عندما تجتاز الأسهم الأوروبية حاجز الخوف

  • 12/27/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مايكل هانت يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست دولة، بل هي عالم قائم بذاته، حسب توصيف أوسكار وايلد لها. فمنذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً جديداً تفوقت الأسهم الأمريكية في أدائها على مختلف بورصات العالم، بما فيها الأسهم الأوروبية. ففي الوقت الذي اعتاد المستثمرون الأمريكيون على تسجيل مؤشرات الأسهم الأمريكية أرقاماً قياسية كل أسبوع تقريباً، لم يفلح أكبر المؤشرات الأوروبية مثل يوروستوكس 600 وداكس في تحقيق رقم قياسي منذ إبريل/نيسان 2015. ولو لم يكن المستثمرون على قناعة تامة بأن ترامب يقود عالماً بذاته، لاتجهوا ولو على فترات متقطعة للاستثمار في الأصول الأوروبية. ومما يؤكد ذلك قبول التقييم المرتفع لأسهم الشركات التي ينظر إليها على أنها في وضع يسهل عليها الاستفادة من وضع الاقتصاد الأمريكي كمحرك رئيسي للاقتصاد العالمي. ويقول بول ماركهام مدير شركة نيوتن إنفستمنت لإدارة الأصول التي تدير استثمارات تزيد قيمتها على 4 مليارات دولار: تبدو الأسهم الأوروبية أرخص بالتأكيد من نظيرتها الأمريكية، كما أن المصدرين الأوروبيين في وضع جيد للاستفادة من ارتفاع معدلات النمو والتضخم في الاقتصاد الأمريكي. ورغم انتعاش الأسهم الأوروبية، في ظل موجة نشاط الأسهم الأمريكية، بعد انتخاب ترامب وهو ما عكسته مكاسب يوروستوكس 600 التي بلغت 7%، إلا أن المشاكل السياسية في القارة الأوروبية ألقت بظلالها على أداء الأسهم سريعاً. ولا تزال نتائج الاستفتاء البريطاني والتصويت بالرفض على مشروع إصلاحات ماتيو رينزي في إيطاليا، إضافة إلى الانتخابات المنتظرة خلال الأشهر الأولى من العام المقبل في كل من فرنسا وهولندا، تؤثر في المزاج العام في الأسواق الأوروبية. ويدرك المستثمرون أن الأسهم الأوروبية التي كانت بين الأفضل أداء على مستوى العالم بداية عام 2016، فشلت في الاحتفاظ بزخمها، وبقيت دون الحد المتوقع لأسباب وجيهة. وأهم تلك الأسباب ضعف النمو في أرباح الشركات؛ حيث يرى المحللون أن نجاح تلك الشركات في تحسين مستويات أرباحها كفيل بإعادة الاستثمارات إلى الأسهم الأوروبية، كما أنه يلعب دوراً مهماً في استقرار اليورو. وتحتاج الأسهم الأوروبية لانتعاش أرباح الشركات التي كانت عائداتها بعد الأزمة منخفضة، بما يضمن تجديد جاذبية الأصول الأوروبية في نظر المستثمرين. وتقول كارين أولني المحللة الاستراتيجية في مجموعة يو بي إس، إن عام 2017 قد يشهد عودة أرباح الشركات الأوروبية إلى سابق عهدها. وفي حال تركيز المستثمرين على القطاعات الأكثر عرضة للتضخم، فلا شك أن الشركات الأوروبية ستكون أول المستفيدين، خاصة أن نسبة 40% من حصص المساهمين في الأرباح تأتي من شركات القطاع المالي ومن قطاع الطاقة. وهذان القطاعان هما الأكثر انتفاعاً من ارتفاع معدلات التضخم. وتفيد بيانات حركة صناديق الاستثمار بأن الظروف مواتية جداً لحدوث مثل هذا التحول. وكشف تقرير لبنك يو بي إس عن اتساع الفجوة بين تدفق الاستثمارات على صناديق الاستثمار المدرجة التي تستهدف الأسهم في أوروبا والولايات المتحدة لتصل إلى 145 مليار دولار بعد انتخاب ترامب، صعوداً من 10 مليارات دولار عام 2015. وتشير تلك الأرقام إلى أن عودة المستثمرين الدوليين للاستثمار في أسهم القارة باتت قريبة. وفي هذه الحالة سيكون قطاع الخدمات المالية وقطاع الطاقة في مقدمة المستفيدين من تدفق الاستثمارات على القارة. وقد بدأت أسعار النفط في الانتعاش بعد أول اتفاق بين الدول المنتجة والمصدرة يتم التوصل إليه منذ عام 2015. إلا أن استعادة الثقة بالأسهم قد تستغرق زمناً، خاصة أن الأصول الأوروبية تعاني مشكلة ضعف النمو في الأرباح، كما تواجه احتمالات عدم الاستقرار السياسي خلال عام 2017. ومن غير المرجح أن تحقق الأسهم الأوروبية قفزة نوعية، في ظل بيئة التشاؤم القائمة حول أرباح الشركات، التي تعاني نمطية في إدارتها. وقد تجد حكومات الدول الأوروبية نفسها في حالة عدم ارتياح حيال الموازين الختامية للشركات، وعائداتها المنخفضة التي تؤثر في استقرار الأسواق. إلا أن موجة عدم الاستقرار السياسي التي تنتظر بعض دول القارة قد تنطوي نفسها على فرص غير متوقعة. فمعايير المخاطر سوف تتراجع تباعاً مع مرور الزمن وانقضاء مواقيت الانتخابات المرتقبة، وهو ما يحمس المستثمرين لتحديد مواقفهم مسبقاً؛ رهاناً على جني المكاسب عندما يحين الوقت.

مشاركة :