تخيل لو اكتشفت – لا سمح الله - في إحدى مراجعاتك للطبيب أنك مصاب بالسكري أو ارتفاع ضغط الدم من عدة أشهر دون أن تعلم وقد وصل تأثير المضاعفات على وضع متقدم بدأ يسبب خللاً صحياً في جسمك وربما كنت تتناول أغذية لا تصلح لذلك المرض دون أن تدري أو تجنبت أغذية أخرى مهمة للوقاية من تلك المضاعفات. لا تعتقد أن ذلك بعيد الحدوث، فقد أثبتت الأبحاث أن أكثر من نصف المصابين بالسكري وارتفاع الضغط لا يعرفون أنهم مصابون، وتزيد النسبة في أمراض القلب والشرايين والكلى والسل والسرطان. بعض تلك الأمراض تأخذ وقتاً طويلاً نسبياً حتى تصل للمرحلة الأخيرة للمرض وبعضها تتفاقم الحالة الصحية بسرعة تصل إلى أيام معدودة، بعض تلك الأمراض يمكن علاجها أو إيقاف مضاعفاتها، وبعضها تسير في اتجاه واحد فما فقد لا يمكن تعويضه ومثال ذلك الفشل الكلوي، فتفقد الكلى نسبة من وظيفتها دون شعور الشخص بأي علامات مرضية أو أعراض وبمرور الوقت تفقد المزيد من قدرتها في تأدية وظيفتها، وما لم يتم اكتشاف ذلك في وقت مبكر فإن الأمر ينتهي بفقد كل وظيفتها وفشلها. تركيب الإنسان معقد جداً ولكن أضرب مثالاً بسيطاً للتوضيح وليس للمقارنة، عندما تشتري سيارة جديدة فلن تعاني من الأعطال في أول أربع سنوات ولكن بدون أن تعمل لها صيانة دورية لإصلاح اي عطل أو تغيير قطعة قاربت على العطب لانتهاء عمرها الافتراضي، بدون ذلك قد تفاجأ بتعطل سيارتك في وسط الطريق في وقت حرج، عندها ستكون تكلفة وازعاج ذلك العطل وإصلاحه أكبر بكثير من تكاليف الصيانة الدورية، وأجسامنا أحوج للفحص الدوري كلما تقدم بنا العمر. نعم توقف اليوم وافحص صحتك بالذات إذا تجاوزت الأربعين من عمرك، ويتأكد ذلك عندما يكون لديك أو لأحد والديك أو أجدادك سجل مرضي معين أو أنك تعاني من مرض حالي أو كونك عرضة له. وكما صار الفحص الدوري للمركبات إجبارياً نتمنى أن يكون الفحص الدوري الصحي ميسراً ومتطلباً وظيفياً للتعيين والترقيات لما له من أهمية صحية واقتصادية أكبر مما يتصوره الكثيرون. من الأخبار السعيدة توجه وزارة الصحة مؤخراً للاهتمام بالوقاية ضمن خدماتها الصحية وتعزيز دور مراكز الرعاية الصحية الأولية واهتمامها بالتخصصات الوقائية مثل برامج تعزيز الصحة والتغذية العلاجية وصحة الفم والأسنان وغيرها. اقترح على كل من بلغ الأربعين أن يزور المركز الصحي التابع له أو يزور طبيبه لعمل فحص شامل ولو مرة كل عام إن لم يكن عرضة للأمراض المزمنة وكلما تقدم به العمر يكون الفحص كل ستة أشهر.