ضعف الحوكمة في تونس يضر بالتنمية بقلم: رياض بوعزة

  • 10/14/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

سيكسب نظام الحوكمة في تونس الكثير من الجهد والوقت حينما يصبح شفافا وواضحا، إذ بوجود قواعد جيدة الإعداد والصياغة ومتناسقة مع المعايير الدولية... سيكون بالإمكان ضمان ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. العربرياض بوعزة [نُشرفي2016/10/14، العدد: 10424، ص(11)] يتطلب إرساء نظام حكم رشيد في أي بلد في العالم اعتماد معايير لإدارة الشركات الحكومية ومراقبتها، من خلال تطبيق المعايير الدولية المستلهمة من مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن التشريعات لا تكون ذات فائدة إذا لم تنفذ على أرض الواقع بالشكل المطلوب. قد لا يعرف الكثيرون ما الغاية من الحوكمة، لكن مفهومها يفسر ذلك، فالحوكمة تعني تنظيم رقابة وإدارة الشركات بحيث لا يمكن من ظهور بيئة ملائمة للفساد داخلها، وبالتالي تشكل مختلف الإجراءات والقوانين وهيكلها التنظيمي، الإطار المرجعي لاستمرار الإنتاجية. وتتلخص حوكمة القطاع العام حول القضايا المتعلقة بتوزيع السلطات في الشركات وتعريف مهام واختصاصات الأقسام وكذلك إجراءات التعيين والإعفاء من الخدمة، والمكافآت وتوزيع الأرباح والخيارات الإستراتيجية وحقوق المساهمين وباقي الأطراف المتداخلة. بعد يناير 2011، استفاقت تونس على وقع فضائح مالية واختلاسات كبيرة داخل أجهزة الدولة تسببت في إفساد الوضع الاقتصادي بشكل بالغ. وللوهلة الأولى يتبادر إلى الأذهان أن غياب القوانين المنظمة لعمل الشركات الحكومية هو السبب في ذلك، غير أن الواقع عكس ذلك تماما، إذ أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم تطبيق القانون. وعلى سبيل المثال، تعاني معظم شركات القطاع العام في تونس من سوء الإدارة الذي سمح لبارونات الفساد بالسيطرة عليها. ولعل شركة فوسفات قفصة، دليل على ذلك، فالشركة تمر بوضعية صعبة للغاية في السنوات الخمس الأخيرة وأغلب الخبراء يطالبون منذ ذلك الوقت بإعادة هيكلتها حتى تستعيد عافيتها وتكون مفتاح حوكمة باقي الشركات الأخرى المتعثرة. وهنا، يمكن استنتاج أن القائمين على تسيير وإدارة الشركة وغيرها من الشركات الأخرى، التي تعاني من نفس المشكلة، لم يطبقوا القوانين في أغلب الأحيان، معتمدين في ذلك قاعدة أن القوانين وضعت لكي تخترق، من أجل تحصيل منافع شخصية على حساب الدولة، وهذا الأمر أدى إلى استفحال ظاهرة سوء إدارة الإدارة. لا شك أن تونس تمتلك ترسانة قانونية حديثة، في ما يتعلق بالحوكمة، بل إن مجموعة من القوانين تضاهي القوانين الأوروبية وخاصة فرنسا المرجع الرئيسي للقوانين التونسية، لكن تلك القوانين ستظل بلا جدوى دون جهد شامل لتطبيقها من الشركات ومن مختلف الأطراف وخاصة الحكومة التي يقع على عاتقها الحمل الأكبر لفض هذه المشكلة التي تعيق النمو. كما أن تونس لم تكن يوما بعيدة عن التقلبات الدولية فقد سعت إلى مواكبة مختلف التغيرات محليا ودوليا حيث أقرت في 2005 قانون سلامة المعاملات المالية الذي يعتمد بشكل رئيسي على زيادة مسؤولية المديرين، وتعزيز الرقابة الداخلية، وتقليص مصادر تضارب المصالح. واتسم هذا القانون بتحديثات كثيرة استمدت من قانون “سربانز أوكسلي” الأميركي. إن احترام تلك القوانين يعد تحديا جديدا أمام الممارسين في عالم حوكمة مؤسسات القطاع العام وخاصة التي تعتمد فيها الدولة على مداخيلها، لكن على الجميع أن يأخذ بعين الاعتبار أنه عندما ظهرت فكرة الإدارة بالجودة الشاملة، قوبلت بتحفظات واعتراضات كثيرة. وفي ضوء ذلك، فإن حكومة يوسف الشاهد لا تنقصها القوانين لترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة داخل القطاع العام، لكن المسألة تتعلق بالإرادة، فكلما كانت الدولة حازمة في تطبيق القانون، كلما كانت محاصرة الفاسدين، الذين يتحاشون تطبيق القوانين، سهلة، وبالتالي يمكن الإقرار حينها بأن هيبة الدولة بدأت تأخذ المسار الصحيح. سيكسب نظام الحوكمة في تونس الكثير من الجهد والوقت حينما يصبح شفافا وواضحا، إذ بوجود قواعد جيدة الإعداد والصياغة ومتناسقة مع المعايير الدولية، الأكثر صرامة، سيكون بالإمكان ضمان ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. ولذلك فإن الحكومة أمامها عمل كثير حتى ترسخ ثقافة الحوكمة. صحافي تونسي رياض بوعزة :: مقالات أخرى لـ رياض بوعزة ضعف الحوكمة في تونس يضر بالتنمية, 2016/10/14 تحرير قطاع الدواجن يهدّد المنتجين التونسيين بالإفلاس, 2016/10/13 التهريب ثقب أسود ينخر الاقتصاد التونسي, 2016/10/04 تآكل احتياطيات الصناديق الاجتماعية يكشف هشاشة اقتصاد تونس, 2016/09/28 غياب هيبة الدولة يكبل جهود تونس في إرساء مناخ الأعمال, 2016/09/24 أرشيف الكاتب

مشاركة :