... وأهم ما في النقد هو تقديم البراهين على الانطباعات التي يخرج بها الناقد بعد ان يشاهد الفيلم السينمائي، وقد يكون الناقد سببا في تحفيز الجمهور على الالتفات لهذا الفيلم. والنقد لا يعني فقط تناول المثالب بل ذكر المثالب بنوعيها الواضح والمختفي بين بقية عناصر العمل الابداعي. وكي نحدد الناقد الحقيقي كان لزاما علينا ان نحدد بعض الصفات الواجب توافرها لديه كي يكون ناقدا مؤثرا يعمل على تحرك المياه الراكدة كما انه يساهم بشكل فاعل في تطور العمل الابداعي ناهيك عن رفع درجة الوعي في المجتمع. ومن مواصفات الناقد الجرأة وإلا فانه لن يصبح ناقدا مرموقا اضافة الى الحرية التي يجب ان يتمتع بها ليقدم نقده وفق رؤية حقيقية موضوعية لا تخضع لضغوطات اجتماعية او اقتصادية،والمسألة نسبية من دولة الى دولة اخرى،ففي الدول الاجنبية نجد النقد اكثر واقعية وموضوعية وجرأة نظرا لطبيعة المجتمع، وهذا الامر يقودنا الى سؤال مهم وهو هل يستطيع الناقد ان يرفض القيم الاجتماعية ويعبر عن ذلك انطلاقا من تناوله الى فيلم يناقش قضية اجتماعية اذ إنه يجب على الناقد ان يمتلك ادواته الابداعية ليستخدمها في فضح الزيف في بعض الامور والجرأة على كشفها،وقد سبقه الى ذلك من قام بتقديم ذلك الزيف في الفيلم. والنقد السينمائي هو عملية تحليل وتقييم وتذوق العمل الفني بشكل عام والدرامي بشكل خاص من جميع جوانبه من حيث القصة والاخراج والموسيقى التصويرية والتمثيل والاضاءة والمونتاج الى اخر عناصر العمل السينمائي. ان عملية الكتابة النقدية السينمائية شيء مهم في ثقافة المجتمع، وتناسق الاحداث في الفيلم السينمائي مهمة جدا كي تكون البنية وتسلسل الاحداث وتنامي الايقاع الدرامي وفكرة الفيلم،وتسليط الضوء على ذلك عبر الكتابة النقدية من خلال وسائل الناقد يمنح مجالا لحضور نقدي حقيقي. والنقد يأتي بعد العمل الفني الذي تم التحضير اليه كثيرا وتنفيذه جهدا عقليا ونفسيا كبيرين ليأتي النقد مكملا ليسلط الضوء على ابداعات الفيلم، والموهبة هي اساس الناقد الناجح مثل الرسام والموسيقي ومن دون الموهبة لن يتميز وان درس النقد اذ ان دراسة النقد شيء جميل وقد يكون مهما لكن الكليات الاكاديمية لا تصنع ناقدا. ومثلما لكل عمل ابداعي عناصر رئيسة فان النقد السينمائي لديه عناصره الخاصة به، وكذلك الناقد الذي يجب ان يتمتع بالعديد من الصفات اهمها الرغبة في التعبير عبر مقالته النقدية عن فيلم يرى انه يستحق النقد فيقوم في التعبير عن ابعاد كل فيلم وعلامات تميزه ولا بأس بذكر المثالب الى جانب المناقب وتقاسم ردة الفعل والاراء حول الفيلم حيث التعليق العام على الفيلم حيث ان الناقد يشاهد الفيلم ويكتب عنه ولا يكتب عن اصحاب الفيلم وتلك نقطة مهمة فالنقد والصحافة كل بحاجة الى الاخر وان كان النقد قد وجد بيئة صحية له في عالم الانترنت. واهتمت الصحافة كثيرا باستقطاب النقاد كي يكون نقدهم في مساحات كبيرة تحظى بمتابعة الجماهير، والنقد يبرز الايجابيات والسلبيات والعمل على التعريف بعناصرالفيلم المتميزة، وتناول النص ومدى قوة المؤلف ومناقشة ادوات المخرج ورؤيته التي وضعها في الفيلم،وابراز جماليات اللقطة السينمائية والتطرق الى احاسيس وانفعالات الممثلين مع النص والاداء بشكل متناغم، ومثل تلك الكتابات النقدية تشجع من عمل على المواصلة باصرار وبسعادة مما يؤدي الى تطوير الافلام السينمائية كما انه يعمل على تحريك المياه الراكدة في الوسط الفني والادبي والاعلامي كما انه يسلط الضوء على نقاط لا ترى بسهولة في الفيلم الامر الذي يؤدي الى رفع درجة توعية الجمهور العادي. * كاتب وفنان تشكيلي كويتي
مشاركة :