انتشار الظلم سبب في ذهاب النعم وحلول النقم

  • 8/6/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حذر فضيلة د. عيسى يحيى شريف من مساوئ الظلم، مشيرا إلى إنه من أشد المظاهر الاجتماعية فتكا بالإنسان، وأرذلها مسلكا، وأقبحها موردا، وأعنفها تأثيرا في الحياة الإنسانية سواء كان هذا الظلم بين العبد وخالقه أو بين العبد والناس أو بينه وبين نفسه. وشدد في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة على إن الظلم ذنب عظيم، وإثم مآله وخيم، وهو سبب الفساد والإفساد ومن مضلات الفتن والإلحاد منبها إلى أنه متى استفحل ذهبت النعم وحلت النقم عياذا بالله. ظلم النفس وخاطب د. عيسى المصلين قائلا: اعلموا عباد الله أن الإنسان حين يرتكب الظلم فإنما يضر نفسه مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) وقوله سبحانه (وما ظلمونا ولكن أنفسهم يظلمون) وقوله عز وجل (ولن يضروا الله شيئا) كما دلل بالحديث الحديث القدسي (إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني). وكان د. عيسى قد استهل خطبته قائلا: إن الله تبارك وتعالى قد جعل السنة اثني عشر شهرا منذ خلق السموات والأرض، وجعل في تلك الأشهر أربعة أشهر ونحن في بداية الثلاثة المتتابعة منها. الأشهر الحرم وأضاف: لقد وصفها الله تعالى بأنها الأشهر الحرم وحرم سبحانه الظلم بأنواعه الاعتقادية والفعلية والقولية وكل أنواع الظلم تنتهي إلى ظلم النفس، قال عز وجل (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) وقوله (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) يعود إلى الشهور كلها، أي تلك الشهور التي قدرها الله منذ خلق الكون ثم خلق الناس وجعل لهم أعمارا متفاوته (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) وهنا لفتة بلاغية قرآنية نستفيدها من سياق النص وهي أن الظلم محرم منذ خلق الله الكون. ضياع الحسنات وقال خطيب مسجد علي بن أبي طالب: إن قيامك بالظلم أيها الإنسان يعود وباله عليك، تذهب به حسناتك وتتحمل بسببه سيئات من تظلمهم، ولا ينفعك أقرب قريب كما يدل على ذلك قوله (والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير) وقوله (وقد خاب من حمل ظلما) (والظالمين أعد لهم عذابا أليما) وأكد الخطيب أن الظالم قد يضر إنسانا في الدنيا ولكن المظلوم ينتفع في الآخرة والظالم يضر نفسه. وأضاف: اعلموا أن الظالم ملعون والملعون مطرود من الرحمة لافتا إلى قول الحق تبارك وتعالى (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) وتابع فضيلته مخاطبا الظالمين: اعلم أيها الظالم أنك إذا تسببت في إفساد دنيا المظلوم بظلمك له فقد أفسدت بذلك آخرتك، (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى). مستجاب الدعوة وأكد أن المظلوم دعاؤه مستجاب، مدللا بقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول لها الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين، أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، وفي الصحيحين عن معاذ وابن عباس رضي الله عنهم (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) و عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ : (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) متفق عليه كفى بخبر القرآن والسنة واعظا قال تعالى: (وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) وعن أبـي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن رسول الله صلـى الله علـيه وسلـم، عن الله عز وجل أنه قال: (إنـي حرمت الظلـم علـى نفسي، وجعلته بـينكم مـحرما، فلا تظالـموا، أخرجه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) أنواع الظلم وتحدث الخطيب عن أنواع الظلم فقال: إن من أنواع الظلم، أكل أموال الناس بغير حق، والإساءة إليهم، وإيذاؤهم والبذاءة في معاملتهم، والتطاول عليهم، وسبهم وقذفهم، محذرا من أن ذلك ظلم كبير، وشر مستطير، وعدوان خطير، صاحبه مفلس، ظالم منتكس لافتا إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: (إن المفلس من أمتي، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هـٰذا، وقذف هـٰذا، وأكل مال هـٰذا، وسفك دم هـٰذا، وضرب هـٰذا، فيعطىٰ هـٰذا من حسناته، وهـٰذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) أخرجه مسلم كما أشار إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد جيد. وقال الخطيب إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنصرة المظلوم، فقال: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا عرفنا نصر المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال أن تأخذوا على يديه وأن تمنعوه من الظلم وأن تأطروه على الحق أطرا) ونبه د. عيسى إلى إن من شؤم الظلم أن يسبب عموم الفتنة مشيرا إلى قول الحق سبحانه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب). أقبح الظلم وشدد على أن أقبح الظلم وأشنعه الشرك بالله، كما قال سبحانه وتعالى: (إن الشرك لظلم عظيم). ولفت إلى أن من الكبائر الظلم بين الناس، بتعدي بعضهم على بعض في الحقوق والواجبات، كما قال الله تعالى: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس)، والظلم بين العبد وبين نفسه، كما قال الله تعالى:(فمنهم ظالم لنفسه). ونوه إلى أن كل صور الظلم محرمة على العباد، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا). ومضى خطيب مسجد علي بن أبي طالب إلى القول: لقد توعد الله تعالى الظالمين في كتابه بما يخلع القلوب، ويكف النفوس عن الظلم فقال سبحانه وتعالى:(ولا تحسبن اللـه غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)، وقال تعالى: (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالـمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)، وقال سبحانه (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما).

مشاركة :