تونس في مواجهة التقشف الحتمي في 2017 توقع خبراء أن يكون العام المقبل من أصعب السنوات على التونسيين، على عكس ما كان يعتقده الكثير من المواطنين، رغم تفاؤل الحكومة، التي تمكنت من انتزاع موافقة صعبة من البرلمان على جزء بسيط من خطتها التقشفية لإنعاش النمو الاقتصادي. العربرياض بوعزة [نُشرفي2016/12/13، العدد: 10484، ص(10)] الأسعار من نار تتطلع الحكومة التونسية أن يكون عام 2017 سنة الإقلاع الاقتصادي وتعزيز وتيرة النمو بفضل الاستثمار والإنتاج والتصدير وفرص العمل التي سيتم إيجادها للعاطلين، لكن خبراء يعتقدون أن أمام الحكومة أشواطا أخرى لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية. ويتـوقـع نمـو إيـرادات المـوازنة الجـديدة بنسبـة 15.7 بـالمئـة لتصـل إلى 9.5 مليـار دولار بزيادة قـرابة 700 مليون دولار في توقعات سابقة. ويقول المحللون إن التونسيين سيصطدمون بعام آخر صعب من الناحية الاقتصادية، بسبب تدابير التقشف الحكومية عبر التقليص من دعم البعض من المواد الاستهلاكية والخدماتية وخاصة الكهرباء والغاز والماء. وأشاروا إلى أن تلك النتائج ستظهر بوضوح في المقدرة الشرائية للمواطنين بعد أن تم تأجيل الرفع في أجور الموظفين الحكوميين إلى نهاية العام المقبل، في أعقاب اتفاق الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابات البلاد على ذلك. وتحت ضغط المركزية النقابية تراجعت الحكومة عن قرار كانت ضمنته في مشروع قانون المالية، ويقضي بـ“تأجيل الزيادة في الأجور (في القطاع العام) بسنة واحدة إذا تحققت نسبة نمو بنحو 3 بالمئة خلال سنة 2017”. 2.5 بالمئة، نسبة النمو الاقتصادي التي تتوقعها وزارة المالية التونسية في السنة المقبلة ويعمل في القطاع العام أكثر من 600 ألف شخص، ومنذ 2010 تضاعف عدد الموظفين في القطاع وتضاعف معه حجم الأجور بنسبة مئة بالمئة، وفق الإحصائيات الرسمية. وخرج قانون الموازنة الجديدة إلى النور بعد ولادة عسيرة داخل البرلمان الذي استخدم كل سلطاته وصلاحياته لعرقلة حزمة من الفصول التي كانت ترمي الحكومة من ورائها إلى جمع أكثر ما يمكن من أموال للخزينة “الفارغة”. ويتضمن القانون تدابير وصفت بالقاسية بهدف الحدّ من “التهرب الضريبي وتحقيق العدالة الجبائية وإدراج كل المطالبين بدفع الضرائب في الدورة الجبائية المقننة من قبل الدولة وأن يكون استخلاص الضرائب عاما وإجباريا”. وصادق البرلمان، السبت الماضي، على الموازنة التي أثارت جدلا واسعا بقيمة 32.7 مليار دينار (14.2 مليار دولار) بزيادة تقدر بنحو 12.2 بالمئة عن الموازنة الحالية، متضمنة إجراءات لتقليص العجز تم تخفيفها بناء على ضغوط من النقابات. وقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد في اختتام مداولات البرلمان حول القانون إن “تحقيق هدف الإقلاع الاقتصادي رغم صعوبته، إلا أنه قابل للتحقيق إذا تمكنت تونس من استرجاع ثقة شركائها والتي بدأت تعود تدريجيا”. وأشار إلى أن مؤتمر الاستثمار “تونس 2020” الذي احتضنته البلاد أواخر الشهر الماضي “كان خير دليل على قدرة تونس على استعادة ثقة شركائها”. يوسف الشاهد: الانتعاش الاقتصادي قابل للتحقيق إذا تمكنت تونس من استرجاع ثقة شركائها واستطاعت تونس جمع حوالي 14.7 مليار دولار من المؤتمر في شكل قروض واستثمارات بهدف التغلب على جزء من المصاعب الاقتصادية التي خلفتها أحداث يناير 2011، وبدت واضحة في مظاهر حياة المستهلك البسيط. واتسعت تداعيات الأزمة الاقتصادية في البلاد بشكل كبير بعد أن اصطدمت حكومة الشاهد حينما تسلمت السلطة في أغسطس، بواقع صادم نتيجة تراجع أغلب القطاعات الحيوية، ما دفع المسؤولين للدعوة إلى الإسراع في وقف هذه “الدوامة المدمرة”. وتتوقع وزارة المالية في الموازنة الجديدة أن يبلغ النمو نحو 2.5 بالمئة، وخفض العجز إلى 5.4 بالمئة هبوطا من نحو 6.5 متوقعة في نهاية هذا العام. واعتمدت الموازنة على مجموعة من التقديرات تتمثل أساسا في النتائج المتوقعة لكامل العام الجاري، وتطور مختلف المؤشرات الاقتصادية طبقا لمنوال التنمية للسنة المقبلة ولا سيما في ما يتعلق بتوقعات النمو المقدرة بحوالي 2.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتقوم فرضيات الموازنة أيضا على معدل سعر النفط لكامل السنة الحالية والبالغ في حدود 50 دولارا للبرميل الواحد، ومستوى سعر صرف الدولار بالنسبة للدينار. وتحت ضغط صندوق النقد الدولي اقترحت الحكومة ضمن الموازنة حزمة من الإجراءات، من بينها تجميد الأجور وسن ضرائب جديدة للمحامين ورفع الرسوم على البعض من الأدوية، لكن البرلمان رفضها. وتعمل الحكومة على رفع حجم القروض الخارجية السنة القادمة إلى 3.71 مليار دولار أي بزيادة حوالي مليار دولار عما كان متوقعا قبل شهرين فقط. وفي المقابل، تم أقرار إجراءات أخرى من بينها إخضاع كل المهن الحرة من بينها الأطباء والمهندسين والمحامين إلى نظام لتحصيل الضرائب يجبرها على إظهار رقم ضريبي على كل الوثائق الرسمية ليسهل تتبع مداخيلهم والتصدي للتهرب الضريبي. وأدّى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي والذي يبلغ حاليا حوالي 6.5 مليار دولار، إلى هبوط قيمة الدينار، خاصة أمام الدولار واليورو، في سابقة لم تشهدها البلاد من قبل، وهو ما أثار مخاوف الأوساط المالية التي دعت إلى التحرك سريعا لوضع حدّ لهذا النزيف. :: اقرأ أيضاً العمال الاجانب في قطر ينتظرون آثار إصلاح قانون العمل روسيا تشتري 30 بالمئة من حصة إيني في حقل ظهر المصري العملاق للغاز الإمارات تتبنى تكنولوجيا هايبرلوب لتصبح مركزا للنقل فائق السرعة
مشاركة :