أكد فضيلة الدكتور محمد بن حسن المريخي الخطيب والداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن الشكر نصف الدين، وأن الكفر بالنعم.. يجلب النقم، وأضاف أن نعم الله كثيرة ولا تعد ولا تحصى، وأنها متعددة ومتنوعة ومعنوية كبيرة وصغيرة في الأبدان والأنفس، وفي البلدان والأموال، وفوق الأرض وتحت الأرض، من كثرتها لا تكاد كثير من الأنفس تراها بل تجحدها وتعبث بمائها ومرعاها. وأوضح أن الجاحدين للنعم كثيرون وأن الشاكرين المقدرين قليلون، وقد رأينا بأم أعيينا نعماً تحولت وزالت وتبدلت وعافية ذهبت وتغيرت، وقال "يا عباد الله فانتبهوا فثم خلق عظيم ومقام كريم به أمر الله ورسوله ونهى عن ضده ومعارضه، وأثنى على أهله القائمين به ووصف به خواص خلقه من النبيين والمرسلين والصالحين المتقين ووعدهم بأحسن الجزاء، ووعدهم بالزيادة والمزيد من فضله حتى جعله من حراس النعمة وحافظي المنة، أهله المنتفعون بالوحي المنزل الآيات والأحاديث لله اسم منه، وهم قلة بين العباد إنه مقام الشكر وفضل الشاكرين، يقول تعالى (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). وتابع: إن الشكر نصف الدين والله تعالى هو الشاكر العليم وهو الشكور الحليم يحب الشاكرين ووعد على الشكر الأجر الجزيل فقال (وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) وقال (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، والشكر أمر مستقر في نفوس أهل العبادة ونهج راسخ في سلوك الصالحين. جوع وخوف وفتن واضطرابات قال الدكتور المريخي إن الله أعطى وأجزل العطية وأنعم وتفضل عليكم وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، وإنما تبقى النعم وتثبت بالشكر لله تعالى، موضحاً أن كفران النعم وجحودها واتخاذها مطية للعصيان والتمرد عليه سبحانه والبطر والاستكبار على الدين والشريعة والمنهج الحق وسبيل رسول الله سبب لمحق البركات وسلب النعم، وتبديلها بالنقم ونزول البلايا والمشاكل والضوائق والعقوبات العامة (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) فلما كفروا بالنعم عاقبهم بالجوع والخوف. وأضاف: إن كفر النعم سبب للجوع والخوف وسبب الفتن والاضطرابات في الأمن والمعاش وإن من كفران النعم الإسراف والتبذير والطغيان والتباهي والاستعلاء والاستكبار يجلب سخط الله ومقته، وتابع: لا تبدلوا نعمة الله بالإعراض عن دينه والسخرية من سنة رسول الله باسم العلم أو التطور والتقدم والتحضر، وانظروا إلى من بدل الله عليهم وغير عليهم داهمتهم النوازل وانقلبت أحوالهم وزالت عنهم النعم وحلت بهم النقم. جاحدون يتقلبون في النعم أوضح خطيب الجمعة أن في الدنيا جاحدين للنعم لا يشكرون يتقلبون في النعم ويفسدونها وهم لا يشعرون، أقوام لا ترى أعينهم إلا الاعوجاج والسواد والذم والقلة والنقص والتأنيب والولولة، فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون، يلهثون دوماً بالنقص والعسر والضيق وقد امتلأت خزائنه المالية والحياتية والترفيهية والتموينية ولا تدري ما يريد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أصبح آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها). ودعا إلى ضرورة شكر النعم وعدم الكفر بها والغفلة عن المنعم سبحانه وتعالى، وقال «لجموع المصلين واستغلوا النعم في طاعته ومحبته ولا تلتفتوا إلى الذين لا يعلمون سنن الله في كونه من الذين غرتهم الدنيا وتوقف علمهم عندها (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) إقرار بالنعمة الربانية لفت الدكتور المريخي إلى أن الشكر اعتراف العبد بمنة الله عليه وإقرار بالنعمة الربانية عليه من خيري الدنيا والآخرة في كل شأن العبد، وقال «إن الشكر دليل رضا العبد عن ربه وهو حياة القلب وحيويته وهو قيد للنعم التي عند العبد، وصيد للنعم التي لم تأت بعد، والشكر دليل على صفاء النفس وطهارة القلب وسلامة الصدر وكمال العقل». وأضاف: إن الشكر ليس مجرد حمد باللسان ولكنه عمل وإظهار للامتنان وقد قال سبحانه (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) فالشكر يدعو العبيد ليشكروا لله بالقول والعمل، يقول سبحانه بعد ما امتن على العرب في مكة بالنعمتين التي يسعى لها العالم اليوم كله، قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) فقد أطعمهم وآمنهم فليعبدوه ليتم الشكر وتقر النعمة. سبب للرضا وأمان من العذاب ذكر الدكتور المريخي خلال خطبة الجمعة أن الشكر سبب لمرضاة الله عن عبده (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) وهو أمان من العذاب كما قال تعالى (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً)، موضحاً أن الشكر واجب في جميع الأحوال في الصحة والمرض والشباب والهرم والفقر والغنى والفراغ والشغل والسراء والضراء واليقظة والمنام والسفر والإقامة، في الخلوة والاختلاط قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم. وأوضح: أن طرق الشكر لا تحصى وميادينه لا تحصر، اشكروا ربكم عباد الله على ما أظهر من جميل وعلى ما ستر من قبيح، ويكون بالصيام فقد صام موسى عليه السلام شكراً لله الذي نجاه من فرعون وقومه، وصامه رسول الله والمسلمون، موضحاً أن الشكر قد بالسجود لله إذا جاءه ما يسره أو حدثت له نعمة، وقد سجد رسول الله لما أخبره جبريل أنه من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشراً، وسجد أبوبكر لما بلغه مقتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي رضي الله عنه لما بلغه مقتل الخارجي ابن الذدية، وسجد ابن مالك لما تاب الله عليه.;
مشاركة :