دافعت الفصائل المقاتلة بشراسة، أمس، عن حي الشيخ سعيد الكبير في شرق مدينة حلب، التي شهدت الليلة قبل الماضية، معارك ضارية، في مواجهة القوات النظامية السورية التي استعادت نحو نصف الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، في حين دعت تركيا، إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية، ووصفت الوضع في حلب بـ«الخطر». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المقاتلين تمكنوا من صد القوات النظامية في حي الشيخ سعيد، الواقع في جنوب الأحياء الشرقية، وخاضوا معها معارك ضارية، بعد الهجوم الذي شنته القوات النظامية وتقدمها السريع في شرق المدينة. وذكر أن المعارك العنيفة تواصلت أمس، في محور الشيخ سعيد، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها، والفصائل المقاتلة وبينها «جبهة فتح الشام» من طرف آخر. وتمكنت الفصائل من استعادة 70% من الحي، بعد أن كانت القوات النظامية هي التي تسيطر على 70% منه. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، أمس، «يريد النظام وحلفاؤه الذين يقصفون حي الشيخ سعيد، استعادة الحي بأي ثمن»، مشيراً إلى أن «استعادته تهدد مباشرة سائر الأحياء الشرقية الأخرى». وأضاف أن خسارة الحي «ستشكل ضربة قاسية للمقاتلين، خصوصاً بعد خسارتهم» جزءاً واسعاً من الأحياء الشرقية للمدينة خلال الأيام الأخيرة. وقال إن هؤلاء «يقاومون بشراسة، لأنهم يعلمون انهم سيقعون بين فكي كماشة، اذا سقط الشيخ سعيد». وبدأت القوات النظامية وحلفاؤها بفضل الدعم الاستراتيجي الروسي في 15 نوفمبر الماضي، هجوماً كبيراً، من أجل طرد الفصائل المقاتلة من الأحياء الشرقية المحاصرة منذ أربعة أشهر، والمحرومة الغذاء والكهرباء والدواء، في سعي إلى استعادة كامل مدينة حلب. ومنذ العام 2012، تشهد مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سورية، والتي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية، حيث يعيش 1.2 مليون شخص، والفصائل التي تسيطر على الأحياء الشرقية، حيث كان يعيش اكثر من 250 ألف شخص حتى قبل بدء الهجوم. وأمطرت القوات النظامية المدعومة من إيران وروسيا الأحياء الشرقية بوابل من البراميل المتفجرة والصواريخ منذ أكثر من أسبوعين، ما أدى إلى تدمير كبير في هذه الأحياء، ونزوح أكثر من 50 ألف شخص، وسط استنكار غربي وتجاهل لدعوة الأمم المتحدة لإرساء هدنة. ونشر النظام، أول من أمس، المئات من عناصر الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، «تمهيداً لحرب شوارع» في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في شرق حلب، حيث يختلط السكان بالمقاتلين، بحسب عبدالرحمن. ومنذ إطلاق الهجوم في 15 نوفمبر، قتل أكثر من 300 مدني بينهم عشرات الأطفال في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، فيما اسفر سقوط قذائف أطلقتها الفصائل المقاتلة على أحياء حلب الغربية عن مقتل نحو 50 شخصاً. وأطلقت الفصائل المقاتلة، الليلة قبل الماضية، قذائف على الأحياء الغربية لحلب، ما اسفر عن إصابات، حسبما أفاد المرصد ومراسل «فرانس برس» في المكان. ويبدو ان النظام السوري، الذي بات يسيطر على أكثر من 40% من الأحياء الشرقية لحلب، مصمم على الرغم من الثمن الإنساني، على استعادة كامل المدينة من أيدي المقاتلين، الذين تلقوا أكبر خسارة منذ بداية النزاع في عام 2011. وعبر مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين، عن «القلق البالغ» على نحو 250 ألف مدني عالقين في شرق حلب. وقال «هؤلاء الأشخاص محاصرون منذ 150 يوماً، ولا يملكون وسائل البقاء لفترة أطول»، محذراً من ان يتحول القسم الشرقي من مدينة حلب «إلى مقبرة ضخمة». وأمام المأزق الذي وصلت إليه المحادثات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، وقعت اكثر من 200 منظمة غير حكومية تعمل في المجال الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان على نداء يطالب بان تتسلم الجمعية العامة للأمم المتحدة الملف السوري بسبب عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي خطوة بشأن هذا الملف. وعرضت روسيا، أول من أمس، فتح أربعة ممرات إنسانية من حلب الشرقية، من اجل إجلاء الناس، خصوصاً الجرحى، ونقل المساعدات. ومن بيروت، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أمس، إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية، ووصف الوضع في حلب بـ«الخطر»، وقال إن الرئيس السوري بشار الأسد لا يصلح للحكم. ورداً على سؤال عن الأسد في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، ذكر تشاووش أوغلو، أنه ما من شك أن الرئيس السوري مسؤول عن مقتل 600 ألف شخص، وأن من له سجل مثل هذا لا ينبغي أن يحكم دولة. وأضاف أن تركيا تتحدث إلى إيران وروسيا حليفتي الأسد، بالإضافة إلى سورية ولبنان، عن محاولة التوصل إلى حل في سورية. كما أكد دعم بلاده للبنان. وقال «قدمت تهاني الرئيس رجب طيب أردوغان، للرئيس المنتخب ميشال عون»، معتبراً أن «الانتخابات خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية، ونأمل تأليف الحكومة العتيدة».
مشاركة :