فوجئت كما فوجئ العالم بأسره، بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ليصبح سيد البيت الأبيض وأقوى رجل فى العالم، على خلاف كافة استطلاعات الرأي وتحليلات المختصين بالشأن الأميركي، بأن السياسية المخضرمة هيلاري كلينتون، تستعد لتكون أول إمرأة ترأس الولايات المتحدة. وأتت المفأجاه وأصبح ترامب هو الرئيس، وبالتالى فهو الواقع العملي الذى لا فكاك منه، والحقيقة الثابتة على الأرض التي يجب التعامل معها، وإيجاد الصيغة المناسبة التي تحقق مصالح الكويت ووطننا العربي الأكبر وعالمنا الإسلامي الأوسع والأشمل. ولي على نتائج الانتخابات مجموعة من الملاحظات، التي أريد أن أطرحها على القارىء العزيز، وأولها أن التصريحات النارية التي أطلقها ترامب قبل الانتخابات وأثناء جولته الانتخابية والتي ملأت العالم ضجيجاً وصخباً ليست إلا طحناً بلا طحين، وأن الرؤية السياسية الواقعية بعد الانتخابات ستكون على المسار نفسه والثوابت التي تحددها المؤسسات في الولايات المتحدة الأميركية، وأن تلك التصريحات ما هي إلا أداة جذب الجمهور والناخبين. ويعود السبب في ذلك أن ترامب قبل الرئاسة، لم يكن مطلعاً بشكل كاف ودقيق وتفصيلي على كافة الأمور والمعلومات التي توفرها الاستخبارات الأميركية، ووزارة الدفاع والخارجية والمالية ... الخ من مؤسسات الدولة، وأن تصريحاته العنترية التى قالها لن تخرج عن كونها شو إعلامي فقط لا غير، وأن سياسته بعد الانتخابات ستتمحور حول الأداء النمطي لسابقيه. أما الملاحظة الثانية والتي تقلقني حقيقة، فهى من انتخب ترامب، فهؤلاء هم المشكلة الحقيقية الذين يتعاملون على الأرض، وكأنهم يملكون تصريحا بالعنصرية والإيذاء والتجريح والإهانة، فسلوكهم سيتصاعد ويتزايد خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد تنصيب ترامب رسمياً أواخر يناير المقبل. وأما الملاحظة الثالثة فهي حالة الهلع التي انتابت وسائل الإعلام العربية وتضخيمها، لدرجة أصابت بعض المواطنين فى الكويت والدول العربية بالخوف والفزع مما هو قادم، وكأننا أمة بلا هوية ولا قيمة لنا على المستوى العالمي، وأننا خارج حدود معادلة السياسة العالمية. ونحن نرى أن تراجع مواقفنا بعض الشيء على المستوى العالمي، قد يشجع البعض على اتهامنا بالضعف والتخاذل والخنوع، وهو مجاف تماماً للحقيقة، فقد نكون ضعافاً موقتاً ولكننا لسنا عدماً. وأخيرا فإنني بطبعى أحب التفاؤل ولدي قناعة تقارب اليقين، أننا كأمة عربية إسلامية لها جذور ضاربة في عمق التاريخ، تسبق التقويم في مولده، ونحن قادرون بعون الله على أن نحول المحنة الى منحة، فلننحي خلافاتنا الداخلية جانباً، و لننحي خلافاتنا العربية جانباً، ولنشدد على أيادينا، ونسمو على مصالحنا الخاصة كدولة وإقليم، ولنزرع الأمل فى نفوس شبابنا، ولنبدأ عهداً جديداً كأمة واحدة تسعى إلى لملمة جراحها والتأسيس على منجزاتها، لنخرج من الحيز الضيق والأفق المظلم، إلى فضاء أرحب، قيمه التسامح والعفو، موقنين وواثقين فى إمكانياتنا متوكلين على الله عز وجل. ونهاية فإن لي رسالة لساكن البيت الأبيض الجديد، إن الذهب مهما اعتلاه من غبار فهو ذهب، وأن النحاس و إن زاد بريقه فهو نحاس، وأن أحد أجدادي منذ مئات السنين وقف على شاطئ المغرب يناجي ربه، ويقول لو أنني أعلم أن وراء ذلك البحر أرض لذهبت إليها لتعلو كلمة الله. سيادة الرئيس التاجر، اقرأ وتعلم وادرس التاريخ، قبل أن تتحدث عن أمة كانت حديث الأرض، قبل أن تكتشف بلدك بمئات السنين.
مشاركة :