تصوّر أن تسجل 13 هدفاً في أول مباراة دولية تخوضها. الأمر مستحيل بكل تأكيد. لكن هذا الرقم القياسي في كأس العالم FIFA موجود في السيرة الذاتية لآرتشي تومبسون. حقق تومبسون هذا الإنجاز في أبريل/نيسان عام 2001 عندما دكّت أستراليا شباك فريق شاب وعديم الخبرة هو منتخب ساموا الأمريكية بنتيجة 31 هدفاً من دون مقابل في إحدى مباريات من تصفيات كأس العالم FIFA. نقوم بتسليط الضوء على هذا الإنجاز الخارق في سلسلتنا عن الأرقام القياسية في تاريخ كأس العالم FIFA. اللاعب يعتبر آرتشي تومبسون شخصية تتمتع بشعبية كبيرة ودائما ما كادت مسيرته تلامس حدود خارج المألوف. فقد كان أحد أبرز الصفقات في أعرق ناد في الدوري الأسترالي وتحديداً ميلبورن فيكتوري في أول موسم من البطولة. وأثبت تومبسون أحقية التعاقد معه وخصوصاً بعد أن حقق إنجازاً آخر يتمثل بتسجيله خمسة أهداف في النهائي الكبير من بطولة أستراليا. دائما ما ترتسم البسمة على شفتيه حتى في خضم المعركة وقد عاش مسيرة طويلة ومثيرة. لكن كان يمكن أن تكون الأمور مختلفة تماماً. فقبل خمس سنوات كان يغسل الأطباق في أحد المطاعم الصينية إلى أن جاءت نقطة التحول. كانت رؤيته لزميله السابق في الفئات العمرية هاري كيويل يتألق في صفوف ليدز يونايتد الحافز لكي يبذل جهوداً مضاعفة من أجل الحصول على عقد في الدوري المحلي. وقّع تومبسون باكورة عقوده له على مستوى الفريق الأول بعد أن لفت أنظار المدرب الوطني فرانك فارينا بعد أن رتَب لقاء على وجه السرعة معه في مرآب نادي مورويل فالكونز. بعد أن سجل العديد من الأهداف في الدوري المحلي استدعاه المدرب فرانك فارينا لخوض أولى مبارياته الدولية في مطلع عام 2001، لكنه كان يُعتبر في آخر الترتيب من ناحية الخيارات. ثم جاءت تصفيات قارة أوقيانوسيا. كان اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً على شفير التاريخ ودخول كتب الأرقام القياسية. الرقم القياسي لا أحد يتذكر بأن استراليا كانت قد حققت رقماً قياسياً قبل يومين فقط من الإنجاز الكبير لتومبسون في مواجهة ساموا الأمريكية في كوفس هاربور. بات فوزها على تونجا 22-0 في مجموعة أوقيانوسية ضمت خمسة منتخبات، مجرد نتيجة عابرة عندما يتعلق الأمر بالمباريات الدولية. حتى تلك اللحظة، كان الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف في كأس العالم FIFA في حوزة إيران التي تغلّبت على جوام 19-0 عام 2000. وللمفارقة، فإن تومبسون نفسه سجّل الهدف الذي حطم به رقم إيران في مرمى تونجا. كان الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف المسجل باسم لاعب واحد هو سبعة أهداف في حوزة الأسترالي جاري كول الذي قام بذلك عام 1981 في مرمى المالديف، ثم عادله الإيراني كريم باقري في تلك المباراة ضد جوام. كان معدل أعمار منتخي ساموا الأمريكية 18 عاماً فقط بعد أن واجه صعوبات في أهلية بعض اللاعبين. لم يكن غريباً أن يلجأ خبراء الإحصائيات إلى مراجعة الأرقام القياسية قبل تلك المباراة. احتاجت أستراليا لعشر دقائق لافتتاح التسجيل قبل أن تنهي الشوط الأول بنتيجة 16-0. وللمفارقة، نجح تومبسون في تحطيم الرقم القياسي الشخصي في الشوط الأول عندما سجل هدفه الثامن في نهاية هذا الشوط. وسقط الرقم العالمي في الدقيقة 65 وبالطبع كان اللاعب ذاته الذي سجل ذلك الهدف الشهير. كان الرقم القياسي المطلق من الأهداف في مباراة واحدة والمسجل باسم أربروث الفائز على بن أكورد 36-0 في اسكتلندا عام 1885، في خطر. في النهاية، توقفت مجرزة الأهداف عند 31 هدفا، لكن نظراً لحجم الفرص الضائعة أمام باب المرمى، فإن اللوحة أشارت إلى فوز أستراليا 32-0 بينها 14 هدفاً لتومبسون. حسمت أستراليا صدارة المجموعة مسجلة 66 هدفا ثم أخرجت نيوزيلندا قبل أن تخسر أمام أوروجواي 1-3 في الملحق بين القارتين الأوقيانوسية والأمريكية الجنوبية. لكن أستراليا نجحت في الثأر من لا سيليستي في الدور ذاته بعد أربع سنوات عندما نجح السوكيروس في إنهاء غياب عن نهائيات كأس العالم FIFA استمر 32 عاماً من خلال التأهل إلى ألمانيا 2006. الذكريات "بطبيعة الحال، أنا مغتبط لامتلاكي الرقم القياسي لكني أطلب دائما من الناس أن يأخذوا في عين الإعتبار الظروف في تلك المباراة. كان منتخب ساموا الأمريكية مبتدىء جداً. والواقع أنه لا يبدو الأمر صحيحاً بالنسبة إلي أن نسحقهم بالطريقة التي قمنا بها لكننا في المقابل أظهرنا لهم احترامنا لأننا بذلنا قصارى جهودنا." "نسي العالم بأن زميلي في خط الهجوم ديفيد زدريليك سجل ثمانية أهداف في تلك المباراة. كان باستطاعته بكل سهولة أن يكون الرقم القياسي من نصيبه، لكن فرصاً أكبر سنحت لي في ذلك اليوم. إنجازي تحقق بسبب ضعف الفريق المنافس وكوني كنت متواجداً في المكان المناسب في الوقت المناسب لإنهاء الهجمات. الكثير من لحظات تلك المباراة تبقى مبهمة بالنسبة إلي لكني أتذكر كل كرة لعبتها جيداً." "عندما يتجادل الشبان حول العالم حول هوية اللاعب الذي يحمل الرقم القياسي في عدد الأهداف في مباراة رسمية من تنظيم FIFA، ربما يعتقدون بأن الأمر يتعلق ببيليه أو مارادونا. التفكير كثيراً بالرقم القياسي يربكني. إنه أمر غريب أن أكون حامل هذا الرقم القياسي في الوقت الذي خاض فيه لاعبون كبار مباريات دولية على مدى السنوات." "بصراحة لا أتذكر الكثير من تلك المباراة. كنت جديداً في صفوف منتخب أستراليا حينها وكنت سعيداً بمجرد التواجد والإستمتاع بالتجربة. انتقلت إلى الخارج بعد تلك المباراة وكان الناس يتوقعون الكثير مني ما زاد من صعوبة مهمتي. قد تخوض مسيرة وتحقق فيها الكثير لكن قلة يحملون الرقم القياسي وبالتالي أنا ممتن وفخور لما حصل لي. سأجلب معي نسخاً عدة من كتب الأرقام القياسية عندما ستسنح لي الفرصة في ذلك،" آرتشي تومبسون.
مشاركة :