بعد افتتاحه مشاريع صناعية وثقافية بقرابة 200 مليار في المنطقة الشرقية , يواصل خادم الحرمين الشريفين رحلة البناء وتطبيق رؤية التحول في جولة خليجية تشمل مبدئياً الإمارات والبحرين. ويأتي ذلك في موسم الاحتفالات السنوية لدول مجلس التعاون بذكرى تأسيسها دولاً مستقلة كلٌ على حدة. ونبارك لهم ما تحقق من مشاريع النماء منذ بدء التأسيس ومسيرة البناء. وقد نضجت التجربة السياسية والاقتصادية بمستويات متفاوتة. وبين الحدس والأمل أرى في الزيارة مؤشراً على توجُّه للارتقاء من التعاون إلى ما يقرب من اتحاد. نتأمّل أن يكون اتحاد التكامل لدول الخليج والجزيرة اقتصادياً وثقافياً في الداخل, وسياسياً في العلاقات الخارجية مع العالم والقوى الكبرى العسكرية والصناعية المتصاعدة التداخل بمنطلقات المستجدات الجديدة كونياً. في هذه المرحلة الشديدة المصيرية ونحن في الخليج في عين العاصفة، تطرح الأسئلة في الحوارات المجتمعية والمتخصصة، وتختلف رؤى الأفراد حول الأهمية في الأولويات؛ هل يأتي تغيير الهيكلة الداخلية أولاً ليشمل انتخابات للمجالس العليا؟, واعتماد الدستورية رسمياً كما في الكويت مثلاً؟.. أم تكامل مع الإبقاء على تفاصيل أنظمة الحكم القائمة ,كما في الاتحاد الأوروبي؟ خلال الأسابيع القريبة الفائتة توالت الاجتماعات الوزارية الخليجية للتباحث في الشؤون الخليجية المشتركة والأوضاع القائمة بشمولية تداخل العلاقات مع العالم خارج المنطقة وإقليمياً. وأتوقع أن يحمل لنا 2017 عام مستجدات جديدة على كل الأصعدة، تحمل للمنطقة عوامل استقرار مطلوبة لاستمرار البقاء واستدامة النماء. ولسنا وحدنا في حاجة لتنقية الأجواء وترشيد نواحي البناء. في كل المواقع والأزمنة عالمياً من يعتلي سدّة الحكم بالانتخاب أو بالوراثة، يتولى صُنع القرار خاصة في أزمنة الرخاء وفي أزمنة الابتلاء. وفي النهاية سعادة المواطن يحققها القرار الحصيف، الذي يرى بوضوح احتياجات المستقبل لدوام الوطن كله وليس دوام فئة صغيرة أو كبيرة .. أغلبية أو أقلية. نتطلع إلى اللقاءات القادمة, ونستبشر خيراً أنّ التجربة والحكمة ومخافة الله، ستجمع أولويات القيادات والمواطنين على أهمية الرؤية البعيدة المدى في صناعة القرار، فليس الزمن زمن ترف التجارب المفتقرة إلى الحكمة. حمى الله قراراتنا القيادية والوطنية، من ضغوط تيارات التغول والتهور، والتأجيج المغرض الذي لن ينتج ما يطمح إليه محبو الوطن. فما نحلم به جميعاً هو وجود موقع خير مستدام لأبناء الخليج والجزيرة كلها. والتبعثر بتأجيج العواطف الفئوية, والمفتقدة إلى العقلانية من أي طرف لن يأتي بخير.
مشاركة :