كثير من الجهات الحكومية والخاصة تعمد إلى وضع إدارة رقابية داخلية تقوم بمراجعة جميع إجراءات وسياسات تلك الجهة، غير أن مرجعية تلك الإدارة غالبًا ما يكون الرئيس التنفيذي لنفس تلك الجهة، ويُعد هذا الأمر في بعض الأحيان خللًا إداريًا، إذ إن تقديم الملاحظات وتوضيح أوجه القصور والخلل من الجهة الرقابية للمسؤول التنفيذي قد لا يساهم في إصلاح الوضع، لأن هذا المسؤول التنفيذي هو مَن ساهم في إيجاد مثل هذا الخلل، وقد لا يقتنع بالقيام بأي توصيات تساهم في الإصلاح. بالأمس نشرت (جريدة عكاظ) خبرًا عن ترؤس أحد الوزراء جهازًا يراقب وزارته، وأشارت إلى أن تلك الجهة الرقابية والتي تؤدي دورًا مهمًا في التأكد من توفر معايير الجودة وضوابطها تتطلب الاستقلالية في المرجعية الإدارية عن الجهات التي تقوم بمراقبتها وتقويمها، وبالتالي فإنه لا يصح لذلك الوزير أن يقوم بالإشراف على ذلك الجهاز، والذي يراقب أداء الوزارة، خصوصًا وأن تفعيل دور الأجهزة الرقابية وتمكينها من أداء دورها على أكمل وجه يتطلب منهجية موحدة لجميع تلك الأجهزة الرقابية، وذلك من خلال ربطها بمجلس الوزراء لدراسة الأنظمة القائمة بحيادية وتقديم المقترحات اللازمة لتعديلها إن لزم الأمر وتطويرها، ووضع السياسات العامة وللجهات الأخرى المشابهة. الجهات الحكومية والخاصة والتي ترغب فعلًا في النجاح هي تلك الجهات التي تحرص على دعم وتطوير الإدارات الرقابية لديها بمختلف أنواعها، لتؤدي دورها بشكل مستقل وبحيادية تامة وبعيدًا عن أي ضغوط مختلفة، هي الجهات التي تعتبر الملاحظات التي تقدم لها من تلك الإدارات الرقابية عبارة عن هدايا قيمة يمكن أن تساهم في التطوير والتحسين، بل وإيجاد الحلول لمشكلات قديمة لم تُحَل، وكشف مكامن الضعف والخلل والفساد لمعالجتها فورًا وتحسينها، فمفهوم الإدارات الرقابية يجب أن تتعامل معه بأنه مفهوم تطوير وتحسين، وليس كما هو متعارف عليه اليوم بأنه مفهوم رصد وتحرٍ وبحث عن مواطن الخلل للتشهير بها، وبيان أخطاء الإدارات الحالية والسابقة. الإدارات الناجحة هي التي تبتهج لوجود الإدارات الرقابية المستقلة، بل تعمل على ما هو أكبر من ذلك لإحضار فرق خارجية تساهم في تقديم المقترحات وتنظر بعينٍ محايدة، وتسعى لأخذ الآراء والمقترحات، وتجعل من كل ملاحظة مشروع تطويري مميَّز يرتقي بأداء المنشأة، ويعمل على تحسين جودة عملها. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :