فصائل معارضة تخوض «معركة بقاء» شرق حلب

  • 12/3/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تدافع الفصائل المقاتلة بشراسة عن حي الشيخ سعيد الكبير شرق مدينة حلب التي شهدت معارك ليلية ضارية في مواجهة القوات النظامية السورية والميليشيات الموالية التي استعادت نحو نصف الأحياء الشرقية. وتمكن المقاتلون بعد الهجوم الذي شنته القوات النظامية وتقدمها السريع شرق المدينة، من صد هذه القوات خلال الليل في حي الشيخ سعيد جنوب الأحياء الشرقية وخاضوا معها «معارك بقاء». وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «لا تزال المعارك العنيفة متواصلة في محور الشيخ سعيد جنوب شرقي حلب، بين حركة النجباء العراقية وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من طرف، وجبهة فتح الشام والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر، وسط تقدم الأخير وتمكنه من استرجاع مواقع ونقاط عدة تقدمت إليها قوات النظام والمسلحين الموالين لها، حيث باتت الفصائل تسيطر على نحو 70 في المئة من حي الشيخ سعيد رغم استماتة قوات النظام والمسلحين الموالين لها بغطاء صاروخي مكثف للسيطرة على كامل الحي، بينما ارتفع إلى 7 بينهم مواطنتان وطفلان عدد الشهداء الذين قضوا نتيجة سقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مناطق في حي الفيض بمدينة حلب، وعدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بعضهم في حالات خطرة، في حين استمر سقوط القذائف التي تطلقها الفصائل منذ ليل أمس وحتى ساعات الفجر الأولى على مناطق في القسم الغربي من مدينة حلب». وبدأت القوات النظامية وحلفاؤها بفضل الدعم الاستراتيجي الروسي في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) هجوماً كبيراً من أجل طرد الفصائل المقاتلة من الأحياء الشرقية المحاصرة منذ أربعة أشهر والمحرومة من الغذاء والكهرباء والدواء، في سعي إلى استعادة كامل مدينة حلب. ومنذ عام 2012، تشهد مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سورية والتي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية حيث يعيش 1,2 مليون شخص، والفصائل التي تسيطر على الأحياء الشرقية حيث كان يعيش أكثر من 250 ألف شخص حتى قبل بدء الهجوم. وأمطرت القوات النظامية المدعومة من إيران وروسيا الأحياء الشرقية بوابل من البراميل المتفجرة والصواريخ منذ أكثر من أسبوعين، ما أدى إلى تدمير كبير في هذه الأحياء ونزوح أكثر من 50 ألف شخص وسط استنكار غربي وتجاهل لدعوة الأمم المتحدة لإرساء هدنة. وذكر «المرصد» أن المعارك العنيفة لا تزال متواصلة الجمعة في محور الشيخ سعيد بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها والفصائل المقاتلة من طرف آخر. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن: «يريد النظام وحلفاؤه الذين يقومون بقصف حي الشيخ سعيد بأي ثمن استعادة الحي»، مشيراً إلى «أن استعادته تهدد مباشرة سائر الأحياء الشرقية الأخرى». وأضاف أن خسارة الحي «ستشكل ضربة قاسية للمقاتلين، خصوصاً بعد خسارتهم» جزءاً واسعاً من الأحياء الشرقية للمدينة خلال الأيام الأخيرة. وقال أن هؤلاء «يقاومون بشراسة لأنهم يعلمون أنهم سيقعون بين فكي كماشة إذا سقط الشيخ سعيد». ونشر النظام الخميس المئات من عناصر الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري «تمهيداً لحرب شوارع» في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في شرق حلب حيث يختلط السكان بالمقاتلين، وفق عبدالرحمن. ومنذ إطلاق الهجوم في 15 تشرين الثاني، قتل أكثر من 300 مدني بينهم عشرات الأطفال في الأحياء الشرقية لمدينة حلب فيما أسفر سقوط قذائف أطلقتها الفصائل المقاتلة على أحياء حلب الغربية عن مقتل حوالى خمسين شخص. وأطلقت الفصائل المقاتلة قذائف ليل الخميس - الجمعة على الأحياء الغربية لحلب، ما أسفر عن إصابات، وفق «المرصد» في المكان. ويبدو أن النظام السوري الذي بات يسيطر على أكثر من 40 في المئة من الأحياء الشرقية لحلب، مصمم، رغم الثمن الإنساني، على استعادة كامل المدينة من أيدي المقاتلين الذين تلقوا أكبر خسارة منذ بداية النزاع عام 2011. وعبر مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين عن «القلق البالغ» على حوالى 250 ألف مدني عالقين في شرق حلب. وقال: «هؤلاء الأشخاص محاصرون منذ 150 يوماً ولا يملكون وسائل البقاء لفترة أطول»، محذراً من أن يتحول القسم الشرقي من مدينة حلب «إلى مقبرة ضخمة». وأمام المأزق الذي وصلت إليه المحادثات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، وقّعت أكثر من 200 منظمة غير حكومية تعمل في المجال الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان، على نداء يطالب بأن تتسلم الجمعية العامة للأمم المتحدة الملف السوري بسبب عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي خطوة في شأن هذا الملف. وعرضت روسيا الخميس فتح أربعة ممرات إنسانية من حلب الشرقية من أجل إجلاء الناس، خصوصاً الجرحى ونقل المساعدات. ولا تشارك روسيا في عمليات القصف الحالية على الأحياء الشرقية على عكس ما فعلت خلال الهجوم السابق، إلا أن مشاركتها العسكرية إلى جانب النظام منذ أيلول (سبتمبر) 2015، ساهمت بإضعاف المقاتلين. وتمثل استعادة كامل مدينة حلب أهم انتصار للنظام منذ بداية النزاع وتعزز موقع حلفائه الروس وإيران و «حزب الله» اللبناني. كما من شأنها أن تسمح له أيضاً بالشروع في استعادة بقية المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون، والتي تقلصت مساحتها إلى حد كبير. على الطرف المقابل، ستكون بمثابة هزيمة ساحقة لداعمي المعارضة العرب والغربيين.   أفران وقال ناشطون معارضون أن الطيران السوري واصل «غاراته العنيفة» على شرق حلب. وأحصى الدفاع المدني السوري «ما يزيد عن 750 شهيداً في حلب نتيجة لأكثر من 2000 غارة جوية و7 آلاف قذيفة، بينهم 70 شهيداً قتلوا أثناء نزوحهم نحو الأحياء الغربية، إضافة إلى اعتقال النظام حوالى 200 آخرين». وأكد مدير الدفاع المدني في حلب نجيب الأنصاري، أن الأفران المتبقية التي كان من المنتظر أن تنتج الخبز منذ السبت الماضي، وعددها 3 فقط، لم تعمل بسبب القصف. وأوضح ناشطون أن توقف الأفران أدى إلى حرمان مئات الآلاف من المدنيين داخل حلب من الخبز، فضلاً عن تعطل جميع المستشفيات والمدارس الموجودة في المدينة. ونقل «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن رئيسه أنس العبدة وجه «رسائل إلى وزراء خارجية دول أصدقاء الشعب السوري الـ15، وعدد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، داعياً إلى إيجاد خطوات فاعلة في سبيل وقف الأخطار التي تهدد مدينة حلب التاريخية نتيجة القصف الوحشي الممنهج المستمر عليها».

مشاركة :