تركيا تسقط في قبضة الانكماش الاقتصادي كشفت بيانات أن أزمة الاقتصاد التركي أكبر من جميع التقديرات السابقة حين أظهرت انكماش الاقتصاد بشكل كبير في الربع الثالث، متأثرا بتداعيات محاولات الانقلاب والإجراءات الأمنية والاعتقالات الواسعة التي قامت بها الحكومة، والتي أدت إلى عرقلة النشاط الاقتصادي في معظم القطاعات. العرب [نُشرفي2016/12/14، العدد: 10485، ص(10)] فقدت نصف قيمتها خلال 3 سنوات لندن - أكدت بيانات مكتب الإحصاءات التركي (تركسات) أن الاقتصاد التركي انكمش في الربع الثالث بنسبة كبيرة بلغت نحو 1.8 بالمئة بمقارنة سنوية بسبب تراجع الصادرات وانخفاض إنفاق المستهلكين، وهو أول انكماش فصلي منذ 7 سنوات. وأدى نشر البيانات إلى تراجع جديد لليرة التركية، التي دخلت في تراجع متواصل منذ 3 سنوات وفقدت خلالها أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار. وفاقت نسبة الانكماش في الربع الثالث، الذي أعقب محاولة الانقلاب وشهد إجراءات أمنية واعتقالات واسعة، توقعات المحللين في استطلاع رويترز، التي كانت تتوقع انكماشا بنسبة 0.5 بالمئة. ويأتي التراجع بسبب ضعف إنفاق المستهلكين الذي قال “تركسات” إنه انخفض بنسبة 3.2 بالمئة في الربع الثالث، فيما انخفضت صادرات السلع والخدمات بنسبة 7 بالمئة في وقت ارتفعت فاتورة الواردات نتيجة انخفاض قيمة العملة التركية. وتعتبر هذه البيانات أقوى مؤشر حتى الآن على أن حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو، تؤثر على ثقة المستهلكين وعموم النشاط الاقتصادي. وشهد الاقتصاد التركي خلال الفترة الماضية بوادر تباطؤ. وكان آخر انكماش فصلي سجله الاقتصاد التركي في الربع الثالث من العام 2009 عندما دخلت البلاد حالة من الانكماش الاقتصادي. وعزا محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء، انكماش الناتج المحلي إلى ضعف التجارة العالمية وتراجع التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة والتوترات السياسية. وكتب بولنت جيديكلي، مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان في تغريدة على تويتر أمس، يقول إن انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث لا يؤثر على التوقعات المستقبلية للاقتصاد التركي. وأكد أن الاقتصاد سيواصل النمو في الفترة المقبلة وأن تركيا ستتغلب على ما وصفه بتبعات المضاربة والتلاعب في السوق عن طريق الإصلاحات. وعقب الكشف عن الأرقام انخفضت قيمة الليرة التركية إلى 3.5 مقابل الدولار. وهو ما سيزيد الضغط على البنك المركزي بعد أن رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ 3 سنوات. محمد شيمشك: سبب الانكماش تراجع التدفقات الرأسمالية للأسواق الناشئة والتوترات السياسية كما تضررت الليرة التركية بصورة كبيرة خلال العام الجاري، وفقدت نحو 20 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار، لتقترب من أدنى مستوياتها منذ عقود. ولا يزال الرئيس رجب طيب أردوغان يعارض قيام البنك المركزي برفع معدلات الفائدة، وكشفت الحكومة مؤخرا عن حزمة اقتصادية تحفيزية تهدف إلى إطلاق برامج للتدريب المهني وزيادة خيارات الإقراض. ويمثل قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم، رفضا صريحا لمطالب أردوغان، ويطالب المحللون بمواصلة رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم. وأظهرت البيانات ثبات معدل التضخم عند نحو 7 بالمئة، بينما استمر ارتفاع عجز الموازنة ومعدل البطالة الذي بلغ 11.3 بالمئة في أغسطس. وقال البنك المركزي التركي إن العجز في ميزان المعاملات الجارية بلغ في أكتوبر نحو 1.675 مليار دولار، وهي مستويات فاقت توقعات المحللين. وتأتي هذه الأرقام فيما يعاني قطاع السياحة من تراجع كبير بعد المحاولة الانقلابية وعدد من الهجمات الإرهابية، التي اتهمت الحكومة والمتمردين الأكراد وتنظيم داعش بالوقوف خلفها. ومؤخرا، أعلنت وزارة السياحة التركية انخفاض أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى تركيا بمعدل 25.8 بالمئة بمقارنة سنوية، لتصل أعدادهم في أكتوبر الماضي إلى 2.45 مليون سائح. وذكرت صحيفة “حرييت” التركية أن عدد الوافدين الأجانب هو الأقل على مدى الأشهر السبعة الماضية، في ظل تفاقم المخاوف السياسية والأمنية. وأشارت الصحيفة إلى انخفاض عدد السياح الأجانب الذين زاروا تركيا إلى 22.7 مليون سائح في الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، بانخفاض يصل إلى 31 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015. وانخفض عدد الروس الذين يزورون تركيا بنسبة 78.3 بالمئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، بمقارنة سنوية، رغم أن البيانات أظهرت بعض التحسن بعد تطبيع العلاقات الثنائية. وباتت روسيا مجددا ثاني أكبر مصدر للسياح الأجانب إلى تركيا في شهر أكتوبر الماضي، حيث بلغ عدد السياح الروس نحو 223 ألف سائح، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالأرقام المسجلة في ذروة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين. واحتلت ألمانيا مجددا الصدارة بنحو 491 ألف سائح ألماني زاروا تركيا في أكتوبر الماضي، رغم انخفاض متوسط السياح الوافدين من أوروبا بنسبة 33 بالمئة. :: اقرأ أيضاً الصين تمد سياسة إقصاء الدولار من تعاملاتها التجارية إلى تونس ملامح موازنة 2017 تؤكد نجاح السعودية في ترويض العجز الكبير تأكيد التزام المنتجين يقفز بأسعار النفط فوق 56 دولارا للبرميل
مشاركة :