وبرمجيات متعددة، ظهرت عبر أجيال أو موجات متعاقبة، أحدثها أو أجدّها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الشخصي.. وهي اليوم مدار الاهتمام والمتابعة والقراءة من قبل المعنيين والمتخصصين.. نظراً لاستئثارها واستحواذها وتأثيراتها على نطاقات واسعة من الجماهير والمستخدمين لعموم تطبيقات الشبكة.. بل إنّ المقولة الشهيرة: (إذا لم تكن موجوداً على الإنترنت فأنت في حقيقة الأمر غير موجود).. في تقديري تحولت وتبدلت وأصبحت صيغتها الصحيحة على هذا النحو: (إذا لم تكن موجوداً على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الشخصي فأنت في حقيقة الأمر غير موجود).. والسؤال القائم اليوم يدور في فلك المحتوى العربي على شبكة الإنترنت.. وهو محتوى فقير للغاية وفق ما تشير جل الدراسات التي تناولت هذا الجانب.. إذ تكشف عن ما لا تتجاوز نسبته 4% في أحسن الحالات.. أدعو زملاء التخصص والمهتمين على امتداد القطر العربي إلى إثراء الحقل العلمي، لطرح المزيد من الأفكار والرؤى والنماذج العملية، التي من شأنها أن تمثل منصات فاعلة لتحقيق غاية إثراء المحتوى العربي الإلكتروني.. * الحقول العطشى لا تنتج القمح !
مشاركة :