يدٌ واحدة لا تُصفق

  • 12/24/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

الوحدة والاتحاد أعظم قوة في الكون وأسهل طريقة لنشر الثقة بين سُكان الكرة الأرضية، بهما تمتلئ القلوب بالطمأنينة وراحة الفكر والبال، وتُزال جميع الحواجز التي تصنعها الشكوك بين البشر، حواجز تُؤرق الناس وتُرغمهم على أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الآخرين وتخلق المسافات بين الناس. بتبني ثقافة الوحدة والاتحاد تُزال الحواجز وتتلاشى الشكوك ويزداد تقارب الناس وتواصلهم الإيجابي بكُل ثِقة واطمئنان، كم يفتقد الناس أجواء إيجابية كهذه، حتى يتفرغوا لتحقيق الأهداف الإنسانية العالمية السامية كمحاربة الفقر والجوع والظُلم المُستشري، والبدء بتنفيذ الخطط التنموية لتحقيق رفاهية البشر، إنه العنصر الرئيس للتطور والازدهار والعامل الأساسي لبناء المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة، فلنعمل معاً على ذلك، لأن البديل هو الشك والريبة وفقدان الثقة التي تُولد الفُرقة والتشتت وتؤدي الى ضعف المجتمعات وتخلفها، لأنها تُشغل الناس بالصراعات والخلافات الوهمية وتدفعهم إلى صرف الوقت والجُهد على توافه الأمور. يؤكد التاريخ أن هناك صراعات كثيرة خلفت الدمار والخراب وشكّلت تهديداً حقيقياً للعالم، فالمعاناة المروعة التي أصابت البشرية لَقَّنَت الجميع دروساً قيمةً وأكدت أنّ التشرذم الموروث من الماضي السحيق الذي أفسد قواعد وأُسس العلاقات الإنسانية باستطاعته اليوم فتح أبواب الجحيم واسعة أمام وسائل شيطانية مُدمرة وتصرفات بشرية تفوق في وحشيتها وعنفها عالم الخيال. بيد أن الجهود القيمة التي اضطلع بها أناس عظماء لتحقيق الوحدة والاتحاد يجب ان تكون محل تقدير واحترام لتوافقها مع المبدأ القائل "توجّهوا نحو الاتّحاد وتنوّروا بنور الاتّفاق... لا يمكن تحقيق إصلاح العالم واستتباب أمنه واطمئنانه إلا بعد ترسيخ دعائم الاتّحاد والاتّفاق" فالوحدة والاتحاد من الهِبات الربانية والنعم الإلهية العظمى والهدف الرئيس للشرائع الإلهية، لكنها لا تأتي من فراغ بل بالتكاتف والعمل الجدي. وقد حاول البعض ترسيخ هذه الثقافة بدوافع مختلفة كتشكيل نظام سياسي، اجتماعي، أو فكري مشترك، كما اتحد العالم مراراً للتصدي للمخاطر والتهديدات التي تواجه البشرية. ثقافة الوحدة والاتحاد تنبع من الخصال الإنسانية النبيلة مثل الإيثار، والتطوع لخدمة الآخرين، والكرم والجود والبذل والعطاء والتضحية، ولكن "طبيعة الإنسان مخمّرة أيضاً بحب الذات" هذه "النفس الأمارة" التي تدفعها للوصول إلى مصالحها الشخصية بالتعدي على القوانين والحدود المُنظمة للحياة، لتقوم العملية التربوية الأخلاقية الصحيحة بإصلاح الوضع وتمكين الفرد من اتخاذ القرارات الصائبة بِمُراعاة حقوق الآخرين وتجنب الإضرار بهم، والتخلي عن المصالح الشخصية الضيقة وتعويضها بالوعي الإنساني المؤمن بالتسامح والأخلاق الحميدة واحترام حقوق الآخرين وقبولها، وهذا هو التحدي الأكبر! فالوحدة فطرة إنسانية طبيعية، وهذا يُفسر ظهور ميول تجاه العمل الجماعي لتحقيق رفاهية الإنسان وتطوره. ما يوحدنا أكثر بكثير مما يُفرقنا، وما ترابط شعوب العالم بتنوعه الجميل إلا دليل واضح على ذلك، فما يحدث في أي بُقعة من العالم يؤثر في مكونات الكُرة الأرضية، والظواهر البيئية كالنينيو المُتسببة في تزايد الكوارث الطبيعية خير دليل على ذلك. الوحدة والاتحاد من أبرز مقومات تطور المجتمعات ورقيها، وخيار القبول والعمل بهما ضرورة مُلحة لاستمرار الحياة وتحقيق الرفاهية والازدهار وخلق عالم أفضل مما نعيشه اليوم.

مشاركة :