الرمل يروي «حكايات القصر» في الصحراء التونسيّة

  • 11/22/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«حكايات من القصر» هو عنوان العرض المسرحي الغنائي الراقص للمخرج التونسي رشيد بن مصطفى، ومساعده لطفي ناجح الذي شارك أيضاً في التمثيل، وقدّم للمرة الأولى في بيئته الطبيعية والتاريخية وتحديداً في قصر أولاد سلطان في محافظة تطاوين في أقصى الجنوب التونسي، أي في قلب الصحراء. هكذا أراد أصحاب هذا العمل الاستعراضي الضخم أن يقدّموه في إطاره الطبيعي والتاريخي بعيداً من أسوار المسارح وجدران القاعات المغلقة. «حكايات من القصر» هي قصة رجلٍ ورث قصراً عن أبيه يقطنه مع أمّه التي ألحّت عليه بالزواج، ولم يهدأ لها بال حتى زوّجته. وفي منتصف العمر، أصيبت زوجته بمرض، ما اضطرّه إلى الزواج ثانية بعد محاولات فاشلة بحثاً عن الدواء... يعمّ جفاف قاتل بعد الزواج الثاني، يأخذ على إثره قرار الخروج من القصر للبحث عن رزق آخر تاركاً عائلته تحت حماية الزوجة الثانية. وقال ناجح: «حين تزور تلك المنطقة وترى كم هي شاهقة فوق قمم الجبال وكم هي جميلة في السهول، تشعر بأنها تناديك من بعيد لتقول لك أن وراء كل حُجرة قصة ووراء كل زاوية شخوصاً ووراء كل شخص حكايته». وأضاف: «هو الماضي عاد ليبارك الحاضر وينبئ بالآتي في تفاصيل فنيّة» سعى القائمون على العمل إلى تمتّعها بالشمولية، خصوصاً أن العرض يدور بين جدران القصر وتموّجاتها التي عاشت أطواراً من التاريخ وشاركت الأجداد حياتهم وبقيت أمينة على ذكريات وحكايات وأحلام... في هذا العمل، «لم تأتِ المقاربة الموسيقية والمشهدية والمسرحية من فراغ، بل هي أشبه ببناء صرح لهذا الفضاء الذي تميز بحديثه المسترسل واللاّمتناهي عن هندسته لم تتوقف إلى اليوم لتعطي انطباعاً بأنّها سيمفونية يُجسّدها اليوم مبدعون بكثير من الواقعية». واللافت أن «قصر أولاد سلطان» وظّف لخدمة المشهد الفنّي التزاماً من صنّاعه باحترام خصوصية المكان بلونه المطبوع بالأصفر الصحراوي وبانحناءاته وتموجاته وبتصميمه الهندسي الفريد، لأن التصوّر الإخراجي في العرض حوّل الفضاء إلى مقاربة جمالية أرادها المخرج وسيلة لفهم معنى الخرافة. في هذا العمل اشتغال أيضاً على توظيف التراث اللاّمادي من آلات النفخ والآلات الموسيقية التقليدية وغيرها، ما يعتبر سعياً الى التذكير بأهمية هذا التراث الذي حفظه الزمن وخلّده في ذاكرة الناس وصاغه على لسان حالهم، خصوصاً مع توظيفه كلغة سيميائية تكاد تختصر اللحظة الزمنية الفاصلة. أثارت الموسيقى والرقصات غبار الماضي البعيد، وارتمت الحكايات في تفاصيل العرض لترتوي من صخب الحاضر المشدود بقوّة إلى بداياته الأولى، مترنّحاً بين رائحة رمل الصحراء الذي يروي عبق التاريخ بأسراره وأخباره ونسائم الفجر المشرّع على احتمالات مضيئة.

مشاركة :