عمان / ليث الجنيدي / الأناضول باتت لقاءات صندوق النقد الدولي "المتكررة" مع الحكومة الأردنية، حديث "السواد الأعظم" للنخب الاقتصادية في المملكة، فضلاً عن تصدرها لجلسات المواطنين حول النتائج التي ستؤول إليها. وعلى الرغم من الجوانب "المثالية" التي يقدم صندوق النقد الدولي مساعداته بناءً عليها للمملكة، المتمثلة ببرنامج دعم ضبط أوضاع المالية العامة بتخفيض الدين العام وتوسيع الإصلاحات الهيكلية لتهيئة الظروف لمزيد من النمو الشامل، إلا أن تقارير وزارة المالية الأردنية تشير إلى ارتفاع "الدين العام". وقالت الوزارة في تقريرها الأخير الذي نشرته مطلع الشهر الجاري إن الدين العام للمملكة ارتفع بنهاية سبتمبر/ أيلول من العام الحالي بمقدار مليار و318 مليون دينار (مليار و857 مليون دولار) أي بنسبة 5.8%، عن مستواه في نهاية العام 2015. وتنبع تخوفات الأردنيين، من تجارب سابقة لزيارات نفذها الصندوق للاطلاع على أداء الاقتصاد المحلي، لتتبعها موجة ارتفاعات في أسعار السلع الأساسية والخدمات، وتنفيذ زيادات في الضرائب. وأنهت بعثة صندوق النقد الدولي زيارة إلى العاصمة عمان في الفترة من 25 أكتوبر / تشرين الأول إلى 8 نوفمبر /تشرين الثاني الجاري، لإجراء مناقشات في إطار المراجعة الأولى لبرنامج الأردن الاقتصادي الذي يدعمه اتفاق للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممتد"، ومناقشات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2016. وأظهرت نتائج الزيارة بحسب صندوق النقد الدولي، أن الأردن حقق نجاحاً كبيراً في معالجة الصدمات الخارجية خلال السنوات الماضية، وأنه ما تزال هناك عدة تحديات تشكل ضغطاً على الاقتصاد. وبين الصندوق أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ما زال أقل من المستوى الممكن، بينما البطالة تتزايد خاصة بين الشباب والنساء، وطول أمد الصراعات وأزمة اللاجئين السوريين، تؤثر على أداء الأسواق والمالية العامة والاستثمار. تشير إحصاءات الحكومة الأردنية، أن نسبة البطالة في المملكة وصلت إلى 15.8% خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة مع 14.8% في الربع المناظر من العام الماضي، وهو رقم يشكك به خبراء اقتصاديون، مؤكدين أن النسبة الحقيقية تجاوزت 27%. واعتبر الخبير الاقتصادي "محمد البشير" أن أية إجراءات ستقوم بها الحكومة الأردنية فيما يتعلق بالضرائب وخاصة المبيعات، سيكون ذا أثر بالغ على القوى المستهلكة". وتابع البشير في تصريحات للأناضول: "القوى المستهلكة بالأصل تعرضت لضغوط هائلة خلال الفترة الماضية.. تآكلت دخولها بسبب الضرائب وارتفاع الأسعار، مما أدى إلى التضخم الذي يعيشه الاقتصاد الأردني". وأوضح "أن ما يشاع في الشارع المحلي عن محاولة تعديل نسبة الضريبة العامة على المبيعات، سيكون كارثياً على الاقتصاد الأردني وعلى القوى الاستهلاكية وعلى المؤسسات المنتجة وبالتالي مزيداً من الانكماش". وفي أحد شوارع العاصمة عمان، أجرت الأناضول جولة ميدانية، التقت خلالها مجموعة من المواطنين، واستمعت إلى آرائهم حول النتائج المتوقعة من لقاءات صندوق النقد الدولي مع الحكومة الأردنية. وعبر المواطن الأردني "خالد أبو العدس"، عن تشاؤمه من تلك اللقاءات، واصفاً صندوق النقد بصاحب السلطة والقول الفصل بالقرارات الاقتصادية للحكومة، مشيراً "أن ما علينا سوى الصبر.. الأسعار سترتفع والغني سيزداد غنى والفقير سيزداد فقراً". وأوضح "رأفت هلسه" (أردني)، وهو موظف بنك "متقاعد" "أن الأصل في أي برنامج مع صندوق النقد الدولي، أن يكون الهدف منه تحسين إيرادات الدولة وتخفيض عجز الموازنة". وزاد: "القراءات الأولية لمقترحات صندوق النقد الدولي لها علاقة بتحسين الجباية فيما يتعلق بضريبة الدخل.. هذا سيكون له انعكاسات على ذوي الدخل المتوسط وسيكون تأثيرها المباشر على الطبقات الفقيرة.. في كل الأحول سيكون الأثر هو ارتفاع في الأسعار". وأشار "فراس الأشقر" إلى "أنه من الصعب الحكم بنتائج اللقاءات في سلبيتها أو إيجابيها، ما لم تتضح طبيعتها وإلى ما ستنتهي إليه.. إذا كان هناك دعم مالي سيأتي للبلد ويتم وضعه في مكانه الصحيح فلا مشكلة، وإذا لم يكن هناك شيء ملموس فلن أتابع نتائجها". أما "رامي الحايك" وهو عامل وافد يحمل الجنسية السورية، فقد أكد "أن كل شيء في هذه البلد غالي وبالكاد تستطيع أن تتماشى مع ذلك (...) إذا ارتفعت الأسعار فلن يستطيع ابن البلد أن يمشي فكيف نحن". وتشكل أعداد اللاجئين السوريين المرتفعة في الأردن، وتزيد عن 1.3 مليون فرد، عائقاً أمام سير الإصلاح الاقتصادي وأداء السوق وغيرها من الإجراءات المالية اللازمة للنهوض بالاقتصاد الوطني. وقال "جواد العناني" نائب رئيس الوزراء الأردني، في مقابلة سابقة مع الأناضول ، إن تكلفة السوري على الاقتصاد الأردني تبلغ قرابة 2000 دولار سنوياً، "أي أن الأردن يتحمل 2.5 مليار دولار سنوياً، بينما المنح المالية والتعويضات لا تعادل 45% من إجمالي المبلغ، والباقي تتحمله الخزينة أو المواطن الأردني". وتتراوح أعداد العمالة الوافدة في الأردن بحسب أرقام وزارة العمل ما بين 307 ألف و310 ألف، غالبيتهم من المصريين بعدد يزيد عن 100 ألف، و30 ألف سوري، والباقون من جنسيات مختلفة كالهندية والفلبينية والبنغالية وغيرها. ويرى "البشير" أن العمالة الوافدة في الأردن ليست معياراً رئيساً بوضع الاقتصاد، كما هو الحال بالنسبة للاضطراب الإقليمي وانعكاساته، مشيراً "إن الاقتصاد الأردني يعاني من واقع سلبي بدأ عام 1994 بسبب الانحياز إلى الاقتصاد الحر بشكل عام، والخصخصة والعولمة وإحلال ضريبة المبيعات مكان ضريبة الدخل". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :