حسن عبدالله : ذاكرة الطفولة ترسم لوحاتي

  • 12/20/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: زينة حمود حتى الشعر أتى إلى الرسم، لكن اللون كان محفوراً في الذاكرة الطفولية ويستمر.. نقشت الذاكرة في العمق لتعيد ولادة لوحات ارتكست في المخيلة، لوحات هي من التراب والشجر، النهر والحقول في بلدته، الخيام المتاخمة لفلسطين المحتلة. هو الشاعر حسن عبدالله، الذي قدّم دواوين شعرية عديدة، وكتب للأطفال والكبار، يطلّ فناناً تشكيلياً في معرض افتتحه أخيراً في دار الندوة في بيروت، قدّم خلاله أكثر من 50 لوحة الأكريليك بأحجام مختلفة، تحت عنوان مقام الأخضر، هي قصيدة باللون للطبيعة والحلم والحنين.. رسم بحريّة كما كتب بحريّة، تمدّد في الواقعية الانطباعية وقدّم لوحة غنائية على وقع الشعر واللون وموسيقى الطبيعة، عازفاً ألحان المدى والندى والفضاء ومقام التراب والحقول. الشاعر حسن عبدالله رسّام الطبيعة اليوم، ومعرضه حديث الساعة في مجالس بيروت الثقافية ومنتدياتها.. كيف حدث ذلك؟ إن كان لي أن أؤرخ لنشاطي في مجال الرسم؛ فإن أبعد ذكرى تصلني من الماضي، هي عندما كنت على مقاعد المدرسة الثانوية في دار المعلمين والمعلمات في بيروت منذ ما يُقارب الأربعين سنة، في هذه المرحلة رسمت بشكل غير عادي، كنت أرسم باستمرار وأعلّق لوحاتي على جدار غرفة الصف لتجد اهتماماً ملحوظاً من أساتذتي وزملائي الطلاب، وأتذكر أيضاً بأن التشكيلي الكبير الراحل رشيد وهبي، وكان يعلمنا الرسم لطالما ميّزني عن غيري من الطلاب؛ فاهتم بما أرسمه، ومثله التشكيلي الكبير منير نجم الذي بالغ في اهتمامه بي، لدرجة كان يعرّفني إلى الرسامين الأجانب الذين يزورونه.. اليوم وأنا أكتب، تتقاسم الصفحة البيضاء باستمرار الرسوم والكلمات، وأحياناً أخربش رسوماً أكثر مما أكتب. لكن الخربشة أصبحت لوحات تنطق بالجمال؟ حدث منذ ما يقارب الخمس سنوات، أن كنتُ أخبر بعض الرفاق عن مهارتي في الرسم وكان بين الحضور، الصديقة التشكيلية خيرات الزين، وبدون علمي فاجأتني في اليوم التالي، وقد ملأت صندوق سيارتها بجميع مواد الرسم، بما في ذلك القائمة الخشبية أو الشيفالييه وقماشات الرسم والألوان والريش، أحرجتني، ومن باب اللياقة وعرفاناً بجميلها بدأت أرسم، وفي ذهني أنها تسلية عابرة، لكن ما إن تكونت أول لوحة أمامي حتى شعرت بدهشة كبيرة.. رسمت اللوحة الثانية وكمن يندفع في منحدر لم يعد في مستطاعه أن يتوقف، حتى اجتمعت لديّ بعد ما يقارب الخمس سنوات مادة معرضي الأول مقام الأخضر. في هذه السنوات الخمس أين كنت والشعر؟ طبيعي أن يكون هذا النشاط الفني الجديد قد أثّر على كتابتي الشعرية، إنما أصدرت عدداً من النصوص للأطفال بدافع التزامي مع بعض دور النشر. أين ترتاح أكثر في الشعر أم في الرسم أم في الكتابة للأطفال؟ إنني أشعر في هذه اللحظة بميل شديد لمتابعة الرسم، أما الشعر فقد كنت أكتبه باستمرار ببطء، وفي لحظات خاصة جداً، وسأستمر في ذلك، أيضاً، طبيعي أن أتابع الكتابة للأطفال شعراً ونثراً لا لشيء إلاّ لأنني اكتسبت حتى الآن مهارة مميزة في هذه الكتابة ولا أريد أن ألقي بها جانباً. في هذا السياق يجوز القول إن الفن التشكيلي بالنسبة إليك هو الشغف الذي كنت تبحث عنه في مراحل حياتك الإبداعية؟ يبدو أن الاستعداد للرسم كان طاقة كامنة عندي، إلى أن حدثت المناسبة التي جعلت هذا الاستعداد يتجسد في لوحات ورسومات قال الكثيرون: إنها متابعة صادقة لما أكتبه من شعر. كيف ذلك؟ وجدوا الشعر في معظم اللوحات وقارنوا بين عدد من صوري الشعرية والصور التي شاهدوها على جدران المعرض. معظم لوحاتك تعانق الطبيعة: الأرض، التراب، السهول، الشجر.. خصوصاً من وحي مسقط رأسك الخيام كيف تفسر ذلك؟ أنا مسكون بالطبيعة، خصوصاً تلك الحقول والبراري والتلال التي تحيط ببلدتي الخيام، وكانت مسرحاً لطفولتي، عندما كنّا أطفالاً كنّا نعيش في البراري والمروج، أكثر مما كنّا نعيش في البيوت داخل بلدتنا، أكيد أن هذه الذاكرة الطفولية مازالت حيّة ونضرة في ذاكرتي وفي خيالي، ولديّ شغف شديد ودائم للتعبير عنها في مختلف الوسائل الفنية. والحنين.. هل له مكانة في شعرك ولوحاتك؟ أمام صدمة الحياة التي نعيشها الآن خصوصاً لجهة العمران الرهيب الذي يتكاثر من حولنا يوماً بعد يوم، فإن الحنين إلى الطبيعة كمسرح للطفولة والشباب، هو حنين صادق وجارف، ومن الطبيعي أن يعبّر عنه في كل عمل فني. هل تعلمت الرسم أكاديمياً؟ أبداً.. لم يحدث ذلك! ماذا يوحي إليك اللون؟ عندما أتذكر اللون النقي الصافي الخالص المبهج؛ فإنني أعود إلى ألوان الزهور التي كانت تملأ الحقول، والتي كنت أفرح وأغتبط وأندهش أمامها في فترة الطفولة، كذلك لا أنسى أبداً كافة أنواع اللعب، عين الطفل هي عين فنان كبير، ولعلني أستعيد تلك النظرة الطفولية عندما يتشكل اللون أمامي في هذه اللوحة أو تلك، ولطالما نظرت بهذه العين الطفولية إلى العالم وإلى الحياة عندما كتبت الشعر ونصوص الأطفال. من أثّر بكَ فنياً؟ تصفحت كهواية معظم ألبومات الرسامين اللبنانيين وأشهر الرسامين الأجانب، كما اطّلعت على تاريخ الفن، وعلى الرسومات التي تميز كل مرحلة، هواية ترافقني حتى اليوم.

مشاركة :