كان أنسو سانيانج مستعداً، لقد سئم من البحث عن عمل وكسب القليل لإعالة أهله وأخواته لذلك حزم الشاب الغامبي أمره وقرر سلوك طريق الهجرة إلى ليبيا أملاً بالوصول منها إلى أوروبا. ولكن في يوم الجمعة الأول من ديسمبر، تردد في الأمر، وعدل عن السفر لكي يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية التي بدت مختلفة عن سابقاتها. «غيرت رأيي»، قال سانيانغ بعد أيام من قبول الرئيس يحيى جامع الهزيمة وبدا أنه رضي بترك السلطة بعد 22 عاماً. وأضاف الشاب البالغ من العمر 25 عاماً: «كنت سعيداً، سعيداً جدّا لأنني أملت بفوز الرجل» مشيراً إلى فوز المقاول أداما بارو المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الموحد في الانتخابات. ولكن بعد أسابيع تحول الفرح الذي غمر سانيانغ إلى شعور بانعدام الأمن مع الخلاف على نتيجة التصويت وشعر بأن مصيره ومصير الآلاف من سكان غامبيا في مهب الريح. وقال بارو لفرانس برس في وقت سابق من الشهر: إن «غامبيا تعيش أزمة ولهذا يسلك الجميع طريق الهجرة». اختبر بارو بنفسه صعوبات الهجرة عندما كان يدرس ويعمل حارساً في لندن. وقال: «يسمعون اسم أوروبا ويظنون أنها الجنة، الأمر ليس كذلك على الإطلاق». لكن جامع يتبنى خطابا مختلفاً؛ إذ قال قبل فترة قصيرة: «كل من يريد الهجرة، دعوه يهاجر، كلٌّ وما يهوى، الهجرة مسألة خيار، وهي ليست بسبب الفقر». يكسب سانيانغ في العادة 250 دالاسي أو ما يعادل ستة دولارات، وقد يحالفه الحظ أحياناً ويكسب ألف دالاسي، عندما يساعد الصيادين في البحر. وعندما لا يعمل مع الصيادين، يقوم سانيانغ بتكسير الحجارة في ورش البناء أو بأي عمل يحصل عليه في الصباح في حيه، ويستمر في العمل حتى هبوط الليل. وبدا صوته مستسلماً وهو يقر بأنه يفكر مجددّا في الهجرة بعد أن بات واضحاً أن جامع لن يرحل بسهولة، وبات يشعر مثل غيره من الشباب المحبطين أن الوقت يضيق عليهم. وقال الطالب مبمبي كوياتيه البالغ من العمر 25 عاماً بعد صلاة الجمعة في حي وستفيلد القريب من العاصمة بانجول: «قبل سنوات لم يكن الغامبيون يجتازون الصحراء الإفريقية ولكنك ترى اليوم أطفالاً في عمر 12 و13 و14 عاماً ينضمون إليهم». وأضاف: «غادر عدد كبير من أصدقائي. بعضهم غرق في البحر المتوسط وبعضهم وصل إلى أوروبا». أما في القرى فلم يبق تقريباً شباب أو رجال تقل أعمارهم عن أربعين عاماً. وقال دبلوماسي في بانجول مر عبر إحدى هذه القرى قبل فترة قصيرة، «لم أصدق الأمر، لقد سلكوا جميعاً طريق الهجرة». تبدو آلام العائلات المكلومة بفقدان أحبتها الذين لم يصلوا إلى إيطاليا، ظاهرة في كل أنحاء غامبيا. يتذكر سامبا مبنغو الميكانيكي شجاراته المتكررة مع أخيه عليّ الذي كان يعمل في الخياطة في النهار ويتنبأ له بمستقبل زاهر في حلبة الملاكمة. وقال سامبا: «كان مُصرّا على السفر، ولكي أقنعه بالبقاء اشتريت له ماكينة خياطة ولكن حتى بعد كل ما فعلته، لم يقتنع».;
مشاركة :