أجمع عدد من العلماء على أهمية مؤتمر «ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام» الذي تنظمه جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة غداً (الثلاثاء) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بمشاركة باحثين ومفكرين وأكاديميين وإعلاميين من داخل وخارج المملكة. وحذروا في تصريحات بهذه المناسبة من التأثيرات السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي على الأفراد والمجتمعات عموما، وعلى المجتمع والفرد المسلم خصوصاً، لاسيما ما يتعلق بالمعتقدات والثوابت الدينية والمجتمعية، مطالبين بضوابط لكبح «انفلات» بعض مستخدمي هذه الشبكات. بداية، أشاد الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، بمضامين المؤتمر، مبيناً أنها تعالج موضوعاً مهماً يتناول جميع أفراد المجتمع، وتتعلق به كثير من الظواهر والسلوكيات، وتتأثر به العديد من مفاصل الحياة مما يحتِّم على المختصين في العلوم الشرعية والاجتماعية والمجالات الإعلامية وغيرها تناول جميع الجوانب المرتبطة به من حيث الأحكام، وفرصة الاستثمار والتنمية كون رسالة الإسلام الخالدة رسالة عالمية تتطلب الاستخدام الأمثل لجميع الموارد المتاحة لبلاغ هذا الدين ونشر الاعتدال والوسطية التي تتبناها المملكة. وبيّن أن المؤتمر سيثري الجوانب العلمية والثقافية المتعلقة بشبكات التواصل الاجتماعي، ويُتوقع أن يستفيد منه الباحثون ومتخذو القرار ومستخدمو الشبكات الاجتماعية على حد سواء. بدوره أكد رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ أن التطور التقني الهائل الذي يشهده العالم حالياً يترتب عليه آثار إيجابية وأخرى سلبية تؤثر على حياة الفرد والمجتمع، وربما على عقيدة الإنسان المسلم. وقال: إن الآثار السلبية المترتبة على التعامل السلبي مع شبكات التواصل الاجتماعي، أدت إلى اهتمام علماء الشريعة الإسلامية والمربين والمختصين في علم الاجتماع للالتفات بجدية أكبر لهذا الموضوع، والبحث عن سبل لتوعية الفرد المسلم بأهمية الالتزام بآداب الإسلام وأحكامه في استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، واستثمارها في خدمة الدين والمجتمع الإسلامي. وبين آل الشيخ أن مبادرة جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بتنظيم هذا المؤتمر تأتي استشعاراً منها بأهمية وجود إطار يحكم هذا الفضاء الجديد في عالم التواصل داخل المجتمعات وبين الشعوب، بعدما شاع بين كثير من مستخدمي هذه الوسائل بمختلف أنواعها العديد من السلبيات التي تتطلب وضع ضوابط محددة في ما يخص الجانب الشرعي لكبح ما قد يطلق عليه «انفلات» لدى بعض المستخدمين لهذا الوسائل. ولفت الانتباه إلى أن انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والثقة المفرطة من قبل بعض مستخدميها ومصداقية ما يروج فيها تستوجب الالتفات لها من علماء الأمة الإسلامية؛ لبيان الآثار الإيجابية والسلبية لتلك الوسائل، ومخاطر ما يروج فيها من الأفكار المنحرفة والأكاذيب والشائعات التي يقف خلفها أعداء متربصون بالأمة. من جانبه، أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن هذا العصر الذي يموج بالأحداث والواقع، وما يمر على بلاد المسلمين من فتن، أحوج ما يكون إلى نشر الوعي عن طريق العناية باستطلاع الواقع وتشخيصه، ليمكن إعداد البرامج والتدابير الوقائية والعلاجية لما قد يترتب على تلك الأحداث. وشدّد على أن شبكات التواصل الاجتماعي بوصفها أكثر الوسائل انتشاراً وتأثيراً في الواقع المعاصر، توجب على المختصين العناية بإعداد الدراسات والبحوث التي تؤدي إلى التعامل بالإيجابية مع هذه الشبكات وما تتضمنه من قضايا وموضوعات، فشبكات التواصل أصبحت من نوافذ التأثير والتلقي، بل وتشكيل الرأي نحو كثير من القضاياً، فأضحت بين نافع وضار، وبين غلو وجفاء، وبين اجتماع وفرقة. وعدد عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ من جانبه سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنها تعدّ منبراً مفتوحاً للجميع دون رقيب أو ضوابط، وليس هناك أي معايير للكلام أو الكتابة، فيمكن استهداف أي شريحة من الناس في عقائدهم وقناعاتهم، وعرض المواد الإباحية والصور الفاضحة، ولا يخفى العدد الهائل لهذه الشبكات التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع على اختلاف العمر والجنس والحاجة، وما يستلزم ذلك من انحلال أخلاقي وتشويه للفطرة الإنسانية، وخدش لحياء المرأة وغيرة الرجل، الأمر الذي يترك آثاره السلبية في الأسرة والشباب والفتيات، والتسبب بمشكلات عائلية وزوجية قد تؤدي إلى تفكّك الأسر وتدميرها، أو العزوف عن الزواج، فضلاً عن إمكان الدخول في المعاصي الفردية والعامة، والتشهير ونشر الشائعات، واختلاق الأكاذيب، وبثّ الافتراءات للحطّ من أي شخصية أو تناول أي جهة بعينها. وأشار إلى أن مضامين المؤتمر تسهم في وضع الضوابط الشرعية لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وبيان دورها في نشر الوسطية ومواجهة فكر التطرّف والإرهاب، والانحراف عن المنهج الشرعي، فلا غلو ولا جفاء، إلى جانب تعزيز الانتماء للإسلام والمجتمع من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها من الموضوعات والضوابط من خلال ضبط وتحقيق الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي وتحديد دور الأنظمة والتشريعات التي تسهم في ردع كل من يستخدم شبكات التواصل استخداماً سيئاً. ويشير قاضي القضاة وإمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل إلى إن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة وسائل التلقي والتلقين والثقافة والتوجيه لأبنائنا وشبابنا، رغم ما تحويه من بعض الجوانب المشرقة والمواقع النافعة الموفقة، إلا أن مواطن الشرّ ومواقع السوء والضُرّ، تفتك بالجيل وتهدر طاقات الأمة، فأضحت الأوقات ضائعة، والصحة مهددة، وحدّث ولا حرج عن الأفكار الهدامة المنحرفة، والثقافات الضالة الجارفة التي أخذت تفتك بشبابنا، فترى الواحد منهم يتنكر لأهله، وربما تجرأ على تكفيرهم وقتلهم. وأوضح أن من أشد المخاطر فتكاً بالأمة تلك الشائعات والأباطيل التي تنتشر عبر هذه الشبكات، دون أدنى مراعاة لمصالح الأمة وأمن الوطن وخصوصية المواطن. وبدوره، قال الأمين العام لجمعية أهل الحديث المركزية بالهند، وعضو الهيئة العليا لجائزة الأمير نايف للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، الدكتور أصغر علي إمام مهدي السلفي، أن الأمة الإسلامية تواجه عدة مخاطر تقود إليها الاستخدامات الخاطئة لوسائل التواصل الاجتماعي من دون وجود ضوابط تحدد الاستخدام الأمثل لها بما يعود بالخير والصلاح على الفرد والأمة والإنسانية جمعاء. فيما أوضح عضو الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة المهندس يوسف بن عبدالستار الميمني، أن المؤتمر يناقش محاور غاية في الأهمية ليحقق أهدافه المهمة، التي ستسهم في دراسة ومناقشة ضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الإسلام، ولتكون هذه الوسائل أكثر أماناً على أبنائنا وبناتنا وتحقق لهم الفائدة والخير في أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم.
مشاركة :