قام رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس، بزيارة تاريخية لبيرل هاربر في أرخبيل هاواي الذي شهد قبل 75 سنة هجوماً هز الولايات المتحدة ودفعها إلى دخول الحرب العالمية الثانية، من أجل تعزيز ما يسميه «قوة المصالحة». وأتت الزيارة الأولى من نوعها رداً على تلك التي قام بها الرئيس باراك أوباما لهيروشيما في أيار (مايو) الماضي. وعلى غرار أوباما، لم يقدم آبي اعتذاراً عن هجوم بيرل هاربر. < قدم رئيس الوزراء الياباني تعازيه بضحايا هجوم بيرل هاربر الذي شنه طيارون يابانيون على هذا الميناء في العام 1941، ما دفع الولايات المتحدة إلى الدخول في الحرب العالمية الثانية. وتهدف زيارة آبي لبيرل هاربر إلى إظهار قوة التحالف بين بلاده والولايات المتحدة. ورافقه الرئيس الأميركي الذي يقضي عطلته الشتوية حالياً في هاواي حيث ولد وترعرع. وتأتي زيارة آبي للميناء غداة زيارته عدداً من النصب التذكارية في هاواي حيث لم يدل آبي بتصريحات واكتفى بالوقوف في صمت أمام باقة زهور عند المقبرة الوطنية التذكارية بالمحيط الهادي التي تخلد ذكرى من لاقوا حتفهم أثناء الخدمة في الجيش الأميركي. ورافق آبي اثنان من وزراء حكومته وانحنى أمام باقات زهور بيضاء عند نصب حجرية بمقبرة ماكيكي في هونولولو والتي تخلد ذكرى اليابانيين الذين انتقلوا للإقامة في هاواي في القرن التاسع عشر. وتأمل اليابان في إقامة تحالف قوي مع الولايات المتحدة وسط مخاوف في شأن القدرة العسكرية المتنامية للصين. وتراقب طوكيو مجموعة من السفن الحربية الصينية التي دخلت النصف الشمالي من بحر الصين الجنوبي مطلع الأسبوع الحالي. وتأتي زيارة آبي بعد سبعة أشهر من زيارة أوباما التاريخية لمدينة هيروشيما التي أسقطت الولايات المتحدة قنبلة ذرية عليها في آخر أيام الحرب عام 1945. كما تأتي في وقت يدلي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي سيتولى مهامه في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، بتصريحات متناقضة حول توجهاته الديبلوماسية، فيما يريد أوباما وآبي إبراز فرادة التحالف بين واشنطن وطوكيو. وألقى الرئيس الأميركي المنتخب بشكوك حول اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ الذي كان يسعى إليه أوباما وجعله آبي في صلب استراتيجيته الديبلوماسية. وفي إحدى حملاته الانتخابية، وصل ترامب إلى حد المطالبة بإعادة النظر في الضمانات الأمنية الأميركية التي أمنت حماية لليابان خلال الحرب الباردة ولاحقاً في مواجهة صعود الصين. واختار أوباما وآبي هذا الموقع الذي يرتدي رمزية كبرى للاحتفال بالشراكة الأميركية- اليابانية بعد 75 سنة على هجوم بيرل هاربور في 7 كانون الأول (ديسمبر) 1941. والهجوم الياباني على بيرل هاربر تم الإعداد له بسرية تامة لأشهر. واستغرق ساعتين على الأكثر وأسفر عن سقوط 2400 قتيل، وسرع دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. وهذه أول زيارة لرئيس وزراء ياباني إلى نصب «يو أس أس أريزونا» الذي أقيم في بداية ستينات القرن الماضي لتكريم ذكرى 1177 أميركياً سقطوا عندما دمر الطيران الياباني الذي حضر فجأة السفينة الحربية في الهجوم. وتوجه أوباما وآبي بسفينة إلى موقع النصب الذي شيد فوق حطام السفينة. ورأى مراقـــبون أن بــيرل هــاربر وهيروشيما رمزان لحــدثين شكلا بداية ونهاية المواجهة بين الولايات المتحدة واليابان الإمبراطورية. ولا يزال هناك خمسة بحارة فقط على قيد الحياة نجوا من الهجوم على السفينة أريزونا. وقال ستانلي تشانغ (34 سنة) العضو الديموقراطي في مجلس شيوخ ولاية هاواي، إن «شعب الولاية متعدد الإتنيات وهناك جالية يابانية كبيرة». وأضاف: «لا أعتقد أن هناك مشاعر مناهضة لليابانيين بعد 75 سنة على الهجوم». وكان آبي صرح للصحافيين في مطار هانيدا قبيل مغادرته اليابان متوجهاً إلى هــونولولو أن زيارته لبيرل هاربر تهدف إلى «تكريم ضحايا (الهجوم) بصفتي رئيس وزراء اليابان وممثلاً للشعب الياباني». وأضــاف: «علـينا ألا نكرر أبداً فظائع الحرب. مع الرئيس أوباما، أود أن أعبر للعالم عن هذا الالتزام حيال المستقبل وقيمة المصالحة». وأوضح: «آمل في أن تساهم صورة الرئيس أوباما وأنا معاً نزور بيرل هاربر في جعل شعار تذكروا بيرل هاربر يرمز إلى قوة المصالحة». وكان شعار «تذكروا بيرل هاربر» يستخدم سابقاً لإثارة مشاعر العدائية نحو اليابان في صفوف الشعب الأميركي. وقوة المصالحة هذه ظهرت أيضاً في أيار الماضي، حين زار أوباما نصب هيروشيما في اليابان، وأعاد تأكيد دعوته إلى عالم خال من الأسلحة النووية.
مشاركة :